الأحد 1 يونيو 2025

عرب وعالم

"وول ستريت جورنال": واشنطن تتعثر في إبرام اتفاقيات مع حلفائها التقليديين رغم اتفاقها مع خصمها الجيوسياسي الأول

  • 18-5-2025 | 13:53

الولايات المتحدة والصين

طباعة
  • دار الهلال

رأت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية اليوم الأحد، أن الولايات المتحدة أبرمت هدنة تجارية مع خصمها الجيوسياسي الأول "الصين" بسرعة قياسية لكنها تجد صعوبة أكبر في التوصل لاتفاق مع حلفائها التقليديين .

وأوضحت الصحيفة في تقريرها أنه بعد موجة الرسوم الجمركية التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب في الثاني من أبريل الماضي، حيث فرض تعريفات "مُتكافئة" على معظم الواردات الأمريكية، وضعت واشنطن قائمة تضم 18 شريكاً تجارياً رئيسياً للتركيز عليهم في مفاوضات لاحقة.

ومع أن المملكة المتحدة نجحت سريعاً في إبرام اتفاق ولاحقًا أعادت الولايات المتحدة النظر في الرسوم المفروضة على الصين، إلا أن باقي المحادثات لم تسفر حتى الآن عن انفراج حقيقي يخفف من أعباء الرسوم الجمركية المؤلمة.

وأشار التقرير إلى أن أبرز الشركاء المستهدفين في هذه القائمة – مثل اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي – تبرز قضية السيارات كعقبة رئيسية، إذ ترفض الولايات المتحدة حتى الآن إلغاء الرسوم الباهظة التي تبلغ 25% على السيارات المستوردة، ما يضر بشكل مباشر بهذه الدول .

وتمكّنت المملكة المتحدة من انتزاع خفض في هذه الرسوم ضمن اتفاقها السريع مع المفاوضين الأمريكيين لكن التنازل كان محدوداً، إذ شمل فقط أول 100 ألف مركبة تُصدّر سنوياً إلى الولايات المتحدة، وهو عدد يقل بكثير عن حجم صادرات كبار صانعي السيارات.

وفي تقارير أرباحها لهذا الشهر، ألقت شركات تويوتا وهوندا ونيسان باللوم على الرسوم الجمركية في تراجع توقعات الأرباح، فيما أظهرت بيانات يوم الجمعة الماضي أن الاقتصاد الياباني انكمش في الربع الأول من العام، مما يعكس مدى تأثره بتراجع الصادرات .

وقال ريوسي أكازاوا، كبير مفاوضي التجارة اليابانيين، إن بلاده ما زالت تطالب بإزالة جميع الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب مؤخراً، بما في ذلك تلك المفروضة على السيارات والفولاذ، فضلاً عن التعريفة الأساسية البالغة 10%، واصفاً هذه الرسوم بأنها "مؤسفة للغاية".

أما سول، فهي الأخرى تطالب بإعفائها من الرسوم الجمركية، وقد اجتمع وزير التجارة الكوري الجنوبي يوم الجمعة الماضي مع الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير في جزيرة جيجو لبحث الأزمة .

وفي المقابل، قال مسؤولون تجاريون من عدة دول في الاتحاد الأوروبي إنهم سيضغطون للتوصل إلى اتفاق أفضل من ذلك الذي أبرمته المملكة المتحدة، والذي أبقى الرسوم على معظم السلع. 

وقال نائب وزير الاقتصاد البولندي، ميخاو بارانوفسكي: "لا أعتقد أن هذا المستوى من الطموح يناسب أوروبا".

وكان ترامب قد أعلن في 2 أبريل فرض تعريفات جمركية مرتفعة على كل من الحلفاء والخصوم في محاولة للحد من العجز التجاري الأمريكي الواسع وإعادة بناء قطاع الصناعة في البلاد وشملت هذه الرسوم تعريفة بنسبة 24% على اليابان، و20% على الاتحاد الأوروبي . 

وذكرت إدارة ترامب أن الرسوم تعكس ليس فقط تعريفات الدول الأخرى على الواردات الأمريكية، بل أيضاً القيود التنظيمية المرهقة والحواجز غير الجمركية الأخرى.

