الأحد 2 يونيو 2024

في ذكرى سيد مكاوي وصلاح جاهين.. تزاملا في الكفاح وتواعدا في الرحيل

21-4-2018 | 23:22


من الطبيعي أن يلتقي المرء بصديق وتتفق أهوائهما، ويحدث أيضاَ اندماج في العمل، لكن أن يتصادف أن يرحلا في يوم واحد ، فذلك من عجائب القدر، فاليوم تحل ذكرى رحيل الموسيقار سيد مكاوي وأيضاً رفيق دربه الشاعر والفنان صلاح جاهين ، وفي السطور التلية نكشف النقاب عن عمق العلاقة الفنية التي جمعت بين الصديقين.

ولد سيد مكاوي بحي الناصرية في السيدة زينب بالقاهرة  ، ومن خلال نشأته تابع كبار المنشدين والقراء بمسجد السيدة زينب لتترسخ تلك التواشيح والإبتهالات والقراءات في ذكرة سيد الذي بدأ يميل نحو الموسيقى في ريعان شبابه ، وكانت والدته تحضر له أسطوانات الموسيقى والغناء حتى وصلت إلى مئات الأسطوانات لكبار المطربين أمثال داود حسني ومحمد عثمان ودرويش الحريري وكامل الخلعي، وحفظ كل تلك الموشحات والطقاطيق ، وكون مع صديقين له تختاً يحيي من خلاله حفلات الأصدقاء  .

تقدم سيد مكاوي للإذاعة المصرية ليتم اعتماده مطرباً ، حيث غنى فيها من حفظه من الأسطوانات القديمة ، ومن الطريف أنه في تلك المرحلة لم يكن يعرف التلحين ، ومن الطريف أن تكون أول أغنيتين بصوته في الإذاعة من ألحان عبد العظيم عبد الحق وهي أغنية "محمد" والأخرى من ألحان أحمد صدقي وهي "تونس الخضراء".. بعدها أجاد مكاوي التلحين ليعتمد غي الإذاعة ملحناً ومطربا في منتصف الخمسينيات .

كان صلاح جاهين قد ألف صورة غنائية بعنوان "سوق بلدنا" ولحنها الموسيقار أحمد صدقي ولاقت نجاحاً كبيراً في الإذاعة المصرية ، ووصل إلى مسامع جاهين أن المطرب سيد مكاوي لا تخلو جلسة له من غناء تلك الصورة الغنائية، لذا اشتاق جاهين أن يلتقي بذلك المطرب ، ولكم يكن يعلم أن في قلب سيد مكاوي نفس الإشتياق للقاءه .. إلى أن التقيا على قهوة "النشاط" بحي المنيرة وكان لقاءً حاراً امتد حتى الساعات الأولى من الفجر، وبعد هذا اللقاء أصبحا صديقان لا يفترقان .

عمل صلاح جاهين على إظهار مواهب سيد مكاوي بعد أن تقدم الأخير لتلحين أغنية لأم كلثوم ورفضت في أدب شديد ، لذا آمن بموهبة سيد مكاوي وبدأ في دمجه بالوسط الصحفي وشلة الحرافيش ليلمع نجم مكاوي ، وكان جاهين قد أتم أوبريت الليلة الكبيرة وبسرعة تقدما به إلى الإذاعة ، حيث بدأ مكاوي تلحين الكلمات ووافق رئيس الإذاعة على سرعة تسجيل الأوبريت .

حمل عام 1963 نشاطاً فنياً مكثفاً لجاهين ومكاوي، لاسيما بعد أن أصبح جاهين مسئولاً بوزارة الثقافة عن كل ما يكتب للطفل ، فبعد أن نجاح أوبريت الليلة الكبيرة كتب جاهين أوبريت "حمار شهاب الدين" ثم أوبريت " قيراط حورية" ليحقق الثنائي مجداً فنياً جديداً ، وشجعهما ذلك على الإلتقاء في العديد من تلك النوعية فقدما " الفيل النونو الغلباوي" و"صحصح لما ينجح" وحققت تلك الأوبريتات نجاحاً جماهيرياً خصوصاً عند الأطفال.

لحن سيد مكاوي أيضاً لجاهين أغنية " لموا الكراريس" وأغنية "احنا العمال اللي اتقتلوا" عند قصف إسرائيل لمدرسة بحر البقر ومصنع أبو زعبل ، وغنى سيد مكاوي أمام الرئيس جمال عبد الناصر في حفل أضواء المدينة بأسوان أغنية من تأليف جاهين وهي " فالتنتينا .. فالتنينا ، أهلاً بيكي نورتينا" وكانت تحية لرواد الفضاء الروس الذين حضروا حفل بدء العمل في السد العالي وكانت بينهم رائد الفضاء "فالنتينا".

رحل صلاح جاهين يوم 21 ابريل عام 1986 بعدما دخل في حالة من الكآبة لم ينج منها حتى رحيله، وفي نفس اليوم من عام 1997 رحل سيد مكاوي وكان قد لمع نجمه ولحن لأم كلثوم أغنية " يامسهرني" ، وجمع يوم 21 ابريل بين الصديقين مكاوي وجاهين في الرحيل بعد أن تزاملاً في الكفاح الفني والأدبي وبعد أن أسعدا الجماهير بجميل أعمالهما.