قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة محمد الجندي، إنَّ أصول الدِّين ثابتة؛ لأنَّها مِنْ لدُن الخالق الأعلم بمن خلق، فالثبات في الأصول والاجتهاد في الفروع من فقه التجديد ومطالب الدِّين، موضِّحًا أنَّ الدِّين والعِلم لا يتعارضان؛ فالعلم يفسِّر قوانين الكون الماديَّة، بينما يجيب الدِّين عن الأسئلة الكبرى المتعلِّقة بمعنى الوجود والغاية والأخلاق والرُّوح .
جاء ذلك خلال افتتاح فعاليَّات الأسبوع الرابع عشر للدَّعوة الإسلاميَّة، اليوم /الأحد/، الذي تعقده اللجنة العُليا للدَّعوة في جامعة أسيوط تحت عنوان: (مفاهيم حضاريَّة)، برعايةٍ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيِّب شيخ الأزهر الشريف، وذلك بحضور الدكتور أحمد عبد المولى، نائب رئيس الجامعة، والدكتور علي محمود، رئيس الإدارة المركزيَّة لمنطقة أسيوط الأزهريَّة، والدكتور عيد خليفة وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط، ونخبة من علماء الأزهر والأساتذة والباحثين والطلَّاب .
وأضاف الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة إلى أنَّ إنكار التجديد بضوابطه وشروطه التي لا تمسُّ أصول الدِّين وثوابته مخالفةٌ لصحيح فهم الدِّين من زاويتين، زاوية الجمود والتحنط الذي يسقط الاجتهاد، وهو تعطيل، وزاوية التطرُّف بالتخلِّي عن الثوابت بما يسمَّى: (رؤية القارئ المتحرِّرة)، وهو تضليل، وفي كلتيهما غلط وافتراء على الدِّين .
وأكَّد أنَّ الحضارة الإسلاميَّة قامت على فهم متوازن يجمع بين النَّص الشرعي والعقل الإنساني؛ لذلك لم يكُن غريبًا أن يجمع أعلام كابن رشد بين الفقه والفلسفة والطب والفلك، لافتًا إلى أنَّ الأزهر الشريف قدَّم بيانًا واضحًا للتجديد، تجسَّد في كتابات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وعلى رأسها: كتابه (التراث والتجديد.. مناقشات وردود)، الذي وضع أصولًا منهجيَّةً راسخةً لفهم التجديد وضوابطه .
وتوسَّع الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة في بيان العَلاقة بين الدِّين والعِلم، مؤكِّدًا أنَّ العلم لا يملك أن يجيب عن أسئلة الغاية والمصير والمعنى، ولا يضع منظومة قيميَّة أو أخلاقيَّة، بينما يقدِّم الدِّين إطارًا روحيًّا ووجدانيًّا وقيميًّا يضبط الإنسان ويهذِّب المجتمع، وضرب أمثلةً مِنَ التاريخ والفِكر، ومِنْ شهادات كبار الفلاسفة والعلماء الغربيين؛ مثل: ديورانت، وبودلي وكانط، وأينشتاين، الذين رأوا في الدِّين عمقًا لا يلغيه التقدُّم العِلمي.
كما تطرَّق إلى أنواع العقول وطريقة استقبالها لفكرة التجديد، مبيِّنًا أنَّ المشكلة أحيانًا ليست في الفكرة نفسها، بل في العقل الذي يتلقَّاها، ثم انتقل إلى أنواع القلوب في القرآن التي تتفاعل مع الحقائق الإيمانيَّة بقدْر نقائها وقابليَّتها للحق والهدى.
واختتم الدكتور محمد الجندي كلمته بدعوة الأساتذة والطلَّاب معًا، إلى تبنِّي منهج التجديد المنضبط، ليكون منارة في مواجهة تحديات العصر، وإثبات أنَّ التجديد في فقه الدِين هو برهان خلود وضرورة وجود.
وتستمر فعاليَّات الأسبوع الدَّعوي الرابع عشر في جامعة أسيوط على مدار خمسة أيام بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف، تتنوَّع خلالها الندوات الفِكريَّة التي تناقش قضايا: الحضارة، والعِلم، والقِيَم، والحُريَّة المسئولة، وحقوق الإنسان في ضوء الشريعة الإسلاميَّة .