في اليوم العالمي للكتاب، تتفتح الصفحات أمامنا لتروي حكايات سردها الأدباء، الذين صنعوا بأقلامهم تاريخ جيل كامل، ونرى ذلك في سطورعميد الأدب العربي، الذي ركز على حقوق الفقراء وقضايا العدل الاجتماعي، وصولًا لصاحب الحارة المصرية، الذي التقط تفاصيل الناس الصغيرة ليصنع بها ملحمة إنسانية، ثم نتوقف هنا ليوسف إدريس، الذي كتب عن المهمشين بواقعية دامية، وتوفيق الحكيم التي جسدت أعماله الواقع الريفي وحياة الفلاحين في مصر، وغيرهم من الذين لم يقدّموا كتبًا فقط، بل قدّموا لنا أنفسنا، أعادوا تعريف ملامحنا، وجعلوا من اللغة بيتًا نلجأ إليه كلما ضاقت بنا الحياة.
طه حسين
تناول في أعماله النهضة والتنوير، وأعاد طرح أسئلة العقل والنهضة، كان قريبًا من الناس من خلال سرده لسيرته الذاتية في الأيام بصدق، وفي مستقبل الثقافة في مصر وضع مشروعًا للتنوير لم تفقده الأيام بريقه، كما اهتم بدفاعه عن التعليم وحق المرأة، وكان قريب من الفقراء وتحدث عن حقوقهم ومعانتهم، وركز على قضايا العدل الاجتماعي، من خلال تميز شخصيته الأدبية التي تغوص داخل النفس البشرية وتعبر عما يعتريه بداخله.
توفيق الحكيم
خاض توفيق الحكيم، مغامرة المزج بين الفلسفة والمسرح، وكان قريبًا من أهل الريف من خلال مؤلفه يوميات نائب في الأرياف من أشهر روايات الأدب العربي الحديث، جسدت الواقع الريفي وحياة الفلاحين في مصر، في النصف الأول من القرن العشرين، وما يتعرضون له من ظلم وإهمال في ظل الجهل والفقر والمرض.
لطيفة الزيات
لطيفة الزيات، الكاتبة والمناضلة، التي طرحت في الباب المفتوح قضية تحرر المرأة، وما كانت تتعرض له في ذلك الوقت من تبديد لحريتها ومنعها من الحصول على حقوقها في المشاركة في التعليم والحياة والسياية وغيرهم، دخلت في قلب وعقل كل مرأة لتدافع عنها، وتعبر عما يعتريها من مشاعر مكبوتة، حتى فتحت الباب لكل فتاة لتنال حريتها.
نجيب محفوظ
صاحب موسوعة أدبية المليئة بتناوله معظم القضايا المهمة، من خلال اهتمامه بالحق والانسانية، واهتمامه وتركيزة على الحارة المصرية، تناول أدق التفاصيل التي كانوا يعيشونها إنذاك، وظهر ذلك في ثلاثيته بين القصرين وقصر الشوق والسكرية، حيث صوّر صراع الأجيال، وتحولات المجتمع، والأسئلة الوجودية في ظل التغير السياسي والاجتماعي.
يوسف السباعي
الكاتب الرومانسي الذي لامس القلوب، ولامس مشاعر القراء في أعمال مثل رد قلبي ونائب عزرائيل، ولكن لم يمنعه ذلك عن الطرح الاجتماعي والوطني في قالب أدبي بسيط ومؤثر.
يوسف إدريس
طبيب الجسد والروح، تحدث عن المعاناة في الواقع الاجتماعي والاقتصادي، ووالفقر، والقمع، بأسلوب أقرب إلى الجرح المكشوف، في الحرام والعسكري الأسود وغيرهما، كان الصوت الصريح للطبقات المهمشة من طبقات المجتمع.
عبد الرحمن الشرقاوي
شاعر الأرض والثورة، الذي قدّم في الأرض أبلغ ما كُتب عن الفلاح المصري، وفي الحسين ثائرًا والشخصيات الإسلامية ربط التاريخ بالراهن، والروح بالمقاومة، كما تأثر بالحياة الريفية فاتخذ من القرية المصرية مصدر إلهامه، وظهر ذلك بوضوح في روايته الأولى الأرض التي تعد أول تجسيد واقعي في الإبداع الأدبي العربي الحديث.
كل هؤلاء الكتاب وغيرهم لم يقدموا لنا مجرد سطور وكلمات بل قدموا انفسنا من خلال تعمقهم داخل جميع الأنفس، من مخاطبة المرأة والفقر والتعليم والحياة المعيشية والاستعمار والتحرر، كان هم الصوت والكلمة والحق، أعادوا تشكيل ملامحنا وملامح جيل بأكمله، وجعلوا من مؤلفاتهم بيتًا نلجأ له كلما اشتد الضيق والحزن، ليتركونا نسبح بخيالنا ونعش أحلامنا معهم.