الخميس 4 ديسمبر 2025

أخبار

ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: حُسن العِشرة أساس استقرار الأسرة والمجتمع

  • 3-12-2025 | 18:25

ملتقى المرأة بالجامع الأزهر

طباعة
  • أحمد جاهين

أكدت نخبة من أساتذة جامعة الأزهر الشريف أن "حسن العشرة" يمثل خلقًا إسلاميًا عظيمًا، فهو ليس مجرد فضيلة، بل عبادة وقربة وأساس للاستقرار الأسري والاجتماعي، مشددين على دوره المحوري في تعمير البيوت وتحقيق المودة والرحمة.

جاء ذلك خلال اللقاء الأسبوعي الذي عقده ملتقى المرأة بالجامع الأزهر حول "حسن العشرة في ميزان الشرع"، بحضور كل من: شهيدة مرعي، أستاذ مساعد البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، ونسرين سمير، أستاذ علم الاجتماع والرئيس السابق بكلية الدراسات الإنسانية، والدكتورة حياة العيسوي، الباحثة بالجامع الأزهر.

وأكدت شهيدة مرعي أن "حُسن العِشرة" يُعد خلقًا عظيمًا من أخلاق الإسلام، فهو ليس مجرد فضل زائد، بل عبادة وقُربة تُنثَر بها البركة في البيوت وتُرفع بها الدرجات، فحُسن العِشرة هو الميزان الذي يظهر به صدق الإيمان وتمام الاتباع لرسول الله ﷺ وأساس تعمير البيوت وتصفية العلاقات واطمئنان النفوس، مستشهدة بحديثه ﷺ: "خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي".

وأكدت أستاذة البلاغة والنقد، على أن الإسلام أَولى العلاقات الإنسانية عناية بالغة، داعيًا إلى اللين والتغافل والصبر والرحمة والتعامل بالحسنى، مستعرضة التوجيهات القرآنية في هذا الصدد: في عموم التعامل مع الناس، قال تعالى: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾، وفي شأن العلاقة الزوجية، قال سبحانه: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾، "فالمعروف" في هذه الآيات ليس مقتصرًا على أدب اللسان، بل هو خلقٌ في القلب، ورفقٌ في السلوك، وعدلٌ في التعامل.

واختتمت حديثها بالتأكيد على أن من أحسن عِشرته مع أهله وأقاربه وجيرانه وزملائه، فإنه ينال رضا الله ومحبة الناس ويكون قدوةً في الخير، سببًا في نشر المودة والسكينة في المجتمع كله.

من جانبها، أكدت نسرين سمير على أن حسن العشرة بين الزوجين هو من الأسس الرئيسة لسلامة واستقرار العلاقة الزوجية لما له من مردود اجتماعي كبير على الطرفين والأسرة والمجتمع، لافتة إلى أن القرآن والسنة أكدا ذلك، قال تعالى: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾، وذكرت أن مظاهر حسن العشرة تشمل: التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل والتسامح والتغاضي عن الهفوات والتحكم في الانفعالات.

وبيّنت أستاذة علم الاجتماع أن العائد الاجتماعي لحسن العشرة على الأسرة يتمثل في: تحقيق التوازن النفسي والاستقرار الأسري، وانخفاض الخلافات الزوجية، وتربية الأبناء وتنشئتهم بشكل سوي.

وعلى المستوى المجتمعي، أكدت الدكتورة نسرين سمير أن حسن العشرة يؤدي إلى انخفاض معدلات التفكك الأسري والطلاق، مما يجنب الدولة تحمل التكاليف الباهظة المرتبطة بالتقاضي والنفقة، ويَدرأ بذور الانحراف والجريمة بتنشئة عناصر صالحة قادرة على المشاركة بفاعلية في التنمية.

وفي السياق ذاته، أكدت حياة العيسوي أن حسن العشرة في ميزان الشرع هو أساس العلاقة الزوجية، مشيرةً إلى أن الله تعالى جعل النكاح مبنيًا على السكن والمودة والرحمة، مستشهدة بقوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾.

وأوضحت أن السكينة تعني الطمأنينة والأُنس والاستقرار، كما بينت أن العلاقة مبنية على المحبة والمودة، وإذا انتفى الحب، وجبت الرحمة والرأفة بالطرف الآخر، تأكيدًا لقول النبي ﷺ: "إني أُحَرِّج عليكم حقَّ الضعيفين: اليتيم، والمرأة".

كما أشارت الباحثة بالجامع الأزهر إلى مبدأ المعاشرة بالمعروف والحقوق المتبادلة، مستدلة بقوله تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، ونقلت عن ابن عباس قوله: "إني لأتزيَّن لامرأتي كما أُحِبُّ أن تتزين لي؛ لأنَّ الله قال: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾"، دلالة على شمولية هذا الخلق لمختلف جوانب الحياة الزوجية.

ودعت حياة العيسوي إلى ضرورة نشر ثقافة حسن العشرة وتنمية المهارات الاجتماعية المؤدية إليها، مثل التحكم في الغضب، والمرونة، واحترام الاختلاف، وتقديم المنفعة العامة، لما لها من أثر مباشر وإيجابي على الفرد والأسرة والمجتمع بأكمله.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة