حوار: سمير أحمد
منذ أيام قليلة مرت الذكري الرابعة والثلاثون لشاعر مصر الكبير حسين السيد الذي كان يتمتع بقدر كبير من الوسامة ونضارة الشباب وهو واحد من أشهر كتاب الاغنية الذي كتب أجمل كلمات الاغاني وغني له كبار المطربين والمطربات عبد الحليم حافظ ونجاة ، وفريد الاطرش وكون مع الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ثنائياً جميلاً وقدما معا أجمل الاغنيات مثل ، اجري اجري ، اجري يانيل ، يا مسافر وحدك ،والكثيرمن الابداعات التي سطروها علي مدار مشوارهما الفني معا ........
هذا الحوار مع دكتورة حامدة أستاذ أمراض الدم بمعهد تيودور بلهارس للابحاث ابنة الشاعر الكبيرحسين السيد وزوجة د.يسرى الهوارى أستاذ جراحة العظام والعامود الفقرى بقصر العينى وأبنيهما دكتور أحمد طبيب الأسنان وبسمة مصممة سيراميك والتي سألناها عن أشياء كثيرة منها أهم المحطات في حياة والدها وعن حال الفن ورأيها في الاغاني وبرامج التليفزيون فوضح من خلال اجاباتها علي ما طرحناه ليتضح لنا متابعة جيدة لمايدور علي الساحة في كافة النواحي......؟
قالت :
والدي من مواليد مدينة طنطا لأب مصري وأم تركية.. وكان لخاله "تكية" للانشاد الديني وحلقات الذكر وكان يحضرها بعض الشعراء ومن هنا تربت أذنه علي تذوق النغم الاصيل فكتب أجمل الاغاني وغناها مشاهير الطرب وقد قال عنه الموسيقار عبد الوهاب "حسين السيد له اذن تغني عندما يكتب" وعند بلوغه ست سنوات انتقل للحياة في القاهرة والتحق بمدرسة الفرير الفرنسية وظل بها حتي حصوله علي البكالوريا ثم احب الادب الفرنسي وتعلق به وهذا ساعده علي تكوينه الادبي ، فوالدي بدأ السلم بتقدمه لمسابقة لاختيار وجوه جديدة لفيلم "يوم سعيد" فإذا به يسمعهم في البلاتوه يتحدثون عن موقف يحتاج لاغنية في الفيلم .. فيعود الي المنزل ويسهر طوال الليل ويلهمه الله بأغنية "اجري اجري" وهذه كانت بداية التعاون بينه وبين الموسيقار عبد الوهاب والذي امتد لأكثر من أربعين عاما.
كم عدد الاغاني التي كتبها واشهرها ؟
كتب ما يقرب من ألف أغنية منها العاطفي والوطني والديني وبرع فيها جميعا وأشهرها من الأغانى الوطنية "صوت الجماهير، الجيل الصاعد دقت ساعة العمل - المارد العربي سلمولي علي مصر- -ناصر، الارض الطيبة- ....وغيرها وايضا كتب للاسرة الأغانى الشهيرة - ست الحبايب، حبيبة امها، امورتي الحلوة- ماما زمانها جاية الاغاني الدينية "اله الكون، الهي ما اعظمك، الصبر والايمان"
ومن الاغاني الشعبية حارة السقايين- علي رمش عيونها، مين قالك تسكن في حارتنا، كعب الغزال، "أما الاغاني العاطفية فقد كان لها الجانب الأكبر من إبداعاته مثل" حياتي أنت الحبيب المجهول- عاشق الروح- لا مش أنا اللي أبكي أهواك- جبار، قولي حاجه- وقدرت تهجر- أبو ضحكة جنان- كما أنه تميز في الاوبريت والديتو مثل اللي يقدر علي قلبي - ابجد هوز- عيني بترف - يانورا يانورا، حكيم عيون حاجة غريبة.
كما أنه كتب أغانى للاطفال وكانت تعكس علاقة منفردة بينه وبيننا قبل أغنية ذهب الليل، فكان والدي رحمة الله عليه يخصنا بحكايات من تأليفه يحكيها لنا يوميا ويكملها لنا يوما تلو الآخر.
هل جمعت أعماله التي غناها المطربون والمطربات والتي لم تنشر في ديوان ؟
بالفعل قمت بتجميع أكثر من النصف من مجموع أعماله وهو ما استطعت أن أحصل عليه وكتبت مع كل عمل الذكريات المرتبطة به وكل أملي أن اطرح هذا الديوان بشكل جيد لانها كانت أمنيته لكني مازلت ابحث عن الطريقة المثلي لطرحه، وقد قال الناقد الكبير خيري شلبي عنه: استحالة أن يكتب كل هذه الاعمال بمفرده بالتأكيد يمتلك ورشة تضم شعراء صغار كثيرين لكل هذه الابداعات مستحيل أن يكتب" عاشق الروح" "وعيني بترف "في نفس الفيلم،لكن هي موهبة اعطاها الله لوالدي
ما أشهر الاغاني التي غناها له محمد عبد الوهاب ؟
اكثر من كتب لهم اغاني هو الفنان محمد عبد الوهاب.
كيف كانت علاقته بالسيدة ام كلثوم ولماذا لم يكن هناك تعاون بينهما ؟
كانت علاقته بها طيبة ولكن لم تغن له أي اغنية بل كانت هناك فكرة أغنية " شكل تاني حبك انت " سمعتها من عبد الوهاب وأعجبت بها ولكن عبد الوهاب كان قد وعد نجاة بأن تغنيها وتسرب الخبر من خلال الصحف بأن السيدة أم كلثوم هي التي تغنيها فرفضت أم كلثوم أن تتهم بهذا الاتهام ولم تغنها وكانت من نصيب الفنانة نجاة وقبل وفاته كان هناك احتمال بأن تغني له أغنية "في يوم وليلة" لكنها طلبت تغييرات ولم يحدث إتفاق بينهما وكانت من نصيب المطربة وردة
وهل كانت بالفعل تريد التعاون معه؟
بالتأكيد ولكن لم يحدث نصيب لان عبد الوهاب كان يخيفه منها لانها تغير كلمات الاغنية وتتدخل في عمل الشعراء وكان يرفض هذا الامر تماماً هذا ما جعله يتخوف من التعامل معها
وماذا عن بداية تعاونه مع عبد الحليم حافظ ؟
بدأ التعامل معه من خلال فيلم " ايام وليالي " حيث غني له اغنية "شغلوني " وأغنية "توبة" وقد قال عبد الوهاب لحسين السيد أريد أن اعمل لحن يتغني به الجماهير بعد مشاهدتهم للفيلم وحيث كان يريد منافسة من لحنوا لعبد الحليم من الشباب مثل الموسيقار كمال الطويل ومحمد الموجي وفعلا عندما تستمع إلي الأغنيتين تشعر كأنهما كتبا اليوم وقبل وفاته غني له حليم " فاتت جنبنا "
اشتهر الشاعرحسين السيد بأغاني "القصة " فماهي حكايته مع هذا النوع من الاغاني ؟
لقد تميز في هذا النوع من الاغاني وهو ما يطلق عليه الأغنية الدرامية فعندما تسمعها تحس وكانها مشهد ، وأول أغنية هي "ساكن قصادي " للفنانة نجاة الصغيرة وكلنا يعرف القصة " وعايز جوابتك ايضا" لنجاح سلام " مين قالك تسكن في حارتنا" غنتها الفنانة شادية هي قصة ايضا أغنية "فاتت جنبنا" لعبد الحليم والتي كانت لها رد فعل شديد من قبل الجماهير لقصتها الجميلة.
كانت امنية الشاعر الراحل أن يكون نجما سينمائيا ما السبب في عدم تحقيق أمنيته ؟
بعضهم ذكر هذا وهو غير صحيح هو كان وسيماً جدا وعندما علم بأن هناك مسابقة للوجوه الجديدة تقدم وكان يشعر ان هناك فرصة لو اتيحت له سيحقق حلمه وهو كتابة الاغاني والتأليف وقد قال في نفسه المهم أن اضع قدمي علي طريق الفن وقد جاءت فرصة " اجري اجري " وسمعها عبد الوهاب وكانت بداية التعاون والتوأمة بينهما وقد مثل في حياته مرة واحدة من خلال فيلم "رسالة من امرأة مجهولة " وكان من المفروض أن تكون له اغنية تذاع في الفيلم ونظرا لكثرة الاغاني لم يحالفه الحظ أن تغني فأراد رمسيس نجيب منتج الفيلم أن يرضيه فجعله يمثل دوراً صغيراً عوضا عن الاغنية فمثله وكان موفقاً ...
