الجمعة 1 اغسطس 2025

عرب وعالم

صحيفتان فرنسيتان: الاتحاد الأوروبي يدخل عالم تسود فيه قوانين ترامب

  • 29-7-2025 | 11:09

الاتحاد الأوروبي

طباعة
  • دار الهلال

اهتمت صحيفتا "لوموند" و"ليبراسيون" الفرنسيتان، في افتتاحيتهما اليوم /الثلاثاء/ بتداعيات اتفاقية التجارة الحرة التي أبرمها يوم /الأحد/ الماضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، في (تيرنبيري) بسكتلندا بأحد منتجعات الجلف الفاخرة.

فمن جانبها، كتبت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الارتياح الملحوظ في صفوف الأوروبيين إثر الإعلان عن اتفاقية التجارة يظهر جليًا حجم المعاناة التي فرضها الرئيس الأمريكي على الاتحاد الأوروبي.. فخوفًا من فرض تعريفة جمركية بنسبة 30% اعتبارًا من الأول أغسطس على السلع المصدرة إلى الولايات المتحدة، اكتفت أوروبا بقبول تعريفة جمركية بنسبة 15% فقط.

وأضافت أن هذه الاتفاقية لا تزال ـ حتى هذه اللحظة ـ صامتة بشأن قائمة الإعفاءات الدقيقة التي تفاوض عليها المفوضية الأوروبية لأكثر القطاعات حساسية. من ناحية أخرى، سلط دونالد ترامب الضوء على التزام الاتحاد الأوروبي بشراء 750 مليار دولار من الطاقة واستثمارات إضافية بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن نتائج المحادثات، بما فيها من غموض، تخلف مرارةً؛ نظراً لحجم سوقها (450 مليون مستهلك) ومكانتها كثاني أكبر مورد للسلع إلى الولايات المتحدة، بدا أن أوروبا، مبدئياً، تتمتع بفرصة أفضل من اليابان لمحاولة تأمين رسوم جمركية أقل من 15%.

ورأت أن تطور المقياس الذي حدده المفاوضون لأنفسهم يلخص النكسات التي واجهوها. ففي نهاية يونيو، كانوا يستهدفون أقل من 10%. وبحلول منتصف يوليو، ظنوا أنهم قريبون جداً من تأمين 10%، وهي النسبة التي تفاوضت عليها المملكة المتحدة، ثالث أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.

وتبرز التسوية غير المتكافئة التي دعت إليها المفوضية الصعوبة التي تواجهها الدول السبع والعشرون في الدخول في صراع نفوذ مع حليف سابق لا يحاول فقط فرض قانونه على بقية العالم، بل يسعى أيضاً إلى تحقيق أجندة سياسية تهدف إلى إضعاف الاتحاد الأوروبي. بعد أن دفعته فرنسا إلى تشديد موقفه في المراحل الأخيرة باعتماد حزمة عقوبات انتقامية بقيمة 93 مليار يورو، تُطبق اعتبارًا من 7 أغسطس في حال فشل مفاوضات التجارة، كانت رئيسة المفوضية الأوروبية، لسبب وجيه، تسعى بكل قوتها إلى الحفاظ على الوحدة الأوروبية في مواجهة إغراء الانفراد.

واعتبرت الصحيفة أن ألمانيا، وإيطاليا تحديدًا، منشغلتان بشدة بالتجارة عبر الأطلسي، مما يعني أنهما لم تكونا مستعدتين للمواجهة. كما أن الحاجة إلى تأمين الدعم الأمريكي في أوكرانيا والمساهمة الأمريكية في الدفاع الأوروبي كانت لها ثقلها الكبير.

وبالتالي وُصفت ضريبة الـ 15% بأنها أهون الشرين، وتأتي بعد زيادات التعريفات الجمركية التي فرضها دونالد ترامب على الصلب والألمنيوم (50%)، وكذلك على السيارات وقطع الغيار (25%). ستؤثر هذه الزيادات حتمًا على القدرة التنافسية للشركات المعنية وسترفع الأسعار. في المقابل، تتمسك رئيسة المفوضية الأوروبية ومجتمع الأعمال بأمل استقرار البيئة الاقتصادية. في الواقع، ليس لديهم أي ضمانات لتحقيق ذلك. بتصرفاته غير المتوقعة، انتهك دونالد ترامب جميع قواعد التجارة الدولية. 

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول ‘نه بعد ثلاثة أيام من القمة بين الصين والاتحاد الأوروبي، التي تحولت إلى ما يمكن اعتباره حوار طرشان، وكشفت عن عجز بروكسل عن تحقيق أدنى قدر من إعادة التوازن التجاري، تلخص المصافحة بين دونالد ترامب وأورسولا فون دير لاين حالة توازن القوى: ففي النظام العالمي الجديد الذي يجري بناؤه، وعلى عكس القيم التي يدافع عنها، لا تنهار أوروبا، لكن لعبتها، في هذه المرحلة الدفاعية البحتة، لا تحميها بأي حال من الأحوال من أي انقلابات جديدة.

بدورها، أشارت صحيفة "ليبراسيون" إلى أن ثمة شعور مؤلم بالاستسلام يسود حاليا في أوروبا بعد الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والرئيس الامريكي دونالد ترامب، والذي حدد الرسوم الجمركية على معظم المنتجات الأوروبية بنسبة 15 %.

وذكرت الصحيفة الفرنسية، أن الاتحاد الأوروبي دخل فعليا بتوقيعه هذه الاتفاقية في "عالم تسود فيه قوانين ترامب"، معتبرة أن قواعد النظام العالمي تغيرت بشكلٍ كبير لدرجة أن ذكرى ما كان عليه العالم قبل ترامب أصبحت باهتة. وكانت أوروبا، في عالم "ما قبل ترامب"، تدعي أنها قوة فاعلة على الساحة الدولية، من خلال تشكيل جبهة موحدة ومدافعة عن قيم الحوار والدبلوماسية. أما الآن، فقد أدخلنا ترامب في عالم نسعى فيه من اجل البقاء، حيث لا تسود إلا قوة الصوت الأعلى.

وتساءلت الصحيفة الفرنسية ماذا كان لا يزال صوت فرنسا مسموعا في ظل تباين ردود فعل المسئولين الأوروبيين؟.. فبينما وصف رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو أمس بالـ"يوم القاتم"، اعتبر وزير اقتصاده، في مقابلة أجرتها معه (ليبراسيون) أن جميع أطراف الاتفاقية "خاسرون" ولكن ليخفف من حدة انتقاده، تسائل عما اذا كان بامكان أوروبا أن تفعل أكثر مما فعلت. وتساءلت الصحيفة الفرنسية عما اذا كان بإمكان اوروبا أن تظهر مزيدا من القوة في وجه شريك لا يفهم سوى لغة القوة.

من جانبها، أكدت أورسولا فون دير لاين على أن ما تم التوصل اليه هو "أفضل اتفاق ممكن". 

وتراهن أوروبا على المدى البعيد على اتفاقيات بديلة مع تكتل ميركوسور وآسيان، والهند. 

واختتمت المجلة الفرنسية افتتاحيتها بالقول: "إن رؤية رئيسة المفوضية الأوروبية تضطر إلى الرضوخ تماما لترامب، لا يعطي سوى انطباعا باننا نواجه اتفاقا مخيبا للآمال للغاية".

أخبار الساعة