الثلاثاء 29 ابريل 2025

تحقيقات

مقارنة بين قوة وأسلحة البلدين.. هل يحقق الردع النووي السلام بين باكستان والهند؟

  • 28-4-2025 | 14:58

التوتر بين الهند وباكستان

طباعة
  • أماني محمد

لليوم السادس لا يزال التوتر متصاعدًا بين كلا من الهند وباكستان، في أعقاب الهجوم الذي أودى بحياة 26 شخصًا من السياح الهنود في كشمير، في منطقة باهالجام، أطلقت الدولتان النوويتان سلسلة من الإجراءات ضد بعضهما البعض، مع تهديدات باللجوء للحرب النووية.

التوتر بين الهند وباكستان

وأعلنت الهند، اليوم، أنها ردت على إطلاق نار غير مبرر من أسلحة صغيرة من باكستان على طول الحدود القائمة بين البلدين لليلة الرابعة على التوالي، بينما لا تزال تُكثّف البحث عن مسلحين في المنطقة عقب الهجوم الذي استهدف السياح في كشمير، في 22 أبريل الجاري، حيث أكدت الهند أنها حددت هوية اثنين من المسلحين الثلاثة المشتبه بهم على أنهما باكستانيان، إلا أن إسلام آباد نفت أي دور لها ودعت إلى إجراء تحقيق محايد.

وأعلن الجيش الهندي أنه ردّ على إطلاق نار "غير مبرر" من أسلحة خفيفة من عدة مواقع للجيش الباكستاني حوالي منتصف ليل الأحد على طول الحدود الفعلية الممتدة بطول 740 بين المنطقتين الهندية والباكستانية في كشمير،  ولم يُدلِ بمزيد من التفاصيل، ولم يُبلغ عن وقوع إصابات.

وفي بيان منفصل، قال الجيش الباكستاني إنه قتل 54 مسلحًا إسلاميًا كانوا يحاولون دخول البلاد من الحدود الأفغانية غربًا خلال اليومين الماضيين.

وأكدت الصين، اليوم الاثنين، إلى أنها تأمل أن تمارس الهند وباكستان ضبط النفس، ورحبت بجميع الإجراءات التي من شأنها أن تساعد في تهدئة الوضع.

ماذا حدث في كشمير؟

وقال مسؤولون أمنيون وناجون من الهجوم الذي استهدف السياح الهنود في كشمير إن المسلحين عزلوا المتواجدين، وسألوا عن أسمائهم واستهدفوا الهندوس قبل إطلاق النار عليهم من مسافة قريبة، وهو ما أثار غضبًا وحزنًا في الهند ذات الأغلبية الهندوسية، وسط دعوات لاتخاذ إجراءات ضد باكستان الإسلامية، التي تتهمها نيودلهي بتمويل وتشجيع الإرهاب في كشمير.

ومنذ الهجوم، اتخذت البلدان عددًا من الإجراءات المتبادلة، حيث علّقت الهند معاهدة مياه السند، وهي المعاهدة التي أُبرمت بوساطة البنك الدولي عام 1960، كما أعلنت عن إلغاء تأشيرات المواطنين الباكستانيين، وفي المقابل أغلقت باكستان مجالها الجوي أمام شركات الطيران الهندية.

ونفت حركة مقاومة كشمير، المعروفة أيضًا باسم جبهة المقاومة، في منشور على موقع X تورطها "بشكل قاطع" في هجوم الأسبوع الماضي، بعد رسالة أولية أعلنت مسؤوليتها، موضحة أن هذه الرسالة هي اختراق إلكتروني على وسائل التواصل الاجتماعي.

في تصعيدٍ مُثيرٍ للتوترات، هدّد الوزير الباكستاني حنيف عباسي الهندَ بردٍّ نوويٍّ، بترسانة باكستان الصاروخية، بما في ذلك صواريخ غوري وشاهين وغزنوي، بالإضافة إلى 130 رأسًا نوويًا.

وأكد "عباسي"، أنه إذا قررت الهند قطع إمدادات المياه عن باكستان، فعليها الاستعداد لحربٍ شاملة، مُشيرًا إلى أن الأسلحة النووية الباكستانية ليست رمزيةً فحسب، بل مُنتشرةٌ في جميع أنحاء البلاد وجاهزةٌ للاستخدام.

وقال: "إذا أوقفوا إمدادات المياه عنّا، فعليهم الاستعداد للحرب. المعدات العسكرية التي نملكها، والصواريخ التي نملكها، ليست للاستعراض. ​​لا أحد يعلم أين وضعنا أسلحتنا النووية في جميع أنحاء البلاد. أكرر، هذه الصواريخ الباليستية، جميعها موجهة إليكم،".

ما قوة الهند وباكستان النووية؟

وربما تكون تلك الأزمة بداية لأزمة أكبر وأخطر، فبينما تُوجّه نيودلهي أصابع الاتهام مباشرةً إلى إسلام آباد، مُحمّلةً إياها مسؤولية إيواء شبكات إرهابية وتمكينها، تنهار العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين النوويتين بسرعةٍ مُخيفة، ما يجعل جنوب آسيا بل والعالم أجمع يترقب ما سيسفر عنه ذلك التوتر، وسط حالة من القلق بسبب القوة النووية بين الهند وباكستان.

ووفقًا لأحدث تقرير عن حالة القوى النووية العالمية، الصادر عن اتحاد العلماء الأمريكيين، تمتلك الهند الآن ما يقرب من 180 رأسًا نوويًا، متجاوزةً بذلك ما يُقدر بـ 170 رأسًا نوويًا لدى باكستان، وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من عقدين التي تتفوق فيها الهند على منافستها في حجم المخزون النووي.

وكان معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، تنبأ بهذا التحول في تقريره لعام 2024، والذي قدّر مخزون الهند بحوالي 172 رأسًا نوويًا، متجاوزًا بفارق ضئيل عدد رؤوس باكستان النووية البالغ 170 رأسًا.

وبدأت رحلة الهند النووية عام 1974، عندما أجرت أول تجربة نووية لها، لتصبح سادس دولة في العالم تُظهر قدرتها النووية، وتبعتها باكستان بعد ما يقرب من ربع قرن، فأجرت تجاربها الخاصة عام 1998 ردًا على تحركات الهند، مما وضع كلا البلدين في منافسة نووية حساسة ومتقلبة.

وطوال معظم العقدين الماضيين، حافظت باكستان على تفوق عددي طفيف، ويعود ذلك جزئيًا إلى تطوير أسلحة نووية تكتيكية لكن مساعي الهند للتحديث النووي، ولا سيما الاختبار الناجح لصاروخها الباليستي "أغني-5" المزود بمركبات إعادة دخول متعددة مستقلة قابلة للاستهداف (MIRVs) في وقت سابق من هذا العام، تزيد بشكل كبير من مدى قدرتها النووية ومرونتها، وتُمكّن تقنية MIRV صاروخًا واحدًا من ضرب أهداف متعددة - وهي قفزة كبيرة في القدرة الهجومية.

وفيما يخص الإنفاق العسكري، ارتفعت ميزانية الدفاع الهندية للفترة 2025-2026 إلى ما يُقدر بـ 79 مليار دولار، بزيادة تقارب 10% عن العام السابق. في المقابل، تُعاني ميزانية باكستان من ضائقة مالية عند حوالي 8 مليارات دولار فقط، وينعكس هذا التفوق المالي مباشرةً في المعدات والقدرات.

ووسّعت الهند ترسانتها بطائرات رافال المقاتلة، وأنظمة الدفاع الجوي الروسية الصنع إس-400، بالإضافة إلى تحديث شامل لجيشها وبحريتها وقواتها الجوية.

وسعت الهند إلى امتلاك ثالوث نووي تشغيلي كامل، أي القدرة على شن ضربات نووية من البر والبحر والجو، يمنحها خيارات غير مسبوقة للرد والردع من خلال غواصاتها العاملة بالطاقة النووية، تحت اسم "Arighaat".

ما جذور أزمة كشمير؟

تسيطر كلٌّ من الهند وباكستان على أجزاءٍ من كشمير، لكنهما تطالبان بها كاملةً، وقد خاضتا ثلاث حروبٍ على هذه المنطقة الجبلية، ألغت حكومة الهند الحكم الذاتي الدستوري لكشمير عام 2019، مما جعلها تحت السيطرة المباشرة لنيودلهي، مما أثار احتجاجات واسعة النطاق.

ولطالما كانت كشمير نقطة اشتعال في العلاقات الهندية الباكستانية منذ استقلال البلدين عن بريطانيا عام 1947، حيث تطالب الدولتان - الهند ذات الأغلبية الهندوسية وباكستان ذات الأغلبية المسلمة - بكامل كشمير، وبعد أشهر من استقلالهما، خاضتا أول حروبهما الثلاث على الإقليم.

ووقعت عدة مواجهات عسكرية بين البلدين، منها بعد الهجوم المميت على أوري في سبتمبر 2016، والذي قتل فيه 19 جنديا هنديا، شنت الهند ما وصفته بـ"ضربات جراحية" عبر الحدود الفعلية - المعروفة أيضا باسم خط السيطرة - مستهدفة ما وصفته بمنصات إطلاق للمسلحين في الجزء الذي تديره باكستان من كشمير.

وفي عام 2019، وبعد مقتل ما لا يقل عن 40 فردًا من القوات شبه العسكرية في بولواما، شنت الهند غارات جوية على معسكر مزعوم للمسلحين في بالاكوت، وهي أول ضربة من نوعها في عمق باكستان منذ عام 1971، وردّت باكستان بغارات جوية، مما أدى إلى اشتباك جوي وأسر طيار هندي لفترة وجيزة.

وبعد عامين، في عام 2021، اتفقا على وقف إطلاق النار على خط السيطرة، على الرغم من الهجمات المسلحة المتكررة في الجزء الذي تديره الهند من كشمير.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة