خلال حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي تذكرنا بأن العنف ليس دائمًا صوتًا عاليًا أو يدًا ترفع، بل تتعدد أشكاله وصوره، حيث قد يكون كلمة جارحة، أو تجاهلًا يطفئ القلب، وفي ظل ما تعانيه كثير من النساء من عنف لفظي وعاطفي داخل حياتهن الزوجية، نستعرض مع خبيرة أشكاله وتأثيره وكيفية دعمها واستعادتها لكرامتها وسلامها النفسي.
ومن جهتها قالت الدكتورة سمية أحمد يوسف، أستاذ علم النفس بكلية الآداب، في تصريح خاص لـ"بوابة دار الهلال"، أن الخطوة الأولى لفهم العنف الزوجي تبدأ بتحديد سببه الأساسي، وهل هو مرتبط بطبيعة شخصية الزوج؟ أم هو نتيجة اضطرابات نفسية تمنعه من السيطرة على انفعالاته؟ أم أنه سلوك مكتسب نشأ معه منذ طفولته؟، وذلك لأن كثير من الأزواج الذين يمارسون العنف اللفظي أو العاطفي، قد يعانون من اضطرابات شخصية مثل النرجسية، أو اضطراب الانفجار الغضبي المتقطع، أو الاكتئاب، أو جذور نفسية تعود إلى بيئة نشأوا فيها على مشاهدة العنف كأمر طبيعي داخل الأسرة، أو ضعف الثقة بالنفس والإحساس بالنقص، مما يدفع الزوج للتعويض عبر فرض السيطرة وإهانة الطرف الآخر.

وأضافت أستاذ علم النفس، أنه لا يجب تبرير ذلك السلوك، وتقبله بوصفه ضغطًا نفسيًا أو حالة مؤقتة، فالعنف، مهما كان شكله، سلوك مرفوض وغير مبرر، بل عليها أن تقوم بإتباع الخطوات الأتية للتعامل مع شريك الحياة الذي ينتهج هذا التصرف، ومنها ما يلي:
-على الزوجة أن توضح شريكها بوضوح أن الإهانة غير مقبولة، والسخرية غير مقبولة، والتجاهل المتعمد غير مقبول، والعنف بأنواعه يهدد استمرار الزواج، لأن مجرد التساهل مع هذا التصرف يرسخ تكراره ويمنحه شرعية ضمنية
-الصراحة الحازمة دون صدام، أن يبدأ الحوار بعيدًا عن لحظات الغضب، وتختار الزوجة وقتًا هادئًا وتقول لزوجها بوضوح أن ما يفعله يؤذيها، ويهدد علاقتهما، ولن تقبله مرة أخرى، وهذه المصارحة ليست هجومًا، بل حدود صحية تحمي كرامتها واستقرار الأسرة.
- تجنب المواجهة أثناء لحظات العنف، لأن أخطر خطأ تقع فيه الزوجة هو الدخول في جدال حاد أثناء نوبة الغضب، فالزوج في تلك اللحظة لا يسمع، ولا يقدر، ولا يسيطر على انفعالاته، ولذلك يجب أن يكون هدف الزوجة الأول هو السلامة، وليس النقاش، وتبتعد عن المكان، لتحمي نفسها، ثم تفتح باب الحوار لاحقًا في وقت آمن.
-إذا تكرر العنف اللفظي رغم التنبيه الصريح، هنا يجب الاستعانة بأطراف داعمة، سواء أفراد من العائلة، او مختص نفسي وعلاقات أسرية.
وأكدت، على أن هناك لحظات يصبح فيها الاستمرار في تلك العلاقة خطرًا حقيقيًا، وذلك عندما يتكرر ذلك السلوك، أو التأثير السلبي العميق على الصغار، فالطفل الذي يشاهد والدته تهان أو تحقر، قد يكبر مكررًا العنف نفسه، أو خائفًا، أو فاقدًا للأمان، كما أن العنف اللفظي له العديد الآثار النفسية على الزوجة والأطفال، وأهمها:
-يحطم العنف اللفظي والعاطفي جوانب متعددة من المرأة، حيث يضعف ثقتها بنفسها، ويسبب القلق والاكتئاب.
-يربك قدرة المرأة على اتخاذ القرار، ويزرع داخلها خوفًا دائمًا، يشوه مفهومها لذاتها.
-أما الطفل، فهو لا ينسى، وإما يقلد العنف، أو يفقد احترامه لوالده، أو ينشأ بشخصية مهزوزة مليئة بالاضطراب.