في ظل ضغوط الحياة اليومية وتراكم المسؤوليات، تواجه بعض النساء العديد من الصدمات والتجارب القاسية التي تترك أثرًا نفسيًا عميقًا، وتجردها من مرونتها النفسية وتجعلها أكثر صلابة، ولذلك نستعرض في السطور التالية مع أخصائية نفسية، كيف تستعيد المرأة توازنها العاطفي والنفسي وترمم ذاتها بعد كل ما مرتِ به؟.
ومن جهتها، تقول الدكتورة نورا رؤوف، أخصائية الصحة النفسية والإرشاد الأسري، في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن التجارب الصعبة قد تنمي لدى البعض ما يشبه الصلابة النفسية، لكن إن لم تدار تلك الصدمات بشكل صحيح، فقد تتحول هذه الصلابة إلى جمود وانفصال عن المشاعر، والمرأة التي تعجز عن التعامل الصحي مع الصعاب، لا تقوى بل تتكلس عاطفيًا، وتفقد تواصلها مع ذاتها وتدخل في حالة من الإنكار أو الكبت، وهذا ليس تعزيزًا للصحة النفسية، بل خطوة نحو الانهيار التدريجي، أما المرونة العاطفية تقوي التجارب المدارة بوعي عضلات النفس.
وأضافت أخصائية الصحة النفسية، أن هناك مفاتيح عديدة تعيد للمرأة توازنها العاطفي وتجعلها أكثر مرونة، ومنها ما يلي:
-مثلما تحتاجين للطعام والأمان، تحتاجين أيضًا إلى التقدير، ولكن لا تنتظريه من الخارج قبل أن تمنحيه لنفسك، وانظري في المرآة، وحدثي ذاتك بحب: "أنا أستحق، أنا قوية، أنا أنجزت"، فالكلمات التي توجهينها لذاتك تبني داخلك أو تهدمه.
-لابد من الوعي بالذات، لأنه أساس المرونة النفسية، من خلال تحديد أهدافك، وترتيب أولوياتك، ومعرفة من أنت حقًا، وما الذي يسعدك؟ ما الذي يرهقك؟ ما نقاط قوتك وضعفك؟، وتقبلي الفشل كدرس وليس هزيمة، فكل سقوط فرصة للنهضة بإدراك أعمق، وتعاملي مع كل تجربة على أنها خبرة تبنيك لا تهدمك.
- اجلسي مع نفسك في مكان تحبينه، حيث أن الهدوء بداية التصالح مع الذات، ونظمي غرفتك وبيتك، لأن الفوضى الخارجية تعكس توترًا داخليًا، وأزيلي ما لا تحتاجينه وتبرعي به.
-اجعلي للورد والزرع والشموع مساحة في بيتك، لأن الألوان والروائح تصنع فارقًا في النفس.
-ابدئي صباحك بنصف ساعة هادئة مع مشروبك المفضل، فهذه اللحظات البسيطة هي مخزونك النفسي، واكتبي يوميًا أفكارك، أولوياتك، مشاعرك، لأن ذلك يعيدك إلى داخلك.
-نظمي مهامك حسب الأولوية والسهولة، وابدئي بالسهل لتحفزي ذاتك، خذي استراحة منتصف اليوم، افصلي عن الضغوط، ولو لدقائق.
-اختاري صحبتك، ابعدي عن العلاقات المستنزفة، وقربي من يملئك طاقة وحبًا، واحرصي على التواصل مع عائلتك أسبوعيًا، ولا تهدري قوة الروابط القريبة.
-اخترعي لنفسك لحظات راحة خارجية، من خلال جلسة في مكان مفتوح أسبوعيًا تريح النفس والعين.
-استمري في التعلم، خصصي 15 دقيقة يوميًا لقراءة أو فيديو تثقيفي.
-احرصي على شرب الماء وتناول طعام متوازن، لأن الصحة النفسية تبدأ من الجسم، ونظمي وقتك وأهدافك، لا تغرقي في مهام عشوائية، حيث أن التوازن يبنى بالتخطيط.
واختتمت مؤكدة، على أن التقدير الذاتي هو السلاح الأقوى، فحين تثقين بنفسك، وترين جمالك، وتدركين احتياجاتك، تصبحين أكثر استعدادًا لمواجهة تحديات الحياة، وذلك لا يعني الغرور، بل هو احترامك لروحك، لماضيك، لإنجازاتك، وحتى لأخطائك ، وأدركي أن التحديات لن تتوقف، والمشكلات ستظل جزءًا من رحلة الحياة، لكنك لست مطالبة بأن تكوني صلبة حد الانكسار، بل مرنة، حرة، متزنة، تعرفين متى تقفين، ومتى تستريحين، ومتى تنهضين من جديد، فقط اتعبي على نفسك بلا توقف، وامنحي نفسك الحب والرعاية التي تستحقيها، فكلما قويتي من الداخل، كانت الحياة من الخارج أيسر وأجمل.