الخميس 5 يونيو 2025

تحقيقات

مصر ولبنان.. علاقات تاريخية عميقة ودعم مستمر

  • 19-5-2025 | 12:08

العلاقات المصرية اللبنانية

طباعة
  • أماني محمد

على مر العقود، ظلت العلاقات المصرية اللبنانية عميقة مستندة إلى جذور تاريخية ودعم مشترك بين البلدين، حيث أكدت مصر دعمها ومساندتها للبنان في كل أزماته، في ظل حرص على الحفاظ على وحدة وسيادة لبنان وحماية أراضيه.

وفي أول زيارة له لمصر، منذ انتخابه رئيسا للبنان في يناير الماضي، يجري الرئيس اللبناني جوزاف عون، زيارة إلى مصر اليوم، حيث يستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي للتباحث بشأن تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين والتشاور بشأن سبل استعادة الاستقرار الإقليمي.

 

العلاقات المصرية اللبنانية

وتتسم العلاقات المصرية اللبنانية بجذورها التاريخية، وتتميز دائما بالتوافق التام تجاه القضايا السياسية المطروحة على الساحة، وتعتبر مصر الدولة العربية الأولى التى اعترفت باستقلال لبنان فى الأربعينيات من القرن الماضي، حيث حصل لبنان على استقلاله في 22 نوفمبر 1943، بعد أن كان تحت انتداب عصبة الأمم تحت الإدارة الفرنسية.

وشكلت القاهرة في ذلك الحين مركزاً للتفاوض على استقلال لبنان، واستضافت اجتماعا حضره كل من الرئيس بشارة الخورى و رياض الصلح برعاية رئيس وزراء مصر الأسبق مصطفى النحاس باشا فى الأربعينيات، ونتج عن الاجتماع إعلان التحالف بين الخورى والصلح وصياغة «الميثاق الوطني»، الذى أسس نظام الحكم فى لبنان فى مرحلة ما بعد انتهاء الانتداب الفرنسي.

وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، تطورت العلاقة المصرية اللبنانية، حيث دعت مصر لبنان والدول العربية، ومن بعده الرئيس الراحل أنور السادات، حيث ساند لبنان مصر في حربها ضد الاحتلال الإسرائيلي فى حرب أكتوبر 1973، ورغم توتر العلاقات بين البلدين بعد معاهدة السلام مع إسرائيل، إلا أنها عادت لطبيعتها عقب القمة العربية فى عمان 1987.

كذلك ساندت مصر والدول العربية لبنان في أزمته، عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريرى عام 2005 وأثناء العدوان الإسرائيلى على لبنان في 2006، حيث أكدت مصر حينها أن سياسة العصا الغليظة لن توفر أمنا ولا سلاما ولا استقرارا لإسرائيل وأن عليها أن تعود للطريق الصحيح، طريق التفاوض والحوار لتحقيق السلام والأمن المتكافئ للجميع، وكان الموقف المصري واضحًا وصريحًا، بمؤازرة لبنان وإدانة العدوان الإسرائيلى.

كذلك لعبت مصر دورًا في إعادة إعمار لبنان عقب العدوان، حيث نفذت جميع الأعمال الكهربائية اللازمة لإعادة التيار إلى الشبكة الكهربائية بالأماكن المضارة من جراء القصف الإسرائيلي، وتم تنفيذ جميع الأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية بالكامل بمحطة صيدا كما تم تركيب برج النهاية بالكامل المغذي للمحطة، كما تمت جميع الأعمال المدنية والكهربائية والميكانيكية بالكامل بمحطة سبلين.

وفي 2010، ساهمت أعمال الدورة السابعة للجنة العليا المصرية اللبنانية المشتركة فى إعطاء قوة دفع كبيرة للعلاقات الثنائية بين البلدين لا سيما فيما يتعلق بمستوى التمثيل والمشاركة المصرية فى أعمال اللجنة، وحجم الاتفاقات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية المبرمة والتى بلغ عددها ثمانية عشر فى مجالات الصحة والشئون الاجتماعية والبيئة والسينما والمال والشباب والإعلام والسياحة.

 

العلاقات المصرية اللبنانية في عهد الرئيس السيسي

وفي عهد الرئيس السيسي، شهدت العلاقات المصرية اللبنانية تطورًا، حيث أكد الرئيس في العديد من المحافل والمباحثات السياسية، دعم مصر للبنان وسيادته وسلامة أراضيه، وفي نوفمبر الماضي، التقى الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء اللبناني آنذلك نجيب ميقاتي، على هامش أعمال القمة العربية الإسلامية غير العادية المنعقدة بالرياض في المملكة العربية السعودية، حيث استعرض اللقاء تطورات الاتصالات الجارية مع مختلف الأطراف الدولية والإقليمية للدفع نحو الوقف الفوري لإطلاق النار بلبنان، والتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١.

وأكد الرئيس في هذا الصدد موقف مصر الداعم للبنان وسيادته وسلامة أراضيه، ورفض وإدانة العدوان الإسرائيلي سواء في الأراضي الفلسطينية أو لبنان، مشددًا على أهمية دور المجتمع الدولي في وقف التصعيد بالمنطقة، ومنع الانزلاق نحو حرب إقليمية ذات تداعيات كارثية على حاضر ومستقبل شعوبها، وأكد الرئيس مواصلة مصر تقديم جميع صور الدعم للبنان وشعبه الشقيق، حيث ثمن رئيس الوزراء اللبناني المساندة المصرية الثابتة والراسخة للبنان، وأكد دعم جهود مصر الرامية لتحقيق السلام.

وعقب انتخاب رئيس الوزراء اللبناني الجديد فى 16 فبراير الماضي، أجرى وزير الخارجية والهجرة د. بدر عبد العاطي اتصالًا هاتفياً من رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، حيث هنأه على تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، مؤكدًا دعم مصر الكامل للبنان ومؤسساته الوطنية، وتناول الاتصال تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية، حيث شدد عبد العاطي على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من جنوب لبنان والالتزام بقرار مجلس الأمن 1701. كما أكد استمرار الجهود المصرية مع الأطراف المعنية لضمان تنفيذ الاتفاق واحترام سيادة لبنان.

وفي سبتمبر الماضي، فور اندلاع العدوان الإسرائيلي على لبنان، أدانت مصر التصعيد الإسرائيلي الخطير في لبنان والعمليات العسكرية الموسعة التي أدت إلى مقتل وإصابة المئات من اللبنانيين، من بينهم نساء وأطفال، معربة عن خالص تضامنها مع لبنان وشعبه الشقيق، وعن خالص تعازيها لأسر الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين، وتؤكد رفضها التام لأية انتهاكات لسيادة لبنان وأراضيه.

كذلك دعت مصر إلى تسوية الأزمة بشكل سلمي ووقف التصعيد فوراً والبدء في تطبيق قرار مجلس الأمن 1701 دون انتقائية، وإتاحة الفرصة أمام الحلول الدبلوماسية، خاصة وأن التصعيد العسكري سيؤدي فقط إلى تفاقم الأزمة.

وحينها أجرى الرئيس السيسي اتصالاً هاتفياً برئيس الحكومة اللبناني آنذاك نجيب ميقاتي، مؤكدا دعم مصر الكامل للبنان، ووقوفها بجانبه في هذه الظروف الدقيقة، ورفضها المساس بأمنه أو استقراره أو سيادته ووحدة أراضيه، مشدداً على ضرورة الوقف الفوري والشامل والدائم لإطلاق النار بكل من لبنان وغزة، ومنوهاً في هذا الصدد إلى أن عدم اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته لوقف الممارسات العدوانية تجاه الأراضي الفلسطينية ولبنان، يهدد بانزلاق المنطقة لحالة خطيرة من التصعيد، بما يضع الاستقرار والسلم الإقليميين والدوليين على المحك.

ووجه الرئيس السيسي بإرسال مساعدات طبية وإغاثية طارئة للبنان بشكل فوري، تضامناً مع شعبه الشقيق، ومؤكداً استمرار دعم مصر للبنان على جميع الأصعدة. ومن جانبه؛ ثمن رئيس الوزراء اللبناني الموقف المصري الداعم لبلاده وللدولة اللبنانية، مستعرضاً نتائج الاتصالات التي تجريها الحكومة اللبنانية لاحتواء الموقف، ومشيداً في ذلك السياق بالدور الذي تقوم به مصر لاستعادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

في أغسطس 2020، شارك الرئيس السيسي في المؤتمر الدولي لدعم لبنان، والذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة بمشاركة لفيف من رؤساء الدول والحكومات، حيث دعا الرئيس السيسي المجتمع الدولي إلى بذل ما يستطيع من أجل مساعدة لبنان على النهوض مجدداً من خلال تجاوز الآثار المدمرة لحادث بيروت وإعادة إعمار ما تعرض للهدم.

كم ناشد الرئيس الوطنيين المخلصين في لبنان، على اختلاف مواقعهم، النأي بوطنهم عن التجاذبات والصراعات الإقليمية، وتركيز جهودهم على تقوية مؤسسات الدولة الوطنية اللبنانية، وتلبية تطلعات الشعب اللبناني عبر تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الحتمية التي لا مجال لتأجيلها، بما يؤهل لبنان للحصول على ثقة المؤسسات المالية الدولية والدعم الدولي، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على مسيرة لبنان نحو تحقيق الاستقرار والتنمية والرخاء.

وفي حادث انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، أعربت الرئيس السيسي في اتصال هاتفيا بالرئيس اللبناني حينها العماد ميشيل عون، عن تعزيته في ضحايا الانفجار الذي أودى بحياة العشرات من الضحايا وتسبب في إصابة المئات، مؤكدا تضامن مصر حكومة وشعبا مع الأشقاء في لبنان والاستعداد لتسخير كافة الإمكانات لمساعدة ودعم لبنان في محنتها.

وأكدت وزار ة الخارجية في بيان لها ان المستشفى الميداني المصري في بيروت جاهز لتقديم كل المساعدة المُمكِنة، حيث استقبل بالفعل عدداً من الحالات؛ كما أجريت الاتصالات للتعرُف من الجانب اللبناني على احتياجاته حتى يتسنى البحث في كيفية تقديمها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة