بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنته أوكرانيا في عمق الأراضي الروسية في عملة عرفت باسم "الشبكة العنكبوتية"، تواصل التصعيد الروسي الأوكراني، مع عدم وجود آليات للحل والوصول لاتفاق في الأمد القريب، خاصة مع إعلان الكرملين عدم وجود موعد قريب للمحادثات المباشرة بين الجانبين بشأن السلام بعد جولة المفاوضات في إسطنبول يوم الاثنين الماضي.
تطورات الحرب الروسية الأوكرانية
ولا تزال أصداء القصف الأوكراني لروسيا مستمرة، حيث أظهرت صور الأقمار الصناعية لقاعدة جوية روسية، التُقطت بعد وقت قصير من تنفيذ أوكرانيا لضربة بطائرات مُسيّرة، الأحد الماضي، قاذفات استراتيجية مُدمّرة أو مُصابة بأضرار بالغة.
وفي ذلك الهجوم الذي عرف بـ"عملية الشبكة العنكبوتية"، استهدفت أوكرانيا ما لا يقل عن أربع قواعد جوية في جميع أنحاء روسيا باستخدام 117 طائرة مُسيّرة أُطلقت من حاويات قريبة من الأهداف، حيث تم تهريب هذه الطائرات إلى روسيا على مدار عام، وضربت في وقت واحد مطارات في أربع مناطق على الأقل على بُعد آلاف الكيلومترات من الحدود الأوكرانية.
وأظهرت صور الرادار حطام عدة طائرات تقع على طول مدرج قاعدة بيلايا الجوية العسكرية أو متوقفة في سواتر واقية قريبة، كذلك أظهرت بقايا قاذفتين مُدمّرتين من طراز Tu-22 Backfires - وهما قاذفتان استراتيجيتان بعيدتا المدى وأسرع من الصوت استُخدمتا لشن ضربات صاروخية على أوكرانيا، بالإضافة إلى لقطات من طائرات بدون طيار للضربات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي، أشارت أيضًا إلى تدمير أربع قاذفات استراتيجية ثقيلة من طراز Tu-95 أو تضررها بشدة.
كذلك فجّرت أوكرانيا، أمس الثلاثاء، انفجارًا هائلاً تحت الماء ألحق أضرارًا بالغة بقاعدة الأبراج التي تدعم جسر كيرتش المبني بشكل غير قانوني، والذي يربط شبه جزيرة القرم الأوكرانية، -التي تحتلها روسيا - بروسيا.
وقال جهاز الأمن الأوكراني إن مشروع فلاديمير بوتين المميز قد تعرّض لهجوم بما يعادل أكثر من طن متري من مادة تي إن تي المتفجرة، حيث يتمتع الجسر بحماية مشددة، فيما يوصف أوكرانيا على وضع متفجرات مباشرة على هيكله تحت الماء، بعد عملية المسيرات، بأنه ثاني عملية تستهدف روسيا وتسبب لها خسائر كبيرة وإحراج كبير لبوتين وأجهزة الأمن الروسية في غضون ثلاثة أيام.
تقدم روسي
وقال مسؤولون أوكرانيون إن هجومًا روسيًا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 25 آخرين في مدينة سومي شمال شرق أوكرانيا، أمس الثلاثاء، كذلك أطلقت روسيا قذائف مدفعية على قرية تشيستوفوديفكا في منطقة خاركيف، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة ثلاثة آخرين، وفقًا لحاكم المنطقة.
وصرحت وزارة الدفاع الروسية، اليوم، بأن القوات الروسية سيطرت على مستوطنتي ريدكودوب شرقي أوكرانيا وكيندراتيفكا في منطقة سومي الأوكرانية.
وصرح الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأن الضربة المتعمدة على المدنيين هي "كل ما تحتاجون لمعرفته حول رغبة روسيا في إنهاء هذه الحرب".
فشل المباحثات
جاءت الهجمات بعد عقد فشل محادثات السلام المباشرة في إسطنبول، التي عقدت الإثنين الماضي، حيث فشلت في تحقيق أي تقدم لإنهاء القتال.
فيما أشار دميتري ميدفيديف، العضو الحالي في مجلس الأمن الروسي، بقوة إلى عدم وجود جهد صادق من جانب الكرملين. وقال: "محادثات إسطنبول ليست للتوصل إلى سلام توافقي بشروط وهمية من جانب آخر، بل لضمان نصرنا السريع والتدمير الكامل لحكومة أوكرانيا".
فيما أكد رئيس أركان أوكرانيا، أندريه يرماك، بعد لقائه مبعوث ترامب، كيث كيلوج، أمس: "روسيا تلعب على الوقت، وتتلاعب بالمحادثات، وتحاول تجنب العقوبات الأمريكية، ولا تريد وقف إطلاق النار".
وقال وزير الخارجية الأوكراني، أندريه سيبيا، إنه في محادثاتهما الأخيرة في إسطنبول أصدر الجانب الروسي مجموعة من الإنذارات القديمة التي لا تقرب الوضع من السلام الحقيقي.
وأضاف أن روسيا تجاهلت في الوقت نفسه طلبًا للتعليق على مقترحات أوكرانيا لوقف إطلاق النار، موضحًا: "نطالب روسيا بالرد. كل يوم صمت منهم يثبت رغبتهم في مواصلة الحرب".
فيما قال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين الروسي، إنه من الواضح أن الأمر سيستغرق بعض الوقت لمراجعة مسودات المذكرات التي جرى تبادلها... وسيتفق الطرفان على موعد الجولة المقبلة عندما يكونان جاهزين».
ولفت إلى أن عقد اجتماع ثلاثي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيريه الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، والأمريكي دونالد ترمب، "يكاد يكون غير ممكن في المستقبل القريب، وقد يحدث فقط بعد التوصل إلى اتفاقات على المستوى الفني" حسب تأكيده.
دعم بريطاني لأوكرانيا
واليوم الأربعاء، تعهدت بريطانيا بتزويد أوكرانيا بـ 100 ألف طائرة بدون طيار بحلول أبريل 2026، في حزمة تقدر بـ350 مليون جنيه إسترليني، تعد جزءًا من مبادرة دعم عسكري أوسع نطاقًا بقيمة 4.5 مليار جنيه إسترليني سيقدمها وزير الدفاع البريطاني، جون هيلي، في اجتماع لمجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية المكونة من 50 دولة في بروكسل، والذي تستضيفه ألمانيا.