في تصعيد غير مسبوق في مسار الحرب المستمرة بين الجانبين الروسي والأوكراني منذ 2022، شهدت الساحة الدولية خلال الأيام الماضية سلسلة من الهجمات الجوية المكثفة، والتصريحات النارية من قادة عالميين، وتحركات ميدانية جريئة قلبت موازين الصراع القائم بين الجانبيين، بين تحذيرات أميركية، وردود فعل أوروبية، وهجمات روسية توصف بأنها الأضخم منذ بداية غزوها لأوكرانيا، يتشكل مشهد جديد للحرب يتسم بالعنف والانقسام والتعقيد السياسي.
وفي هذا السياق، ترصد بوابة "دار الهلال" آخر تطورات الحرب الروسية الأوكرانية بعيون الصحفة الأجنبية، حيث تسلط تقارير صادرة عن كبريات الصحف العالمية، مثل الجارديان، وول ستريت جورنال، تايم، وذا تايمز، الضوء على تفاصيل مذهلة للهجمات والتصريحات والعمليات العسكرية، وعلى تداعياتها الشاملة، فيجمع هذا التقرير بين أبرز ما ورد في تلك المصادر ، في محاولة منا لرسم صورة كاملة لما يجري على الأرض وفي أروقة السياسة الدولية.
كيف تناولت الصحف الأجنبية تطورات الحرب الروسية الأوكرانية
وصفت صحيفة The Guardian البريطانية، أن المرحلة الحالية للحرب، تعد واحدة من أعنف موجات التصعيد منذ بداية الحرب، حيث شنت روسيا الإثنين، اليوم، موجة ثالثة من الغارات المكثفة على أوكرانيا، مستخدمة 355 طائرة مسيرة من طراز "شاهد" وتسعة صواريخ كروز، في عملية وصفها العديد من المراقبين بأنها جزء من استراتيجية تصعيد جديدة أثارت ردود فعل دولية غاضبة.
وعلى جانب أخر، وصفت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، هذه الهجمات الجوية بأنها من أكبر الهجمات منذ بدء الحرب، حيث بلغ عدد الصواريخ والطائرات المسيرة التي استخدمتها موسكو 367، والتي اسفرت بدورها عن مقتل 12 شخصا وإصابة 60 آخرين، في حين، وثقت The Times البريطانية، مقتل 13 شخصا، من بينهم ثلاثة أطفال وأمهم، إضافة إلى تدمير واسع في العاصمة كييف ومدن أخرى.
ترامب يصف الرئيس الروسي "بالمجنون"
في هذا السياق، شن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هجومًا علنيًا على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفًا إياه بـ"المجنون تمامًا"، محذرا من أن محاولته غزو أوكرانيا بالكامل ستؤدي إلى "سقوط روسيا"، وذلك طبقا لما نقلته صحيفة "ذا جارديان البريطانية" كما قال ترامب في تصريح من مطار نيوجيرسي: "بوتين يقتل المدنيين ويقصف المدن"، مضيفًا عبر منصة "تروث سوشيال" أنه "خرج عن السيطرة"، وذلك طبقا لما نقلته صحيفة Time Magazine الأمريكية، وفي حين أخر، رد الكرملين بغضب على تلك التصريحات الاستفزازية، واصفا تصريحات ترامب بأنها "نتيجة ضغط عاطفي"، رغم إقراره بالدور الأميركي في دفع مفاوضات السلام الجارية
من جهة أخرى، انتقد ترامب أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأشار إلى أن تصريحاته "لا تخدم بلاده"، بينما أكد زيلينسكي أن روسيا لا يمكن كبحها إلا بالقوة، داعيا إلى تشديد العقوبات الغربية، ولا سيما بعد استخدام موسكو أكثر من 350 طائرة مسيرة في هجماتها الأخيرة.
ونقلت صحيفتي الجاريان وذا تايمز البريطانيتين، وصف زيلينسكي للضربات الروسية بأنها "إرهابية"، وأكد أن روسيا تواصل قتل الأبرياء يوميًا، مطالبًا المجتمع الدولي بفرض مزيد من العقوبات، وتجميد الأموال الروسية ووقف التجارة النفطية.
في تطور ميداني نوعي، نفذت أوكرانيا في أول أمس 24 مايو ، عملية جريئة باستخدام طائرات بدون طيار تابعة للاستخبارات الدفاعية، استهدفت قطارا روسيا محملا بالوقود في منطقة محتلة من زابوريزهيا، وأظهرت اللقطات انفجارات هائلة دمّرت ثلاث ناقلات نفط، في ضربة اعتبرت فريدة من نوعها لقدرتها على تعطيل لوجستيات الجيش الروسي المتجهة نحو القرم، وذلك حسبما نقلت صحيفة The Times البريطانية، وجاء هذا الهجوم الأوكراني عقب ساعات من أعنف غارة جوية روسية، الأمر الذي يعكس تبادلا مكثفا للضربات على جبهات القتال، مع تصاعد القلق الدولي من اتساع رقعة الحرب.
وقد نقلت صحيفة الجارديان، إعلان المستشار الألماني فريدريش ميرز أن الغرب لم يعد يفرض قيودا على نوعية الأسلحة المقدّمة لأوكرانيا، وهو ما اعتبرته موسكو "خطوة خطيرة" تتعارض مع جهود التسوية، وقد رفض الاتحاد الأوروبي إجراء مشاورات مع روسيا حول ضريبة الكربون، مبررًا ذلك بـ"حرب العدوان الروسية"، بينما سخر الكرملين من تقرير بريطاني اتهم روسيا بالضلوع في هجمات حرق متعمدة في لندن.
وبينما تستمر المعارك، يستعد زيلينسكي لزيارة مرتقبة إلى برلين للقاء الرئيس الألماني والمستشار ميرز في محاولة لحشد دعم أوروبي إضافي.
في خضم هذه التحولات، شهدت العلاقات بين ترامب وزيلينسكي تقلبًا حادًا، إذ بلغت ذروتها في فبراير بلقاء متوتر في البيت الأبيض، قبل أن تنخفض حدة التوتر بلقاء تصالحي في الفاتيكان، وسط مساعٍ أميركية لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار التي بدأت عقب اتصال مطول بين ترامب وبوتين، تلاه اتصال بزيلينسكي.
ورغم عدم مشاركة زعيمي روسيا وأوكرانيا، عقدت مفاوضات سلام في تركيا أسفرت عن أكبر عملية تبادل أسرى حتى الآن، شملت 1000 أسير من كل جانب، وهكذا تتواصل حلقات التصعيد في حرب يبدو أنها أبعد ما تكون عن نهايتها، وسط تعقيد المشهد وتضارب بينما يدفع المدنيون ثمنا باهظا في كل من أوكرانيا وروسيا.