الأحد 27 يوليو 2025

أخبار

الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: الإدمان مُحرّم .. وإن اختلفت المُسميات

  • 26-7-2025 | 14:04

مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية

طباعة
  • دار الهلال

قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الشريعة الإسلامية أمرت بحفظ العقل وصيانته عن كل ما يغيبه أو يُفسده، والابتعاد به عن كل مُسكر ومُخدر ومُفتّر ومُدمّر؛ باعتبار أن العقل أشرفُ الصفات الإنسانية ومناطُ التكاليف الشرعية، وحمايةً للفطرة، وحفظًا للدين والنفس والأخلاق.

المُسكرات: تغييب للعقل 

وأوضح أن المُسكر هو ما غيَّب العقل دون الحواس، وأذهب التمييز، مع شعور بالنشوة، والاندفاع النفسي، وميل وجرأة على البطش والعدوانية وارتكاب جميع الموبقات، ومثاله: الكحول بأنواعه.

وهو من كبائر المُحرمات، القليل منه والكثير، يقول الحق سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، ويقول سيدنا رسول الله ﷺ في الحديث الشريف: «كُلُّ مُسْكِرٍ خمرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حرامٌ». [ متفق عليه]، ويقول ﷺ: «الخمرُ أمِّ الخبائثِ، فمنْ شربَها لمْ تُقبلْ صلاتُه أربعينَ يومًا، فإنْ ماتَ وهيَ في بطنِهِ ماتَ ميتةً جاهليةً» [أخرجه الطبراني في الأوسط] 

المُخدِّرات: تغييب للعقل وتخدير للحواس

وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية أن المخدر هو ما غيب العقل، وبدد الإدراك، وخدَّر الأطراف والحواس، دون نشوة، وأدى إلى هلاوس حسّية وسمعية، وبطء شديد في ردود الأفعال العقلية والحسية؛ وهو ما يفسر لنا علاقته المباشرة بارتكاب الجرائم.

والمخدرات من الخبائث التي يحرم تعاطيها؛ قياسًا على الخمر؛ لتغييب العقل في كليهما؛ ولقول الله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ } [الأعراف: 157] سواء أكانت المخدرات من المواد الخام أم المصنعة أم المستحضرة، وأمثلتها كثيرة؛ منها: الحشيش بجميع أنواعه كالماريجوانا (وهو مُخدّر ومُفتّر)، والأفيون، والكوكايين، وعقاقير الترامادول واللاريكا.

المُفترات: تغييب للإدراك وفتور عام

وتابع أن المُفتّر هو كل ما يؤدي تناوله إلى الفتور وخدر الأطراف وتثبيط للجهاز العصبي للإنسان وقدراته، وخمول في الحواس، واختلال في التوازن العضلي والنفسي، ومثاله: بعض أنواع التدخين المعالج بمواد مخدرة مثل الحشيش.

وهو من المُحرمات المنهي عنها في الحديث الشريف :«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفَتِّرٍ». [أخرجه أبو داود]

يقول الإمام القرافي رحمه الله: "والقاعدة أنه إذا ورد النهي عن شيئين مقترنين ثم نص على حكم النهي عن أحدهما من حرمة أو غيرها أعطي الآخر ذلك الحكم بدليل اقترانهما في الذكر والنهي، وفي الحديث المذكور ذكر المُفتر مقرونًا بالمُسكر، وتقرر عندنا تحريم المسكر بالكتاب والسنة والإجماع؛ فيجب أن يعطى المُفتر حكمه بقرينة النهي عنهما مقترنين". [الفروق 1/ 216]

العقاقير المنشطة: نشاطٌ زائف ودمارٌ عصبي

وأشار إلى أن «المنشطات» هي مواد تُستخدم بغرض تحفيز الجهاز العصبي؛ لرفع القدرة الجسدية أو العقلية مؤقتًا، لكنها تؤدي لاحقًا إلى الإدمان والانهيار النفسي والعصبي؛ ويحرم تناولها قطعًا؛ للأدلة المذكورة وللضرر المؤكد طبيًا ومجتمعيًّا جراء تناولها وإدمانها، فهي تعرض متعاطيها لتوتر دائم، وقلق، وأرق، وتهيّج عصبي، وهلاوس وذُهان، واضطرابات قلبية وعقلية مزمنة وفقدان للشهية، وقد تؤدي إلى الجنون المؤقت والانتحار، وهذا فضلًا عن صلتها المباشرة بالجريمة وعدد من الأمراض والمشكلات المجتمعية، وأمثلتها كثيرة، منها:  الكبتاجون، الشبو، والأيس.

ويدل على حرمتها ما ذكر من الأدلة السابقة، وقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقول سيدنا رسول الله ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [أخرجه ابن ماجه]

إن اختلفت صور الإدمان ومسمّياته، فإن حكمه في الشريعة واحد؛ إذ العبرة في التصرفات بالمقاصد والمعاني لا بمجرد الألفاظ والمباني.

وأكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإكترونية أن هذا الحكم الشرعي يُحذر من محاولات تمييع الحق أو تزييف الوعي العام عبر فتاوى شاذة، تُبرر تعاطي هذه السموم أو تُهوِّن من خطرها؛ سيما وأن تعمد إصدار فتاوى مضللة تُحل ما حرّمه الله، أو تُلبس على الناس دينهم يُعد جرمًا شرعيًا وأخلاقيًا ومهنيًّا، وفعلًا يستوجب المساءلة القانونية؛ لما يترتب عليه من إفساد للعقول، وتمييع للحدود، وإهدار للثوابت القيمية في المجتمع.
وَصَلَّىٰ اللَّه وَسَلَّمَ وبارَكَ علىٰ سَيِّدِنَا ومَولَانَا مُحَمَّد، وَعَلَىٰ آلِهِ وصَحبِهِ والتَّابِعِينَ، والحَمْدُ للَّه ربِّ العَالَمِينَ.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة