الأحد 4 مايو 2025

سيدتي

شم النسيم.. حكاية أقدم عيد مصري على مر العصور

  • 21-4-2025 | 10:50

شم النسيم

طباعة
  • فاطمة الحسيني

نحتفل اليوم بعيد «شم النسيم»، أحد أقدم الأعياد التي يحتفل بها المصريون منذ آلاف السنين، بداية من عصور الفراعنة وحتى وقتنا الحاضر، وهو ليس مجرد مناسبة اجتماعية، بل يمثل جزء من التقاليد والعادات التي ارتبطت ببداية موسم الحصاد عند المصريين القدماء، ولا تزال حاضرة حتى اليوم، وأبرزها تناول البيض الملون، والفسيخ، والبصل، والخس، والخروج إلى الطبيعة للاحتفال بحلول الربيع، ولذلك نستعرض في السطور التالية أهم تلك الطقوس على مر العصور:

في الحضارة المصرية القديمة:

قسم المصريون القدماء سنتهم إلى ثلاثة فصول رئيسية، الفيضان، الإنبات، والحصاد، وكان الانتقال من موسم الإنبات إلى موسم الحصاد حدثًا عظيمًا، يبعث الفرح والبهجة مع نضج المحاصيل، فأطلقوا عليه اسم "شوم إن سيم"، أي "تحاريق الزرع"، وهو وصف دقيق لتحول القمح الأخضر إلى اللون الأصفر الذهبي، وكان الاحتفال يبدأ بنهاية أبريل ويستمر حتى بداية يوليو، بالتزامن مع نهاية موسم الزراعة وقدوم موسم الفيضان، وخلال هذه الفترة، كان الملك يخرج في موكب احتفالي مع تماثيل الآلهة، ليجوب الأراضي الزراعية، ويقوم بحصاد أول الثمار وتقديمها للآلهة طلبًا للبركة.

في العصر الروماني:

عند دخول الرومان مصر، صادف عيد "شم النسيم" موعد احتفالهم بعيد الربيع، الذي يقام في أوروبا مع نهاية الشتاء، وبمرور الزمن، اندمج عيد الحصاد المصري مع عيد الربيع الروماني، ليتحول إلى مناسبة للاحتفال بالطبيعة والخصوبة وتجدد الحياة.

عند اليهود:

يرتبط عيد "شم النسيم" كذلك بتاريخ خروج بني إسرائيل من مصر، إذ نقل اليهود عيد المصريين القدماء وسموه "عيد الفصح"، الذي وافق موعد خروجهم بقيادة النبي موسى عليه السلام، ومع مرور الزمن، ارتبط عيد الفصح أيضًا بالمسيحية، ليقع في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، ويصبح "شم النسيم" عادة متوارثة بين المصريين باختلاف دياناتهم.

في العهد المسيحي:

عندما دخلت المسيحية إلى مصر، جاء عيد شم النسيم خلال فترة الصيام الكبير، مما حال دون الاحتفال به في موعده، فقام المصريون بترحيله إلى اليوم التالي لعيد القيامة، ومع دخول العرب إلى مصر، تحورت الكلمة الفرعونية "شوم إن سيم" لتأخذ شكلها الحالي "شم النسيم".

شم النسيم في الإسلام:

أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة أن شم النسيم عادة مصرية قديمة ومناسبة اجتماعية، لا ترتبط بأي معتقد ديني يخالف الشريعة الإسلامية. بل إن ما يحدث فيه من مظاهر الترويح، وصلة الأرحام، وزيارة الحدائق والمنتزهات، وتناول البيض والأسماك، هو من الأمور المباحة شرعًا، وأشارت الفتوى إلى أن الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه، والي مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كان يحث الناس على الخروج إلى الطبيعة مع بداية الربيع، كما جاء في بعض الكتب التاريخية كـ"فتوح مصر والمغرب" لابن عبد الحكم و"فضائل مصر" لابن زولاق.