في ذكرى ميلاده الـ 85، جسدت علاقة وحيد حامد بعادل إمام نموذجًا نادرًا للشراكة الفنية التي تتجاوز حدود العمل إلى صداقة إنسانية متينة، ورغم تعرض هذا التعاون لفترات من التوقف، فإن الثقة والاحترام المتبادل بين الطرفين ظلا حاضرين بقوة، مدعومين بتاريخ من النجاحات التي رسخت اسميهما في ذاكرة السينما المصرية.
أفلام صنعت الوعي
تشارك الثنائي على مدار السنوات في عدد من أبرز الأفلام التي أثارت الجدل وطرحت قضايا اجتماعية وسياسية شائكة، من بينها: الهلفوت (1985)، اللعب مع الكبار (1991)، المنسي (1993)، طيور الظلام (1995)، والنوم في العسل (1996). ورغم اختلاف موضوعات تلك الأعمال، إلا أن ما جمع بينها هو الحضور الطاغي لعادل إمام، والكتابة الجريئة التي عُرف بها وحيد حامد.
شراكة بدأت بالصداقة
في أحد لقاءاته التليفزيونية قبل رحيله، تحدّث حامد عن تفاصيل علاقته بالزعيم، موضحًا أن ما يجمعهما لم يكن مجرد تعاون فني، بل صداقة متينة بُنيت على التفاهم والاحترام المتبادل، وقال: "كنت أرسل له السيناريو فور الانتهاء منه، فإذا أعجبه تولّى بطولته، وإن لم يحدث، كان الأمر ينتهي ببساطة دون خلاف."

هذا النموذج من التعاون القائم على الثقة والحرية الكاملة في الاختيار، كان سرًّا من أسرار نجاح العلاقة، وجعلها تستمر خارج حدود العمل، حتى مع توقف المشاريع المشتركة.
"طيور الظلام": اختبار الصدق الفني
واحدة من المحطات اللافتة في هذه الشراكة كانت فيلم "طيور الظلام"، حيث يجسد عادل إمام شخصية محامٍ انتهازي في مواجهة قوى الفساد والتطرّف، ورغم ما تحمله الشخصية من صفات سلبية، إلا أن الزعيم قدمها بثقة كبيرة، وهو ما وصفه حامد بـ"شجاعة فنية نادرة".

وأضاف الكاتب الراحل في اللقاء ذاته: "عادل إمام لم يكن يختار أدواره بحثًا عن الضحك فقط، بل كان يبحث عن القيمة والرسالة. وطيور الظلام كان من هذه النوعية التي اقتنع بها فور قراءتها"، ورغم توقف التعاون بينهما في السنوات الأخيرة، بقيت الصداقة قائمة حتى رحيل وحيد حامد في عام 2021.
إرث مشترك
تركت الشراكة بين وحيد حامد وعادل إمام إرثًا سينمائيًا مميزًا لا يزال حاضرًا بقوة في وجدان الجمهور المصري والعربي. فقد شكّلت أعمالهما معًا مرآة للواقع السياسي والاجتماعي، وامتزج فيها الحس النقدي بالدراما الذكية، ما جعلها من علامات السينما الجادة في مصر، وبمرور الزمن، باتت تلك الأفلام مرجعًا فنيًا وثقافيًا، لا لجرأتها فقط، بل لصدقها وقدرتها على طرح الأسئلة الكبرى في لحظات مفصلية من تاريخ المجتمع.