الإثنين 28 ابريل 2025

مقالات

ماذا بعد تفتت حركة التجارة العالمية؟!

  • 27-4-2025 | 10:34
طباعة

تتضافر وبقوة الرؤى الوطنية مع التوجهات الإقليمية والدولية في توصية محافظ البنك المركزي في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين بواشنطن بضرورة تعظيم الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ما يعكس استراتيجية مصر حين أنشأت القاهرة الأطر التشريعية والمؤسسية والنافذة الواحدة الجمركية وبدأت إصدار شهادات المنشأ الرقمية وبناء القدرات ودعم سلاسل القيمة عبر المناطق اللوجستية العابرة للحدود ومن هنا يأتي تأكيد مصر خلال اجتماعات واشنطن على أن استخدام آليات AfCFTA هو السبيل الأمثل للتخفيف من مخاطر تعطيل سلاسل الإمداد وتراجع الاستثمار الأجنبي فضلاً عن تصديها لتقلبات أسعار الصرف وتباطؤ نمو الاقتصاد العالمي.

كما يتوازى طرح المحافظ لأفكاره حول زيادة المشروعات الإفريقية القابلة للتمويل وتشجيع رأس المال المختلط وإعادة توجيه حقوق السحب الخاصة مع جهود مصر في تبني شراكات القطاعين العام والخاص وتمويل مشاريع البنية التحتية عبر آليات مبتكرة PPPs وصكوك التنمية ما يعزز قدرة القارة على بناء بنية تحتية قوية وتنويع اقتصاداتها بما يحقق التكامل الإقليمي المنشود وبهذه الطريقة لا تقتصر مساهمات مصر على الإجراءات التقنية والتشريعية داخل حدودها بل تمتد لتشكل جزءا فاعلا من حوار سياسات عالمي تؤكد فيه مصر أن الطريق نحو صمود أفريقيا أمام التقلبات الدولية يمر حتما عبر تنشيط AfCFTA وبناء شراكات تمويلية مبتكرة.

وفي إطار الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA) بذلت مصر عدداً من الجهود على المستويات التشريعية والمؤسسية والتقنية والتدريبية بدءا من المصادقة على نص الاتفاقية في 2019 ثم أودعت صك التصديق لدى مفوضية الاتحاد الإفريقي ما جعلها في المرتبة الثامنة عشرة بين الدول المودعة لصكوك التصديق كما أنشئت لجنة وطنية عليا لتنفيذ AfCFTA تضم جميع الجهات الحكومية المعنية وزارات التجارة والصناعة والنقل والمالية والجهات الرقابية بهدف تنسيق السياسات الوطنية مع متطلبات الاتفاقية لتعمل اللجنة الوطنية بالتنسيق مع آلية "لجنة تسهيل التجارة الوطنية" (NTFC) التي أقرت بموجب قرار وزاري رقم 183 لسنة 2011 وقد حصلت هذه اللجنة على أداة "متعقب الإصلاحات" الرقمي من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) لتعزيز متابعة الإصلاحات الجمركية وتنسيق عمل الأجهزة الحدودية.

وأصدرت الحكومة قانون رقم 207 لسنة 2020 الذي أدخل آلية "النافذة الواحدة" للتخليص الجمركي ما سمح بإنجاز جميع الإجراءات استيراد أو تصدير أو عبور إلكترونياً عبر منصة موحدة وتخفيف الأعباء عن التجار والمحافظة على سرعة انسياب البضائع وتم تحديث نظام الجمارك ليشمل برامج "المشغل الاقتصادي المصرح" "AEO" وتبني استرداد الرسوم الآلي لمواد الإنتاج المصدرة زتوالت الجهود بإطلاق الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات نموذجا خاصا بشهادة منشأ AfCFTA وفقا لبروتوكول قواعد المنشأ بالاتفاقية مع استعداد لإصدارها إلكترونيا ضمن الإطار القاري الموحد لشهادات المنشأ ونظمت وزارة التجارة والصناعة وهيئة تنمية الصادرات برامج تدريبية وورش عمل للمصدرين والمستوردين لتعريفهم بقواعد وأحكام AfCFTA ومتابعة التغيرات الدورية في التعريفات واللوائح كما أطلقت جمعية المصدرين المصريين ومراكز خدمة المستثمرين نشرات واستشارات فنية مجانية لدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتأهيلها للخوض في الأسواق الإفريقية.

وقد أبرمت مصر مذكرات تفاهم ثنائية مع دول الجوار ليبيا والسودان ومشاركة في منتديات إقليمية  لتنسيق تدابير العبور الحدودي وتوحيد الإجراءات بين أجهزة الدول المتجاورة ما يعزز مبدأ "الممرات اللوجستية" العابرة للحدود واستهدفت مصر من خلال هذه الجهود المتكاملة تعظيم فوائد AfCFTA في تعميق التكامل الإقليمي وتنشيط الصادرات المصرية للأسواق الإفريقية والحد من آثار تفتت حركة التجارة العالمية على قطاعي الصناعة والتجارة لديها.

وفي ضوء ما تم استعراضه من جهود مصر التشريعية والمؤسسية والتقنية الهادفة إلى تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية وما طرحه محافظ البنك المركزي في اجتماعات الربيع لمجموعة العشرين من رؤى لتعميق تكامل القارة عبر تسهيل التجارة وتمويل البنية التحتية وتشجيع الشراكات المبتكرة يتجلى التزام مصر بدفع مسار التنمية الإفريقية المشترك وإن تضافر الإصلاحات الوطنية مع المبادرات التمويلية متعددة الأطراف والخاصة سيعزز من قدرة الدول الإفريقية على صمود سلاسل الإمداد وتنمية الصادرات كما سيدعم جذب رأس المال الخاص إلى مشاريع حيوية عبر القارة.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة