السبت 10 مايو 2025

هل يهدد التنمر الإلكترونى جسور الثقة بين الفنان والجمهور؟

ريهام عبدالغفور

10-5-2025 | 14:51

موسى صبري
رغم ما تمنحه مواقع التواصل الاجتماعى من مساحة للتقارب بين النجوم وجمهورهم، إلا أن هذه المساحة قد تكون أحياناً سلاحاً ذا حدين، خصوصاً مع وجود بعض حالات التنمر الإلكترونى التى تطول بعض الفنانين، لتتجاوز النقد البناء إلى الإساءة، فكيف يتعامل النجوم مع هذه الحالات؟ وما هى تأثيراتها السلبية. البداية تأتى من الفنانة ريهام عبدالغفور التى واجهت مؤخراً بعض التعليقات السلبية على صفحاتها وكانت هذه التعليقات تتعلق بملامح وجهها وربطها بملامح التقدم فى العمر، ما دفعها للخروج عن صمتها ومناشدة المتابعين التوقف عن هذه الإساءة التى تؤذى أبناءها نفسياً. كما تكن ريهام وحدها التى تعرضت لهذا، إذ طالت سهام التنمر الفنانة أسماء جلال، بعد أن شبهها بعض المتابعين بأسطورة البوب مايكل جاكسون، لترد عليهم بطريقتها الخاصة وتغير صورة ملفها الشخصى بصورة جاكسون نفسها، فى رسالة احتجاج صامتة ولكن لاذعة. أما الفنانة هنا الزاهد، فاستعادت ذكريات تنمر طالتها منذ الطفولة بسبب شكل أنفها، وتحدثت بصراحة عن الأذى النفسى الذى خلّفه هذا النوع من السخرية التى تتخفى خلف الشاشات. وتتوالى القصص، من نجم إلى آخر، لتؤثر تلك الظاهرة فى بعض النجوم، وتدفع البعض منهم إلى الابتعاد عن مواقع التواصل. فى هذا الإطار، تحاول مجلة «الكواكب» الغوص فى أبعاد هذه الظاهرة، عبر آراء عدد من الفنانين والنقاد وكذلك المتخصصين لفهم دوافعها وتداعياتها . وصفت الفنانة القديرة سوسن بدر ظاهرة التنمر الإلكترونى بأنها “مؤسفة ومؤلمة”، مشيرة إلى أن تجاوزات البعض عبر مواقع التواصل لم تعد مجرد آراء عابرة، بل أصبحت مصدر أذى نفسى حقيقى للفنانين. وقالت: هذه السلوكيات لا نحبها جميعاً، البعض قد يتغاضى عنها، لكن البعض الآخر يتوقف عندها لأنه يتأذى بالفعل، فالأمر يتجاوز المقبول أحياناً وبخاصة عندما يتدخل بعض المتابعين فى أمور لا تعنيهم أو يطلقون أحكاماً خارج السياق. وتابعت: طوال عمرنا اعتدنا على جمهور مصرى وعربى محترم فى تعليقاته، وكان ذلك دائماً مصدر فخر لنا، لكن للأسف هناك قلة – بقصد أو دون قصد – تسخر وتتنمّر بأسلوب غير لائق على شبكات التواصل الاجتماعي، وهو أمر نرفضه تماماً. الفنانة الكبيرة إلهام شاهين كانت واضحة فى تقييمها للواقع، إذ قالت بصراحة: الوضع أصبح بالغ الصعوبة، وهناك تجاوزات فى التعليقات لا يمكن السكوت عنها، هذه الظاهرة دخيلة على المجتمع المصري، والتغاضى عنها قد يعطى المتنمرين مساحة أكبر للتمادي. وترى شاهين أن المواجهة لا يجب أن تكون عاطفية أو انفعالية، بل تستوجب وعياً كاملاً بكيفية التعامل مع الطرف الآخر، مضيفة: بعض الفنانين يردون بذكاء، وهذا ما يجب أن نتبعه، فالتعليق المهذب والموجه قد يجعل المتنمر يدرك حجم خطئه ويتراجع عنه. من جانبه، وصف الفنان محمد نجاتى التنمر الإلكترونى بأنه أحد أشكال الإيذاء المجهول الدوافع، مشيراً إلى أن الفنان كثيراً ما يجد نفسه فى مواجهة هجوم مفاجئ، دون سبب واضح، مؤكداً: الردود المتوازنة أحياناً تكون سلاحاً رادعاً، خاصة عندما تقدّم بوعى دون تصعيد. وأضاف: أحياناً الجمهور لا يدرك التأثير النفسى لتعليق بسيط، لذلك لا بد من إيصال رسالة توعية دون أن نتحول إلى طرف مهاجم، الفنان يجب أن يكون صوت العقل، حتى فى لحظات الانفعال. وفى قراءة نفسية عميقة لتأثير التنمر الإلكتروني، تقول الدكتورة إيمان جمال، أستاذة علم النفس بجامعة عين شمس: الفنان يواجه نوعاً مختلفاً من الضغط؛ فهو تحت المجهر دائماً، وأى تعليق سلبى يمكن أن يتحول إلى أزمة نفسية حقيقية. وتحذر من خطورة تحول السوشيال ميديا إلى وسيلة لتفريغ الطاقات السلبية، مضيفة: البعض يرى فى التنمر وسيلة للتسلية أو التعبير، لكنه لا يدرك حجم الضرر النفسى الذى يُسببه للفنان، الذى هو فى النهاية إنسان يتأثر بالكلمة الجارحة كما يتأثر بكلمة المديح. الناقد الفنى طارق الشناوى اعتبر أن التنمر ظاهرة قديمة أخذت شكلاً أكثر عدوانية فى عصر السوشيال ميديا، موضحاً: الفرق اليوم هو أن كل شخص أصبح يمتلك منبراً، والفنان الذكى هو من يتعامل مع هذه الأصوات باحتراف، ويعرف متى يتدخل ومتى يصمت. وأشار إلى نموذج تعامل الفنانة ريهام عبدالغفور مع التنمر كمثال ناضج، قائلاً: تصرفت بحكمة دون صدام، مما جعل كثيرين يراجعون أنفسهم، أما المواقف الحادة فتزيد من عدائية الطرف الآخر، وهو ما يجب الحذر منه. من جانبها، عبرت الناقدة ماجدة موريس عن قلقها من تحول بعض المتابعين إلى ما يشبه الرقباء القساة على الفنانين، وقالت: الجمهور أصبح يعبر عن رأيه بشكل مباشر، وأحياناً جارح، عبر صفحات الفنانين، البعض يرد، وآخرون يختارون التجاهل، لكن الأهم هو أن يتم التعامل مع هذه التعليقات بعقلانية. وتابعت: ليس كل متابع يدرك تأثير كلماته، وبعضهم لا يقصد الإساءة، لذلك أنصح الفنانين بالتأنى فى ردودهم، لأن الصدام يضعف العلاقة مع الجمهور، فالصبر ضرورة، وليس خياراً