تجمع مصر علاقات وثيقة مع دول الخليج العربي إلى درجة توصف بالأخوية، حتى باتت المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية بينهما مصالح استراتيجية مشتركة لا تتجرأ على الانفصال، ما يعكس عمق الروابط التي تجمع بين الطرفين وضرورة العمل على تعميق مسارات التعاون الثنائي.
وقد أصبحت مصر، إلى جانب دول الخليج العربي، خلال الفترة الماضية، ركيزة الاستقرار في العالم العربي والشرق الأوسط، في ضوء التطورات المتلاحقة التي تمر بها منطقتنا، لا سيما في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر 2023.
وفي هذا السياق، يتوجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، إلى العاصمة القطرية الدوحة، في مستهل جولة خليجية تشمل دولتي قطر والكويت، حيث تأتي هذه الزيارة تأكيدًا على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، وحرصهما المشترك على توسيع آفاق التعاون الاقتصادي والاستثماري.
العلاقات المصرية - القطرية
وتاريخيًا، جمعت مصر بقطر علاقات وثيقة تستند على جوانب عديدة منها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، حرصا البلدان على العمل على توثيقها على مدار العقود الماضية.
وقد بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وقطر بعد حصول الأخيرة على استقلالها من الاستعمار البريطاني في عام 1971، حيث تم إيفاد أول سفير مصري إلى الدوحة في العام التالي، بينما قدّم أول سفير قطري أوراق اعتماده لدي القاهرة في العام ذاته.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة بوتيرة طيبة، من حيث تبادل للزيارات واستئناف لأطر التعاون المشترك لتعزيز العلاقات الثنائية، بما يخدم تطلعات الدولتين، خاصةً في ضوء الدور الاستراتيجي والمحوري الذي تقوم به مصر في سبيل ترسيخ الأمن والاستقرار والتنمية على الصعيد الإقليمي وفي إطار الدفاع عن قضايا الأمة العربية.
وفي الفترة الأخيرة كذلك، برزت مصر وقطر على الساحة الإقليمية كطرفين مؤثرين، لا سيما فيما يتعلق بالعمل على إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث يتوسط البلدان منذ أكثر من عام للعمل على تحقيق وقف إطلاق نار دائم وشامل هناك.
وباتت الجهود المصرية القطرية التي أسفرت عن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في يناير الماضي، محط إشادة من العالم بأكمله، لما كان لها من دور في الحفاظ على الاستقرار في الشرق الأوسط.
وفي الأثناء، يواصل البلدان جهودهما الحثيثة للعمل على إعادة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، الذي تنصلت منه إسرائيل في الـ18 من مارس الماضي، حيث إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الحالية إلى قطر تأتي ضمن أجندتها مناقشة الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويؤكد الجانبان في هذا السياق على أهمية استمرار التشاور من أجل وقف التصعيد الراهن للحد من معاناة المدنيين وحقناً لدماء الشعب الفلسطيني الشقيق، وصولاً إلى إقامة دولته المستقلة وفقاً لمرجعيات الشرعية الدولية وتحقيق السلام العادل في المنطقة.
ومن جانبها، تعرب قطر عن تقديرها للدور المهم والريادي الذي تلعبه الدولة المصرية في محيطيها العالمي والإقليمي، في ضوء التطورات الحالية التي يشهدها الإقليم.
وتؤكد كذلك على أهمية التعاون المصري - القطري المشترك، وتكاتف البلدين الشقيقين في مواجهة التطورات الإقليمية الحالية، مشددة على حرصها على استمرار فتح قنوات اتصال دائمة مع الدولة المصرية.
العلاقات المصرية - الكويتية
تجمع مصر والكويت علاقات أخوية، حيث يحرص البلدان على تأكيد دعمهما للآخر سواء فيما يتعلق بالقضايا الداخلية أو الخارجية.
وقد تأسست العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر والكويت عقب إعلان استقلال الكويت رسميًا عام 1961، وأخذت العلاقات بين الجانبين في التنامي المطرد، حيث جرى تبادل السفراء، ويتم التنسيق السياسي بين البلدين الشقيقين على أعلى المستويات.
وفي الفترة الأخيرة، شهدت العلاقات المصرية الكويتية زخمًا كبيرًا، حيث جاءت زيارات الرئيس السيسي إلى الكويت للنهوض بالتعاون الثنائي في كافة مجالات العمل المشترك، وتعزيز علاقات التعاون التاريخية الراسخة والمتنامية بين البلدين والشعبين الشقيقين في مختلف المجالات الحيوية، إيمانًا بوحدة الهدف والمصير والتطلع إلى مستقبل مزدهر.
ويحرص البلدان على التنسيق الوثيق بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، حيث تتوافق رؤيتهما على ضرورة تغليب ثقافة السلام والحوار والتسوية الدبلوماسية للنزاعات والخلافات في منطقة الشرق الأوسط، في سبيل تحقيق التنمية والتعايش السلمي بين دوله، بما يتسق مع قيم التسامح واحترام سيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
كما يحرص البلدان على تبادل الدعم في المحافل الدولية المختلفة، والذي يُمثل ركنًا هامًا لدفع المصالح المُشتركة، ومن ذلك تأييد دولة الكويت لترشيح الدكتور خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، وكذا تأييد مصر لترشح الكويت لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن الفترة من 2024-2026.
ومن جانبها، تعرب الكويت عن تقديرها لدور مصر التاريخي في دعم دولة الكويت على مختلف الأصعدة، ولما كان لها من دور في تحقيق نهضتها.
وفي سياق دعمها لمصر، أكدت الكويت دعمها الكامل للأمن المائي المصري باعتباره جزءًا لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، كما شددت على رفضها التام لأي عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر في مياه النيل، والتضامن معها في اتخاذ ما تراه من إجراءات لحماية أمنها ومصالحها المائية، في إشارة منها لملف سد النهضة.
كما دعمت مصر، استكمال ترسيم الحدود البحرية الكويتية العراقية لما بعد العلامة البحرية ١٦٢ وفقًا لقواعد القانون الدولي، حيث أكدت على وجوب احترام سيادة دولة الكويت على إقليمها البري والبحري وفقًا لما ورد في قرار مجلس الامن رقم ٨٣٣ لعام ۱۹۹۳.