الشاعرحسين السيد جعل ٍ«ست الحبايب» لقبا للام في مصر والعالم العربي كله وهذا يكفيه فخرا ماهي ظروف كتابة هذه الاغنية الجميلة ونحن نقترب من عيد الام وما هو إحساسك عند سماعها ؟
ست الحبايب اغنية خالدة وأنا اتذكر أنه كان هناك حوار للفنانة الراحلة فايزة أحمد قبل وفاتها من خلال مجلتكم "الكواكب" قالت فيه "ست الحبايب" للشاعر حسين السيد خلدتنى فهي فعلا خلدت الثلاثة الشاعر حسين السيد والموسيقار عبد الوهاب والمطربة فايزة احمد وستبقي ابد الدهر ، وكلمة "ست الحبايب" وقد يستغرب القاريء لما اقوله فعندما كانت تريد والدته أن " تدلعه " وهو طفل وهي عادة عندنا كمصريين عندما " ندلع " الذكر بالانثي والعكس فكانت تقولها له فعندما كبركان يقولها لها وما اعلمه أن هذه الاغنية كتبت ولحنت في يومين فقط وكان "الكوبليه" يكتب ويملي للاستاذ عبد الوهاب بالتليفون ومايقال عن قصتها وموضوع الهدية غير صحيح رغم حلاوة ماقيل لانه لم يكن هناك عيد أم قبل الاغنية وهي كتبت لتكون أول اصدارفي هذا العيد وهي فكرة الكاتبين الكبيرين علي ومصطفي أمين ود.ثروت عكاشة وزير الثقافة وقتها والذي أوكل لها أن تكون هناك اغنية بهذه المناسبة الجميلة فكلف والدي من قبل عبد الوهاب بكتابتها.
هل انت متابعة للحركة الفنية الآن ومارأيك فيما يقدم خاصة أغاني الشباب ؟
اسمع شيرين، انغام ، هاني شاكر، محمد ثروت ، وهناك مطربون لم يعتنوا بما يقولون وهناك كتاب متميزون مثل الكاتب ايمن بهجت قمر، بهاء جاهين، بهاء محمد ، وكثيرون هؤلاء يكتبون كلمات صادقة ومعبرة
وأنا أري الآن أن هناك اغاني في بعض الافلام الحالية تعمل بطريقة سيئة وصورة "فجة" وحزنت جدا عندما غني احد المطربين اغنية " علي رمش عيونها " لراقصة درجة 17 تأتي بحركات غير صحيحة لوقارنت بما رأيناه زمان في افلام فريد الاطرش وسامية جمال وعبد العزيز محمود ومحمد رشدي ونجوي فؤاد سنجده صفرا علي «الشمال» فأرجو أن نهتم بالتراث وان لايهان بهذا الشكل ....
حدثينا عن علاقة والدك بالملحنين و بعض الذكريات معهم؟
كان شديد الصلة بالموسيقار عبد الوهاب واتذكر أنه اخدنا نزوره في منزله أنا وأخوتي كل واحد مرة وكان يريد من ذلك أن تكون هذه الزيارات في تاريخنا او ذاكرتنا اننا رأينا موسيقارالاجيال وتقابلنا معه وكان دائم الزيارة لنا الفنان سمير الاسكندرني وعمل معه أغان سريعة مثل" بنت يادوسة" «شايل كم وردة» واغنيات كثيرة من هذا النوع واستطيع ان اقول انه كان يستطيع أن يطور نفسه مع كل زمان ومن كلماته " شالوا الدو وجابو شاهين " والتي تقال في مناسبات كثيرة وغناها ثلاثي أضواء المسرح.
ما آخر أغنية قدمها قبل رحيله ومن غناها ؟ هل كان له أصدقاء من الوسط الفني؟
كان عكس ما يتصور الكثير من الناس ليس له "شلليه" ولايخرج الا للذهاب الي مكتبه الذي كان موجوداً بميدان «الاوبرا» في وسط البلد الساعة الثانية عشرة ظهرا ويعودفي السابعة مساء أما اللقاءات داخل المنزل فقد كانت قليلة لست ادري هل كان هذا تحفظ منه أو كان يريد أن يحجبنا عن الوسط الفني وكان جارنا في ذلك الوقت عبد الحليم حافظ قبل ان ينتقل إلي الزمالك.
ماذا اكتسبت من والدك الشاعر حسين السيد؟
كان شخصية مبهجة للذين يعرفونه ومصدر فرحة وسعادة لنا لدرجة أنه كان يريد منا ألا نذاكر وهذه مشكلة والدتي معنا وكانت سعادته في تجمعنا حوله فكان يصعب عليه أن نتركه ويحكي لنا الحواديت وكان يجلس معنا حوالي ساعة قبل المذاكرة وكان شديد الاهتمام بأن نتعشي مع بعض، فهذه اشياء العائلة المصرية افتقدتها في هذا الزمان لاجل ذلك ننتظر قدوم شهر رمضان الذي يجمعنا فكانت تعنيه جدا فكرة الاسرة وتجمعيتها وكما قلت إنه كان صبورا جدا حتي بعد توقف تجارته أصبح الشعر مصدر رزقه فهذه كانت من الاشياء الصعبة عليه لو كنا اكتسبنا منه شيئاً فهو الرضا بقضاء الله والايمان بغد احسن وكان يشعرنا دائما بأنه يمتلك السلام مع الصبر وتستطيع أن تحدثه في أي شيء ووجودنا حوله بدون أن نشعر مكننا من الوصول لتفاصيل شخصيته وأتمني أن نكون اخذنا حتي ولو واحداً من عشرة مما كان يتصف به.