المناسبات والاحتفالات، هي لحظات معينة في حياة الأفراد والمجتمعات، وتشمل هذه المناسبات مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تختلف في طبيعتها وأهدافها، وتعد جزءًا أساسيًا من الثقافة والتقاليد في كل المجتمعات، وتهدف هذه المناسبات لتقوية الروابط بين الأفراد في المجتمع، وتعزيز التواصل الاجتماعي.
والمصريون عبر العصور كانوا دائماً -وما زالوا- بارعين في تحويل حياتهم ومناسباتهم إلى أجواء من البهجة والفرح.
المصريون القدماء كانوا يحتفلون بالمناسبات الدينية من خلال طقوس ومواكب كبيرة تملأ المعابد والشوارع بالبهجة. كانت الاحتفالات تقام لتكريم الآلهة، مثل عيد "أوبت" الذي كان يُقام في الأقصر تكريمًا للإله آمون، حيث تخرج المواكب من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر وسط احتفالات بالرقص والموسيقى.
أيضًا، كان هناك عيد "الوادي الجميل"، وهو احتفال بالموتى، حيث يزور المصريون قبور أحبائهم ويزينونها بالورود والطعام.
عيد الوادي الجميل كان من أهم الأعياد الدينية عند المصريين القدماء، وكان يُحتفل به في طيبة (الأقصر حاليًا) تكريمًا للموتى ولإعادة التواصل بين الأحياء وأرواح الأجداد.
كان المصريون يخرجون في مواكب احتفالية تحمل تماثيل الآلهة، وخاصة آمون، عبر نهر النيل إلى الضفة الغربية، حيث المقابر والمعابد الجنائزية. خلال هذا العيد، كانت العائلات تزور قبور أقاربهم، وتُقدم القرابين مثل الزهور والطعام، وتضيء المشاعل تعبيرًا عن استمرار الحياة بعد الموت.
الاحتفال كان يمتزج بالطقوس الدينية والبهجة، حيث كانت الموسيقى، والرقص، والولائم جزءًا أساسيًا منه، مما يجعله يشبه "عيدًا للأموات" ولكن بروح احتفالية مشرقة.
ومن مظاهر الاحتفال، خروج موكب الآلهة، وخاصة آمون، عبر نهر النيل إلى الضفة الغربية، حيث المقابر والمعابد الجنائزية.
زيارة العائلات لمقابر أحبائهم، وتقديم القرابين مثل الزهور والطعام والمشاعل، وإقامة الولائم والاحتفالات التي تشمل الموسيقى والرقص، مما جعل العيد مزيجًا من الطقوس الدينية والفرح الشعبي.
أما عيد "الشمس المشرقة"، فكان مخصصًا لعبادة رع، ويقام عند شروق الشمس في معابد مثل أبو سمبل.
وكانت الموسيقى، الطبول، القرابين، والولائم جزءًا أساسيًا من هذه الاحتفالات، مما جعلها لحظات مميزة تجمع بين الطقوس الدينية والفرح الشعبي.
ومن أعياد المصريون القدماء عيد "شم النسيم" وكانوا يحتفلون به بطريقة مميزة مليئة بالبهجة والطقوس التقليدية.
يُعد هذا العيد من أقدم الأعياد المصرية، حيث تعود جذوره إلى العصر الفرعوني، منذ ما يقرب من خمسة آلاف عام، وترجع تسمية "شم النسيم"، بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهي كلمة هيروغليفية قديمة تعني عيد الخلق، أو بعث الحياة.
وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة، وقد تعرض الاسم للتحريف على مر العصور، وأضيف إليه كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، في هذا اليوم يخرج المصريون إلى الحدائق والمتنزهات لقضاء الوقت في الهواء الطلق للاستمتاع بجمال الطبيعة، والأطعمة التقليدية تلعب دورًا كبيرًا في الاحتفال، وأشهرها الفسيخ (السمك المملح)، الرنجة، البيض الملون، البصل، والخس. تلوين البيض عادة قديمة ترمز للتجدد والحياة.
كما تشهد الشوارع والميادين أجواءً احتفالية، حيث يمرح الأطفال ويلعبون، ويستمتع الكبار بالجلسات العائلية والنزهات، والأغاني، والضحك، والموسيقى الشعبية تكمل مشهد الاحتفال، مما يجعل اليوم مليئًا بالحياة والفرح، وغالبًا ما يكون اليوم فرصة للراحة والتنزه بعد الاحتفالات بعيد الفصح لدى المسيحيين.
