ذكرت شبكة "بي.أف.أم." الأخبارية الفرنسية، أنه مع اقتراب قمة الاتحاد الأوروبي، يتعين على رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، أن يجد توازنا صعبا بين رغبته في تعزيز الروابط مع دول الـ27، ومع صعود اليمين المتطرف، مؤيدي خروج بريطانيا الصعب من الاتحاد الأوروبي الذين يستغلون رفض الهجرة.
وأشارت الشبكة الفرنسية ـ في تقرير اليوم الخميس ـ إلى أن رئيس الوزراء البريطاني سيستقبل - الإثنين المقبل - "أورسولا فون دير لاين" رئيس المفوضية الأوروبية، وأنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي، في قمة غير مسبوقة تهدف إلى السعي نحو أحداث تقارب بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، على النقيض من الاتفاق الذي تفاوض عليه المحافظون في وقت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن كير ستارمر، الذي أظهر "طموحه" مؤخرا، يواجه تهديدين: من ناحية، يخاطر بإعطاء الذخيرة لحزب الإصلاح البريطاني المناهض للهجرة، ومن ناحية آخرى المتشكك في أوروبا بقيادة نايجل فاراج، والذي ينتقد بشدة أي تساؤل حول الخروج من الاتحاد الأوروبي ... ويجب عليه أيضا التعامل مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يحلم بإبرام اتفاقية تجارة حرة ثنائية كبيرة معه، والذي لا يخفي عداوته للاتحاد الأوروبي .
ويرى ريتشارد وأيتمان في جامعة "كنت" والمتخصص في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، أن ستارمر في وضع صعب؛ حيث يتعين عليه إيجاد توازن بين الجانبين : على الصعيد الدولي وفي هذه القضية السياسية الداخلية، وهذا ما يجعل الأمر "صعبا للغاية" بالنسبة له.
وأوضحت "بي أف أم" أن حزب "الإصلاح" في المملكة المتحدة المناهض للهجرة هو خليفة حزب "بريكسيت" الذي دعا إلى قطيعة تامة للعلاقات مع الاتحاد الأوروبي، وقد كسب أرضية خلال الشهور الأخيرة بحصوله على أكثر من 670 مقعدا، ومنصبين لرئاسة البلدية، ومقعد في البرلمان بالانتخابات التي جرت بانجلترا في بداية شهر مايو؛ ليؤكد هذا الاختراق ما حققه في الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو والتي دخل على أثرها خمسة نواب إلى البرلمان.
وتتصدر حركة الإصلاح في المملكة المتحدة الآن استطلاعات الرأي الوطنية، مستفيدة من المخاوف البريطانية بشأن الهجرة في ظل اقتصاد صعب .
ويأمل ستارمر في أن يؤدى تقاربا مع الاتحاد الأوروبي إلى تحفيز النمو والذي يعد أحد أولوياته، ولكن لإداركه بالحساسية السياسية المتعلقة بالبريكست، وعد باحترام نتيجة استفتاء عام 2016، مكررا أنه لن يكون هناك عود للسوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، مشيرا إلى أن الأمر لايتعدى استعادة حرية التنقل، ولكن رئيس الوزراء بوريس جونسون ظل مترددا منذ فترة طويلة في قبول الاقتراح الأوروبي بإنشاء برنامج تنقل للشباب الأوروبيين والبريطانيين، على الرغم من أنه قال مؤخرا أن لندن أكثر انفتاحا على هذا المبدأ.
لكن من غير المرجح أن يصدر إعلان كبير على هذه الجبهة، حيث كشف كير ستارمر للتو عن تدابير تهدف إلى الحد "بشكل كبير" من الهجرة، مؤكدا ريتشارد ويتمان، أن الإعلان عن مثل هذا البرنامج "سيكون محفوفا بالمخاطر السياسية إلى حد ما".
من ناحية أخرى، قد تسفر القمة عن توقيع اتفاقية دفاعية، وهو موضوع أكثر توحيدا في خضم الحرب في أوكرانيا.
وفي حين يتعرض كير ستارمر لضغوط من اليمين، يتعين عليه أيضا مواجهة مطالب بعض أعضاء الأغلبية الذين يدعون إلى تقارب أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
وقالت ستيلا كريسي، النائبة وزعيمة حركة العمال من أجل أوروبا: "لا ينبغي لنا أن نسمح لبريكست بمنعنا من الدفاع عن مصالحنا الوطنية".
وأضافت "يتعين علينا أن نتجاوز الخلافات والخطوط الحمراء من أجل السعي إلى تقليل البيروقراطية والأعباء الإدارية التي واجهناها" منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبحسب استطلاع للرأي أجري لصالح مؤسسة "الأفضل لبريطانيا" البحثية الشهر الماضي، يعتقد 53% من الناخبين في المملكة المتحدة أن العلاقة الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي ستكون إيجابية للاقتصاد البريطاني.
وفي إطار الطيف السياسي، يريد الحزب الليبرالي الديمقراطي ــ القوة السياسية الثالثة، والتي تشهد أيضا صعودا، الانضمام إلى السوق الموحدة، تماما مثل حزب الخضر، على يسار الطيف السياسي.
وقال أناند مينون مدير مركز أبحاث المملكة المتحدة في أوروبا المتغيرة: "قلل حزب العمال من خطر خسارة الأصوات على يساره"- وبحسب قوله- فإن كير ستارمر - الذي صوت ضد الخروج من الاتحاد الأوروبي في عام 2016 - قادر على أن يكون أكثر جرأة وأقل "دفاعية"، وذلك بفضل أغلبيته المريحة للغاية، في حين أن حزب الإصلاح في المملكة المتحدة لديه خمسة أعضاء فقط في البرلمان.