أكد المهندس وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بأن مصر تتعامل بجدية مع مستقبل الطاقة على مستوى العالم، واضعة نفسها في مصاف الدول الرائدة في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة خلال الأعوام القادمة ، مؤكدا على أن الحديث عن هذا القطاع أصبح ضرورة ملحة تفرضها التحولات العالمية في مجال الطاقة، وليس مجرد خيار.
وخلال مشاركته في منتدى الأعمال المصري الفرنسي اليوم الاثنين، أوضح المهندس وليد أن الحكومة المصرية والمنطقة الاقتصادية تعملان على استقطاب استثمارات واسعة النطاق في صناعات الطاقة الخضراء، وذلك من خلال الاستفادة من الفرص المتاحة.
وأشار إلى أن أبرز هذه الفرص تتمثل في إنتاج الهيدروجين الأخضر لتصديره، إما عبر السفن أو خطوط الأنابيب إلى أوروبا، حيث يُستخدم بشكل رئيسي في توليد الكهرباء وتشغيل القطاعات الصناعية المختلفة.
وأضاف أن مصر تتميز بفرصة فريدة بفضل موقع قناة السويس، أحد أهم المسارات الرئيسية للتجارة البحرية العالمية. هذا الموقع يتيح إمكانية تحويل القناة إلى مركز لتموين السفن بالوقود النظيفة، مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر من 26 ألف سفينة تعبر القناة سنوياً. لذلك، يمثل إنتاج الوقود قرب الممر الملاحي واستخدامه بشكل مباشر في التزود فرصة استراتيجية هامة.
كما أشار إلى أن هناك فرصة ثالثة تتمثل في مساهمة قطاع الطاقة الخضراء بنمو الاقتصاد المحلي. ومن هذا المنطلق، يتعين على المنتجات المصرية مواكبة التطلعات الأوروبية التي تهدف إلى تقليل الانبعاثات، خاصة وأن السوق الأوروبية تشكل نحو 40% من الصادرات المصرية، هذا الأمر يعزز من أهمية التحول التدريجي نحو الطاقة المتجددة خلال العقدين المقبلين.
أما الفرصة الرابعة، فتتعلق باستقطاب الصناعات الجديدة التي تفضل البيئة المعتمدة على الوقود الأخضر بدلاً من الغاز الطبيعي وأنواع الوقود التقليدي الأخرى. ويتيح ذلك لمصر التحول إلى مركز تصنيع وتصدير للمنتجات الخضراء بكفاءة واستدامة أكبر للأسواق العالمية.
وأوضح المهندس وليد أن الفترة الماضية شهدت جهوداً مكثفة من الحكومة والمنطقة الاقتصادية لإنشاء منظومة متكاملة تدعم مشروعات الطاقة المتجددة، تشمل هذه الجهود توفير الأراضي المناسبة لهذه المشروعات في أنحاء متفرقة من الجمهورية، إلى جانب تطوير البنية التحتية داخل المنطقة الاقتصادية باستخدام نموذج المرافق المشتركة، بدلاً من أن يقوم كل مستثمر بإنشاء مرافقه الخاصة مثل خطوط الأنابيب ومحطات التحلية. وتم بالفعل طرح العديد من هذه المشروعات عبر مناقصات عامة.
وأشار أيضاً إلى أنه تم تطوير عدد من الموانئ التابعة للمنطقة الاقتصادية لتصبح مؤهلة لاستقبال الشحنات وتخزينها، بالإضافة إلى ربطها بموانئ أوروبية لتسهيل تصدير المنتجات المصرية.
كما أطلقت الحكومة في فبراير 2024 مجموعة حوافز متكاملة تستهدف منتجي الهيدروجين الأخضر ومطوري البنية التحتية ذات الصلة.
وأشار كذلك إلى نجاح المنطقة الاقتصادية في جذب استثمارات نوعية جديدة تدعم قطاع الطاقة المتجددة. من بين هذه الاستثمارات مصانع لإنتاج الألواح الشمسية وشفرات التوربينات، إلى جانب مصنع متخصص في الزجاج المستخدم بالخلايا الشمسية، بما يشمل استثمارات فرنسية من المقرر بدء تشغيلها قبل نهاية العام الجاري.
وأكد المهندس وليد أن الهيئة تركز عملها حالياً على أربعة محاور رئيسية: تقديم خدمات تموين السفن بالوقود الأخضر، تعزيز البنية التحتية المتكاملة، توفير مصادر الطاقة المتجددة، وجذب الصناعات المرتبطة بهذه المجالات.
وأعرب عن توقعاته بأن يتحول عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الحالية إلى مشروعات فعلية قريباً.
وأوضح أن نجاح هذه المشروعات يتطلب وجود منظومة استثمارية متكاملة تتضمن حوافز متعددة وقدرة على التوسع وضمان الجدوى الاقتصادية، كما أكد على أن استدامة المشروعات تعتمد على تحقيق تخفيض تدريجي في تكاليف الإنتاج مع مرور الوقت.