تتصاعد حدة التوتر في البحر الأحمر مع تداول أنباء عن سعي إسرائيل لفرض حصارًا بحريًا على مواقع الحوثيين في اليمن، عبر تدمير الموانئ الخاضعة لسيطرتهم، وذلك في ظل استمرارهم في ممارسة دورهم المعلن في مساندة قطاع غزة عبر استهداف المواقع الإسرائيلية، فضلًا عن منع عبور أي سفينة بحرية تابعة لها من مضيق باب المندب.
وزاد الأمر سوءًا على إسرائيل بعد أن فضلت حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية مهادنة الحوثيين على الاستمرار في خوض مواجهة عسكرية معهم، وبذلك أصبح على تل أبيب التعامل معهم بمفردها وبشكل عاجل، خصوصًا أن الحصار البحري المفروض عليها أصبح يصاحبه حصارًا جويًا.
حيث أكدت الجماعة اليمنية أنها ستركز على استهداف المطارات في الداخل العبري باستخدام قوتها الصاروخية، لتحقيق هذا الأمر، عازية هذا التطور لاعتزام إسرائيل توسيع إبادتها في قطاع غزة عبر شن عملية عسكرية على نطاق أوسع.
بعد غارات شنّتها إسرائيل على ميناءي الحديدة والصليف في اليمن، قال إعلام عبري، استنادًا إلى مصادر أمنية، إن هدف هذه الهجمات، هو إلحاق الضرر باقتصاد الحوثيين وفرض حصار عليهم، بعدما هددوا بفرض حصار بحري على إسرائيل.
هل يُفلح الحصار البحري؟
وفي إجابة على ذلك، أكد الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي والمستشار القانوني المصري السابق في حلف الناتو في البلقان، أن القصف الجوي الإسرائيلي الأخير على الموانئ اليمنية يثير مخاوف جدية من أنه يمثل مرحلة أولى لفرض حصار بحري إسرائيلي على اليمن.
وأوضح الدكتور أيمن سلامة، في حديث لـ"دار الهلال"، أن هذه الضربات الجوية، التي استهدفت موانئ رئيسية مثل الحديدة والصليف، يمكن أن تكون تهدف إلى تعطيل البنية التحتية البحرية وتقليل قدرة الحوثيين على استقبال الإمدادات والأسلحة عبر البحر.
ومن الناحية العسكرية، يضيف أن تدمير المرافق الحيوية في هذه الموانئ سيضعف بشكل كبير القدرة اللوجستية للحوثيين، مما يجعل من الصعب عليهم الحفاظ على عملياتهم العسكرية، وربما حتى الحصول على مواد أساسية.
وأشار إلى أن هذا التكتيك يتماشى مع استراتيجية الحصار البحري، حيث يتم عزل منطقة معينة بحريًا لمنع دخول أو خروج أي سفن.
وأفاد بأنه إذا ما تبعت هذه الضربات الجوية خطوات لتطبيق حصار بحري، فإن ذلك سيؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات والإمدادات التي تصل عبر هذه الموانئ.
وشدد على أن الحصار البحري الإسرائيلي سيصعد التوترات الإقليمية بشكل كبير، خاصة وأن الحوثيين قد يردون على هذه الخطوة، مما قد يؤدي إلى صراع أوسع في المنطقة.
وبخصوص إمكانية فرض إسرائيل حصارًا بحريًا على الجماعة اليمنية، يوضح سلامة، أن فرض حصار بحري فعال على سواحل اليمن الممتدة يتطلب انتشارًا بحريًا واسعًا وقدرات رصد متقدمة.
وفي المقابل، يمتلك الحوثيون ترسانة صواريخ متطورة وألغام بحرية، تشكل تهديدًا مباشرًا لأي قوة بحرية تقترب من مناطق سيطرتهم، وفقًا له، موضحًا أن ذلك سيحدث في منطقة بعيدة عن العمق الاستراتيجي الإسرائيلي، مما يعقد عمليات الإمداد والدعم.
وأشار إلى أن طبيعة الحوثيين كقوة غير نظامية تجعل قواعد الاشتباك غير واضحة وتنذر بتصعيد إقليمي غير محسوب.
وعليه، يؤكد أن التفكير الإسرائيلي في الحصار البحري مقامرة عسكرية خطيرة، فبينما قد تسعى للضغط على الحوثيين، فإنها تخاطر بفتح جبهة بحرية جديدة في منطقة معادية وغير مألوفة، وتواجه تهديدات حقيقية لقواتها البحرية واحتمالية جر المنطقة إلى صراع أوسع.