الإثنين 1 يوليو 2024

البابا فرنسيس يواجه بطء الإصلاحات بعد أربع سنوات على اختياره

10-3-2017 | 14:55

وكالات

باشر البابا فرنسيس، المنتخب في 2013، لإجراء إصلاحات في الفاتيكان الذي أضعفته الفضائح، ورشا عدة، لكن اندفاعته تجد صعوبة في التحول بصورة سريعة إلى واقع ملموس بعد أربع سنوات على حبريته.

وعشية حلول هذه الذكرى، الاثنين في 13 مارس،الجاري ما زال البابا الأرجنتيني يثير حماسة شعبية كبيرة، بفضل لغته البسيطة وقربه من الناس، لاسيما الأكثر تواضعًا بينهم، لكن داعميه أقل عددًا بكثير في جهاز إدارة الفاتيكان الذي يعرف عن البابا وجهًا متسلطًا غالبًا ما يقسو عليه.

وفي كلمة ألقاها في كرادلة حاضرة الفاتيكان في ديسمبر، لتقديم أمنياته للسنة الجديدة، تلا البابا لائحة من ثمانية عشر قرارًا إصلاحيًا أساسيًا، مشددًا على ضرورة ألا تكون مجرد "إجراء شكلي" بل أن تترافق مع "تغيير في العقلية".

لكن أسقفًا أرجنتينيًا قريبًا من البابا قال: إن "الحبر الأعظم لا يستطيع أن يعول إلا على حوالي 20% من الدعم النشط داخل الجهاز التنفيذي للفاتيكان، لأن أكثرية أعربت عن ولائها بطريقة تتسم بمزيد من السلبية، فيما أبدت أقلية معارضتها. والعقبة الأخرى هي أن التغيير مسألة غير راسخة أبدًا في ثقافة الكنيسة التي تعود إلى ألفي عام، والتي تتبع وتيرة خاصة بها".

وشكل ملف التعديات الجنسية البالغ الحساسية دليلاً الأسبوع الماضي على هذه الصعوبة المزدوجة.

فقد استقالت ضحية أيرلندية سابقة هي ماري كولينز، من لجنة مكافحة التعديات الجنسية على الأطفال التي أنشأها البابا، منددة بقلة تعاون "معيب" من مسئولي الفاتيكان، وخصوصًا من جانب "مؤتمر العقيدة والإيمان" حارس العقيدة والتقاليد.

ورد رئيس المؤتمر الكاردينال الألماني المحافظ غيرهارد لودفيغ مولر، بالقول: "اعتقد أن من الضروري التخلص من هذه الفكرة المسبقة التي تقول بأن هناك من جهة البابا الذي يريد الإصلاح، ومن جهة أخرى مجموعة من المعارضين الساعين إلى عرقلته".

يعتبر الخبير الفاتيكاني جياني فالنتي، المتعاون مع موقع "فاتيكان إينسايدر" للتحليلات، والمتعاطف مع رسالة البابا، أن "الصورة المبسطة لبابا جيد وإدارة سيئة باتت تشكل خطرًا على الحبر الأعظم من خلال عزله"، كما أنها لا تنطبق دائمًا على حقيقة الواقع، فكثيرون في الفاتيكان يعتبرون أن بعض الإصلاحات لم تجر في شأنها مشاورات مسبقة، أو عهد بها إلى أشخاص ليسوا على قدر المسؤولية.

والمثال الأبرز على ذلك يبقى توظيف المستشارة فرانشيسكا شوقي، التي أوقفت في 2015 لتسليمها اثنين من الصحافيين آلاف الوثائق السرية عن الوضع المالي للفاتيكان.

وكشف هذان الصحافيان، لاحقًا في كتبهما، عن عدد من عمليات الاختلاس المالي، منها اختلاس هبات مقدمة للكنيسة ومخصصة للفقراء، لكنها استخدمت لتمويل نمط الحياة الفاخر لبعض الكرادلة. وأدت هذه الاختلاسات إلى محاكمة "فاتيليكس 2" التي أحرجت الفاتيكان.

ويتمحور صلب الإصلاحات حول رقابة أفضل للنفقات الهائلة، لكن الكرسي الرسولي يقر بأنه سيحتاج إلى "بضع سنوات" إضافية لنشر حسابات موحدة مثبتة.

وقال مصدر داخلي، ساخرًا: "إنها لمسألة معقدة أن تفرض معايير محاسبة مشتركة عندما لا تفعل ذلك منذ قرون".

وبعد شهر على انتخابه، شكل البابا مجلسًا استشاريًا من ثمانية كرادلة (اليوم تسعة) لمساعدته على إصلاح الإدارة المركزية للكنيسة، من غير أن تتوافر تفاصيل كافية عن التقدم الذي تحقق حتى الآن في هذا المجال.

وفي بداية 2014، أنشأ البابا وزارة قوية للاقتصاد يتولاها الكاردينال الاسترالي جورج بل، الذي كشف عن وجود مئات ملايين اليورو غير المرئية في الحسابات.

وأثار تعيينه موجة استياء، لكن صلاحياته المطلقة التي كان يحظى بها تراجعت منذ ذلك الحين، كما يرى الخبراء الفاتيكانيون.

فقد استعادت الهيئة المشرفة على الثروة العقارية الهائلة للكنيسة، السيطرة على أنشطتها، كما يقول الخبير الفاتيكاني المحافظ ساندرو ماجستير، الذي يوجه الانتقادات للبابا.

وفي المقابل، أبصرت النور وزارتان كبيرتان، ويجرى إصلاح جذري لوسائل الإعلام في الفاتيكان، على رغم الانتقادات.

وقال ساندرو ماجستير، منددًا: إن "البابا يفتح ملفات وينشر الفوضى". وأضاف أن الإصلاح الذي كان يطغى قبل أربع سنوات على الخطابات التي سبقت المجمع "ما زال بعيدًا عن تحقيق هدفه".

ودافع جياني فالنتي، بالقول: إن "البابا يطرح خطوطًا توجيهية، هذا عمل يحتاج إلى نفس طويل". واعتبر هذا الخبير الفاتيكاني أن نجاح حبريته "لا يتوقف على تحقيق نتائج خلال حياته"، مذكرًا بأن إدارة الفاتيكان مجرد أداة في خدمة البابا.