الإثنين 14 ابريل 2025

مقالات

اطمئنوا

  • 8-4-2025 | 20:18
طباعة

ندرك جميعًا أن أسباب القلق في المشهد الإقليمي كثيرة، وليس من الحكمة في شئ أن يخلد أينا إلى الاطمئنان، فلا حدود لعدوانية إسرائيل، ولا ثوابت كلاسيكية تحكم مواقف وسلوك الفاعلين الدوليين وخاصة الفاعل الأهم "الولايات المتحدة الأمريكية"، وإن نظرنا حولنا، لن نجد درجة الاستقرار العربي مبشرة، وكذلك حدود الالتئام في الصف، فلسطينيًا وعربيًا.

ورغم كل هذه المتغيرات، أطلق دعوتي للاطمئنان ولدى درجة كافية من الثقة، ولا أستند هنا إلى كلمات إشادة أو مدح لطرف أو آخر في المعادلة الوطنية أو الإقليمية، بقدر ما أستند إلى عناصر محددة أجملها وأطرحها للنقاش وأهمها:-

1-وجود درجة من القلق على النحو، هي قي ذاتها مؤشر يدعو للاطمئنان، إذ تجسد قلقًا وطنيًا، ويقينًا بأن الذات والوطن كيان واحد، وهذه الحالة لمن يعلم مفتقدة لدى بلدان أخرى.

2-أن مصر لم تستدرج خارج حدودها، رغم وجود أسباب عدة، أحدها على الأقل كان كافيًا للإقدام على عمل عسكري في التعامل معه، ورأينا حرصًا -أوصل بعضًا أو كثيرًا منا إلى حد ضيق- على عدم اللجوء للاختيار العسكري.

3-من يتابع تفاصيل الموقف المصري في التعامل مع إسرائيل، يعكس درجة عالية من النضج الدبلوماسي، والاستثمار لما تراكم من آليات عبر عقود، من استقالات رجال في عصر الرئيس السادات إلى  تفاهم وتفاوض من خلفوهم، إلى معارك قانونية لاحقًا، وصولًا ما تلاها من صفحات.. فكان هذا التراكم كافيًا لخلق ما نحن عليه الآن من إدارة كفء للعلاقة مع تل أبيب.

4-دور العنصر القيادي في إدارة العلاقات الخارجية بكامل تفاصيلها، سلمًا وحربًا، تعاونًا وصراعًا، وهنا لا نذهب إلى المجاملة والمدح، قدر ذهابنا إلى التقييم الموضوعي، لنجد أن بمصر رئيسًا له طريقته الخاصة في إدارة العلاقات الخارجية، فلم نر منه اصطفافًا خلف فاعل دولي بعينه مهما كان وزنه، ولم نر منه عنتريات أو نيلًا من قيمة فاعل إقليمي أو عالمي، وإنما رأينا منذ الأيام الأولى لتوليه المسئولية رغبة في تقوية الصف العربي، حتى نادى قوة عربية مشتركة ضمن أول نداءاته، ورأينا بناء صداقات وتنويعًا في العلاقات جعل الصين وروسيا أصدقاء في وقت تتسم العلاقات مع واشنطن بالاستمرارية في تميزها.

5-مصر نقطة ارتكاز أولى في مواجهة مخطط إسرائيل العدواني، فهي والأردن رأس حربة المواجهة ضد مخطط التهجير، وهي من يتسق قولها المعلن تجاه فلسطين مع موقفها داخل الغرف المعلقة، بل ومع فعلها على الأرض.. وهذا جعل المصريين في حالة اصطفاف حقيقي خلف قيادتهم ومؤسساتهم، وهذه حقيقة لا مجرد بوست ننشره على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا لا ينفي سيادة التطلعات لمزيد من دعم الأخوة الفلسطينيين.

6- في هذا العامل قد ألجأ فيه إلى مشاعري أكثر من الواقعية في التحليل وفيه أنني ممن يثقون في محيطهم العربي، حتى وإن بدا ظاهر الأمور مدعاة للقلق، فأنا أثق في الأشقاء بالخليج أنهم متى جد الجد سيكونون عونًا لإخوانهم في أرض الكنانة، وأثق في أن مصر وشأنها أولوية لدى أشقائنا في المغرب العربي وليبيا بشرقها وغربها.. وبطبيعة الحال أبناء النيل جنوبُا هم على قلب واحد مع أشقائهم في شمال الوادي.

هذه بعض من عناصر تدعونا لأن نكرر دعوتنا للهدوء والاطمئنان والثقة بأن قرار مصر يتحرك على ثلاثية الحفاظ على الذات الوطنية والدعم لفلسطين والانحياز لمبادئ القانون الدولي والقيم الإنسانية... رغم إدراكنا أن العمل وفق هذه الثلاثية أمر ليس بالهين في ظل منظومة دولية باتت محل شك.

حفظ الله فلسطين، حفظ الله مصر قوة لذاتها سندًا لأمتها ملهمة للخير في عالمها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة