يحل اليوم الاثنين، ذكرى رحيل أحد أعمدة الموسيقى والطرب الأصيل في العالم العربي، الفنان الكبير سيد مكاوي، الذي ترك بصمة لا تنسى في وجدان الجمهور العربي بصوته المميز، وألحانه المتفردة، استطاع أن يصنع مدرسة فنية قائمة بذاتها، تمزج بين الطرب الشعبي والأصيل بروح عصرية متجددة، لم يكن سيد مكاوي مجرد ملحن أو مطرب، بل كان رمزا للفن الصادق، وأحد أبرز من أثروا في الأغنية العربية خلال القرن العشرين،ما زالت أعماله الخالدة خالدة فى أذهان الجمهور.
ولد شيخ الملحنين سيد مكاوي في حي الناصرية بالسيدة زينب في شهر مايو من عام 1928 لأسرة شعبية وفقد بصره وهو في الثانية من عمره ولم تستطع الأسرة إنقاذه لضيق ذات اليد ما جعلها توجه نشاطه إلى حفظ القرآن وإتقان الإنشاد الديني.
ساعدته والدته في تنمية موهبته على الرغم من عدم تعليمها إلا أنها كانت تمتلك حاسة فنية وتذوقا رفيعا فقد توسمت فيه فنانا واعدا ما جعلها تشتري له أسطوانات لكبار المطربين آنذاك من بائع الروبابيكا وذلك لرخص ثمنها حيث كانت الحالة الاجتماعية لا تسمح بغير ذلك.
في بداية الخمسينيات من القرن الماضي اعتمد سيد مكاوي كمطرب في غناء التراث بالموسيقي الشرقية وفي منتصف الخمسينيات اعتمدته الإذاعة المصرية كملحن إلى جانب كونه مطربا للأغاني الدينية.
ذاع صيته وأصبح اسمه يتردد بين كبار المؤلفين وكتاب الأغاني ليقوم بتلحين أغنية لعبد المطلب "اسأل مرة عليا" ثم تلتها اغنية "مبروك عليك يا معجباني ياغالي" لشريفة فاضل لتكون هذه الخطوة علامة فارقة في حياة ومشوار مكاوي الفني.
كان له الفضل الأول في تأسيس وإرساء فكرة وضع مقدمات غنائية للمسلسلات الإذاعية والتليفزيونية وبالتالي أسند اليه وضع تصور لهذه الفكرة حتى قدم عشرات المقدمات لمسلسلات شهيرة مثل "شنطة حمزة رضا بوند وعمارة شطارة".
كان سيد مكاوي رقيق القلب، حنونا مع عائلته، وخاصة مع زوجته التي كانت تعمل وكيلة وزارة في مجلس الشعب، وكان يفاخر بها دائما ويعتبرها صاحبة فضل عليه، كما كان حنونا مع بناته، يعاقبهن بأسلوب خاص دون دلع، محافظا على تربيتهم بقوة وحب، وكان يرفض الجلوس بوضعية قدميه فوق بعضهما في الحفلات، احتراما للآخرين من الجمهور.
قدم العديد من الأعمال الخالدة مثل أوبريت "الليلة الكبيرة" الذي يعد من أشهر أعمال المسرح الغنائي، ولحن لأم كلثوم أغنية "يا مسهرني" عام 1973، وقدم العديد من الأغاني التي حملت روح الفرح والبهجة مثل "أوقاتي بتحلو" و"يا حلاوة الدنيا"، كما تعاون مع كبار الشعراء والملحنين والمطربين في مصر والعالم العربي، ورحل عن عالمنا في 21 أبريل 1997 عن عمر يناهز 68 عاما.