أكد اللواء مجدي عبد الغفار
وزير الداخلية أن قوى الظلام والدمار صدمها المشهد المصري مرات عديدة، فأفشل مخططها
الشامل بالمنطقة حين أطلق ثورة 30 يونيو، ثم لم ينكفئ على محاربة الإرهاب وينشغل بالقضاء
عليه، بل اتجه في الوقت ذاته لتحقيق التنمية والنهوض بالاقتصاد في مشهد أصرتْ خلاله
قيادته السياسية، ومن خلفها مؤسسات دولته، بل والشعب كله على الاشتباك مع كافة التحديات
في وقت واحد دون تراخٍ، لإعادة ترميم ما تم إفساده وهدمه، والانطلاق بقفزات واسعة تستحقها
مصر بين دول العالم.
جاء ذلك خلال الكلمة التي
ألقاها اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، خلال مشاركته في أعمال الدور الـ٣٥ لمجلس
وزراء الداخلية العرب المنعقد في الجزائر، اليوم الأربعاء، وعلى مدار يومين.
وأوضح وزير الداخلية أن
الصمود المصري حفيظة قوى الشر والدمار، فآثرت إلا أن تجعل مصر في مرمى الاستهداف المباشر
لمخططاتها العدائية، التي تستخدم التنظيمات الإرهابية مطيةً لها، فكان لزامًا تنفيذ
استراتيجية واسعة وناجزة للقضاء على الإرهاب وتداعياته لتأمين انطلاق الدولة نحو التنمية
الشاملة على كافة المحاور.
ونقل اللواء مجدي عبد الغفار
وزير الداخلية - في بداية كلمته - تحيات الرئيس عبدا لفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر
العربية، وتمنياته الصادقة أن يؤدي مجلس وزراء الداخلية العرب الموقر أعمال هذه الدورة
بالتوفيق والسداد.
وأضاف وزير الداخلية أن
هذا الاجتماع يأتي في ظل التطورات المتلاحقة والتحديات التي لا تزال تواجه أمتنا، وتهدد
أمن واستقرار شعوبنا، نتيجة لغياب الإرادة الدولية الجادة لدعم المواجهة الشاملة للإرهاب،
وتفكيك تنظيماته، وتجفيف منابع تمويله، وعدم توفير الملاذات الآمنة لقيادته وكوادره.
وشدد على ضرورة إدراك أن
عالمنا العربي والإسلامي يتعرض لأسوأ مؤامرة، من تزكية الاضطرابات، والصراعات الطائفية
والمذهبية، وإدارة حروب بالوكالة بهدف تفتيت وتقسيم الدول، وتشريد شعوبها، وطمس هويتها،
والسيطرة على ثرواتها.
وأشار وزير الداخلية إلى
أنه إذا كنا نتابع بكل فخر ما تحقق من انتصارات في عدد من الدول العربية ضد تنظيم
"داعش" الإرهابي، فيجب أن ننتبه إلى خطورة تنقل العناصر الهاربة من مناطق
الصراع بين دول الجوار، أو عودتهم لأوطانهم، كما يجب أن نراقب بكل جدية كافة التنظيمات
الإرهابية الأخرى بمختلف مسمياتها، وانتماءاتها، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة، حتى لا
نترك لها المجال لإعادة بناء هياكلها، واستقطاب عناصرها من جديد، وهو ما يفرض حالة
تأهب واستنفار قصوى، وتوحيد الجهود في إطار عربي متكامل، وتنسيق دولي شامل لضمان إحباط
تلك التهديدات، التي تسعى لإدخال دول المنطقة في دوائر متصلة من العنف والإرهاب.
ونوه بأن العالم أيقن أن
أحدًا بات لا يملك اليوم الانعزال محصنًا بمنأى عن الإرهاب واستهدافاته بعد أن طالت
ضرباته الشرق والغرب بلا تفرقة ولا رحمة، لتؤكد بوضوح أنه لا ينتمى لدين أو وطن، أو
يرتكز على أسباب الجهل والفقر.
وأكد وزير الداخلية أن
الأمر يقتضى منا أن تتضافر جهودنا جميعًا، وأن نتبادل التجارب والخبرات، وأن نستلهم
من التجارب الناجحة في مكافحة الإرهاب، التي تتسم بالآفاق الرحبة الواسعة بالنظر إلى
آفة الإرهاب بأبعادها الفكرية والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية .
وأكد وزير الداخلية أهمية
تحصين المجتمع بكافة فئاته وخاصة شبابه من الأفكار المتطرفة، التي تعد المنصة التي
تنطلق منها فتاوى إباحة العمليات الإرهابية، وذلك بتمكين الخطاب الوسطى، ونشر مفاهيم
الدين الصحيحة، فضلًا عن تعزيز قيم المواطنة والهوية الوطنية.
كما ثمن ضرورة اعتماد استراتيجية
شاملةٍ تتضافر فيها جميع الجهود لمواجهة الإرهاب، وقطع كافة روافد بقائه ودعمه، وتجفيف
منابع تمويله وحرمانه من مصادره المادية واللوجيستية، وهزيمته فكريًا وإعلاميًا.
وأضاف أن المسؤولية الدولية
المشتركة لمواجهة الإرهاب، التي تقتضي تكاتف المجتمع الدولي تجاه الدول التي تدعمه،
وتأوي قياداته، مشيرًا إلى الأهمية الاستراتيجية لحرمان الإرهاب من وجوده الافتراضي
الآمن على شبكة المعلومات الدولية، الذي يستخدمه للاستقطاب والتدريب، وتمرير التكليفات،
وتلقى الدعم المادي، والمعنوي، فضلًا عن الترويج لأفكاره المُتطرفة حتى صارت المنتديات
والمواقع التابعة له على تلك الشبكة المصدر الرئيسي لتجنيد المُقاتلين الأجانب.
واستطرد وزير الداخلية
قائلًا إن مجلس وزراء الداخلية الموقر يظل مُعبرًا بصدق عن عُمق التعاون والتنسيق بين
دُولنا العربية، بل ويقع على عاتقه اليوم استثمار وقائع الظرف لصياغة منظومة حمايةٍ
أمنيةٍ عربيةٍ مُتكاملةٍ وشاملةٍ تُشكل صمام أمنٍ دائمٍ فى مواجهة تحديات اليوم، وتهديدات
المُستقبل.
وفي نهاية كلمته، أعرب
وزير الداخلية عن خالص الشكر للسيد لطفي براهم، وزير الداخلية في الجمهورية التونسية
الشقيقة، للجهود الكبيرة التي بذلها خلال ترؤس بلاده للدورة الرابعة والثلاثين للمجلس
الموقر، موجهًا التحية لنور الدين بدوي، وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة
العمرانية في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية الشقيقة، داعيًا الله عز وجل
أن يُوفقه فى رئاسته لدورة المجلس الجديدة.
كما أعرب اللواء مجدي عبد
الغفّار عن الشكر والتقدير العميق لفخامة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، وللجمهورية الجزائرية
( قيادة وحكومة وشعبًا ) على احتضان أعمال الدورة الخامسة والثلاثين لمجلس وزراء الداخلية
العرب، وما لقيناه من ترحيبٍ، وحسن استقبال، وكرم ضيافةٍ.