رأى الكاتب البريطاني جدعون راخمن أن المملكة المتحدة تنظر إلى أوروبا عبر مرآة بريكسيت المشوّهة، مؤكدا أن كلا معسكرَي الخروج والبقاء منقسمان وعاجزان عن التفكير بشكل موضوعي.
ونبه راخمن، في مقاله بالفاينانشيال تايمز، إلى أن بريكسيت تسبب في تحويل المحللين السياسيين البريطانيين إلى مشجعين كرة قدم، نصفهم يشجع فريق الخروج والنصف الآخر يشجع فريق البقاء؛ النصف الأول يبتهج لأي أخبار عن أوروبا يرى فيها تأكيدا لانحيازه، رافضًا أي معلومات مغايرة، والعكس صحيح مع النصف الآخر.
وضرب راخمن مثلا بالأزمة في كتالونيا؛ مشيرا إلى أن المحللين السياسيين من مشجعي فريق الخروج كانوا يرون في تلك الأزمة (إبان احتدادها) دليلا على اعتقادهم بأن الاتحاد الأوروبي يتفتت، علاوة على كونه مشروعا غير ديمقراطي، أما نظرائهم من مشجعي فريق البقاء فقد رأوا في أزمة كتالونيا (بعد انفراجها) تأكيدا على استقرار المشروع الأوروبي - وما ينطبق على أزمة كتالونيا ينطبق على أزمة تشكيل ائتلاف حاكم في ألمانيا إبان احتداد الأزمة وبعد انفراجها.
ورصد الكاتب كيف يصرّ أنصار بقاء بريطانيا في الاتحاد على إثبات حماقة مغادرة الاتحاد الأوروبي متحدثين من منظور يرون من خلاله كل شيء ورديّ في حدائق بروكسل - ومشكلة هؤلاء تظهر عندما تأتي أخبار سيئة من بروكسل.
على الجانب الآخر، رصد راخمن، كيف يصرّ أنصار الخروج على الترويج لفكرة اقتراب انهيار صَرْح الاتحاد الأوروبي - ومشكلة هؤلاء هي أن توقعاتهم المبالغ فيها لا تقع عادةً.
ونوه الكاتب إلى أن المحللين السياسيين المشجعين لمعسكر الخروج يقللون من قدرة المشروع الأوروبي على المرونة، ويعود فشلهم هذا إلى إخفاقهم في الوقوف على تصميم النخبة الأوروبية على بقاء التكتل (الاتحاد) سالمًا كاملا.
ورأى راخمن أن المشكلات الراهنة التي يواجهها الاتحاد الأوروبي كفيلة بدعم معسكر البقاء وليس الخروج؛ فعند مواجهة مشاكل مثل، دعم القيم الليبرالية في المجر، أو التعامل مع أزمة اللاجئين، أو الحفاظ على استقرار مالي في أوروبا - عندئذ ليس ثمة بديل عن الاتحاد الأوروبي الذي يمثل، رغم كل عيوبه، الآلية الوحيدة الحقيقية للبحث عن حلول لمشكلات أوروبا في عمومها؛ ومن ثم يجدر ببريطانيا أن تكون جزءا من جهود إيجاد تلك الحلول لا أن تكون جزءا من المشكلة عبر الخروج من الاتحاد.