أما كوريا الجنوبية ففرضت عليها رسوم بنسبة 25%، في حين حصلت المملكة المتحدة، التي تمتلك الولايات المتحدة فائضاً تجارياً معها، على النسبة الأساسية البالغة 10%، والتي يرغب ترامب في أن تكون الحد الأدنى لكل الواردات الأمريكية.

وبعد أيام من إعلان الرسوم الجديدة، قرر البيت الأبيض تعليق معظمها لمدة 90 يوماً، مع استمرار فرض رسوم على السيارات والفولاذ، ما أطلق سباقاً للمفاوضات من أجل التوصل إلى شروط أفضل.

وكانت اليابان أول دولة تبادر إلى بدء المحادثات، وكان المسؤولون يأملون التوصل إلى اتفاق سريع؛ وقد تحدّث ترامب مراراً عن احترامه لرئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي، الذي أهداه مضرب جولف من الذهب بعد فوزه بالرئاسة في عام 2016. 

وفي نهاية العام الماضي، زارت أرملة آبي منتجع "مارالاجو" بعد فوز ترامب بولاية ثانية، كما كان رئيس الوزراء الحالي، شيجيرو إيشيبا، من أوائل قادة العالم الذين زاروا البيت الأبيض بعد تنصيب ترامب.

وعلى خلاف الصين، لم تردّ اليابان بفرض تعريفات مضادة على إجراءات ترامب، وكان إيشيبا حذراً في تجنّب أي انتقادات علنية للرئيس الأمريكي. 

وقال محللون يابانيون إن "اليابانيين حذرون جداً في عدم إحراج ترامب أو جعله يخسر ماء وجهه، وإن طوكيو من بين الدول الأكثر عُرضة للضغط الأمريكي".

وأضافوا "ربما اليابان هي الأسهل في التفاوض لأنها تعتمد كلياً على السوق الأمريكية، وكذلك على الحماية الدفاعية الأمريكية".

وفي الوقت نفسه، أشاروا إلى أن اليابان حريصة على عدم تقديم تنازلات مفرطة في المحادثات فقد سبق لها أن وقّعت اتفاقاً تجارياً مع الولايات المتحدة في عام 2019، خلال الولاية الأولى لترامب، خفّضت فيه الرسوم على بعض المنتجات الزراعية الأمريكية مثل لحم البقر المجمد ولحم الخنزير، بينما خفضت الولايات المتحدة الرسوم على بعض المنتجات اليابانية مثل أدوات الماكينات.

غير أن ترامب أظهر، من خلال فرضه لمجموعة جديدة من الرسوم، أنه لا يعتبر اتفاق 2019 مُلزِماً – تماماً كما تخلّى عن اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا الذي تفاوض عليه أيضاً خلال ولايته الأولى.

وفي طوكيو، أثار هذا التحوّل استياءً. وقال يوشيهيكو نودا، زعيم "الحزب الديمقراطي الدستوري" المعارض:
"حتى لو توصّلنا إلى اتفاق جديد قائم على مبدأ الربح المتبادل، من المهم أن نعيد التأكيد هذه المرة على الالتزام الكامل بالقواعد."

ويقول خبراء التجارة إن اليابان قد تعرض زيادة وارداتها من السيارات الأمريكية وتوحيد معايير سلامة السيارات مع نظيرتها الأمريكية كما يمكن أن تقترح شراء المزيد من المنتجات الزراعية مثل الذرة، بل وربما الأرز هذه المرة، والذي كان مستثنى من محادثات 2019 كما أن خبرة اليابان في بناء السفن يمكن أن تساعد البحرية الأمريكية في إعادة إحياء هذه الصناعة شبه المتوقفة في الولايات المتحدة، وهي من أولويات ترامب.

لكن هناك عقبات تتجاوز الرسوم الجمركية، فبعض شركاء التجارة الأمريكيين قد يرفضون مطالب بفك ارتباطهم الاقتصادي بالصين، أو السماح لعملاتهم بالارتفاع مقابل الدولار. 

ومع ذلك، فإن الاتفاق الأمريكي الصيني الذي تم التوصل إليه في جنيف أفسح المجال أمام فريق ترامب للتركيز على دول أخرى.

وقال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت في تصريحات سابقة، "كنت أركز على الصفقات الآسيوية، وبالطبع الصين هي الأكبر، لقد أجرينا محادثات مثمرة جداً مع اليابان"، مضيفاً أن الأمور "تسير على ما يرام" في آسيا.

الاكثر قراءة