مع دخول الإسلام، تطورت الاحتفالات، وظهر الاحتفال بـ"شهر رمضان" المبارك بمظاهر الفوانيس ومدفع الإفطار، وشهر رمضان مليء بالأجواء الروحانية، والزينة، والفوانيس، وموائد الإفطار الجماعية.
وكذلك الموالد ازدهرت الاحتفالات "بالمولد النبوي الشريف" وأكل الحلوى، كما امتازت بالاحتفالات الشعبية والأناشيد ومدح الرسول صلى الله عليه وسلم.
المصريون يحتفلون بالمناسبات بطرق مليئة بالبهجة والروح الاجتماعية، سواء كانت أعياد دينية، وطنية، أو اجتماعية. في الأعياد مثل عيد الفطر، وعيد الأضحى، يجتمعون مع العائلة، يتبادلون الزيارات، ويأكلون الكحك واللحوم. حتى الأفراح والمناسبات العائلية تكون مليئة بالرقص، الأغاني، والطعام اللذيذ. المصريون دائماً يعرفون كيف يجعلون أي مناسبة مليئة بالحياة والفرح.
أما في العصر الحديث، المصريون يحتفلون بالمناسبات الوطنية والأعياد الاجتماعية، كالأفراح، والمواليد، بطرق تجمع بين التراث والحداثة.
ومن الأعياد التي يتميز بها المصريون، الاحتفال بـ عيد الأم، وهو عيد يحتفل به المصريون يوم 21 مارس من كل عام، وترجع قصة العيد في مصر إلى كل من الكاتب الراحل علي أمين، ومصطفى أمين، حيث دعا من خلال زاويته الصحفية اليومية "فكرة" إلى تخصيص يوم الاحتفال بالأم، وترجع قصة العيد إلى زيارة قامت بها إحدى الأمهات للراحل مصطفى أمين في مكتبه وقصت عليه قصتها وكيف أنها ترملت وأولادها صغار، ولم تتزوج، وكرست حياتها من أجل أولادها، وظلت ترعاهم حتى تخرجوا في الجامعة، وتزوجوا، واستقلوا بحياتهم، وانصرفوا عنها تماما، وأمام هذا الموقف المحزن، قال مصطفى أمين لما لا نتفق على يوم من أيام السنة نطلق عليه "يوم الأم" وتم الاتفاق على أن يكون يوم 21 مارس هو يوم لرد الجميل للأمهات بتقديم الهدايا، ويرسلون للأمهات خطابات صغيرة يقولون فيها شكرا يا أمي، وتعامل الأم كأنها ملكة في هذا اليوم.
ومن هنا استطاع المصريون أن يجعلوا من المحنة منحة وعيدا سنويا مبهجا للأم وللأسرة كاملة، في أجواء عائلية دافئة، هكذا يخلق المصريون من الأوقات الصعبة الفرح والسرور، ويجدون طريقة للاحتفال بالحياة في كل المناسبات.
ومعظم المناسبات لا تخلو من الأغاني، والزينة، والولائم، سواء في الأفراح أو الأعياد. حتى في الأوقات الصعبة، تجد المصريين يستخدمون النكتة والضحك والحس الفكاهي كوسيلة لمقاومة الحزن وتحويل المواقف إلى لحظات بهجة وسرور.
المصريون دائماً عرفوا كيف يحولون حياتهم ومناسباتهم إلى أجواء من الفرح والسعادة، مهما كانت الظروف. عبر العصور، ابتكروا طرقاً للاحتفال تعبّر عن حبهم للحياة وروحهم المرحة.
المصريون اكتسبوا روحهم المرحة من تاريخهم الطويل، وثقافتهم العريقة، التي تعكس حبهم للحياة، رغم التحديات.
طبيعة مصر نفسها، بمناخها المعتدل، ونيلها الذي منحهم الخير، ساعدت في تكوين شخصية متفائلة تحب الضحك والاستمتاع بالحياة.
منذ القدم، كان المصريون القدماء يعبرون عن الفرح بالموسيقى، الرقص، والنكتة، حتى في المعابد والنقوش. كما أن الفولكلور الشعبي والمسرح والفوازير عززت هذه الروح المرحة على مر العصور. حتى في الأزمات، تجد المصريين يواجهونها بالسخرية والضحك، مما يجعلهم قادرين على التكيف مع أي ظرف.