الإثنين 27 مايو 2024

أضواء على الصحافة الإسرائيلية 25– 26 مايو 2018

تحقيقات26-5-2018 | 12:26

المحكمة العليا صادقت على هدم قرية خان الأحمر في الضفة

تكتب صحيفة "هآرتس" أن المحكمة العليا سمحت للدولة بهدم قرية الجهالين في خان الأحمر والمدرسة التي بنيت فيها من إطارات السيارات، في أي وقت تراه مناسبًا، اعتبارًا من الشهر المقبل. ورفضت المحكمة بذلك التماسين ضد أوامر الهدم، أحدهما قدمه أهالي القرية والثاني أولياء أمور الطلاب في المدرسة الذين يسكون في القرية وفي التجمعات البدوية المجاورة. وقرر القاضي نوعام سولبرغ بأن المباني بنيت بطريقة غير قانونية وأنه لا يوجد سبب للتدخل في تنفيذ أوامر الهدم الصادرة ضدها.

وكتب سولبرغ الذي انضم إلى موقفه القاضيان عنات بارون وياعيل فيلنر أن "الخط القانوني الملزم هو أنه لا يوجد سبب قانوني للتدخل في قرار وزير الأمن بتنفيذ أوامر الهدم التي صدرت للمباني غير القانونية في خان الأحمر." وكان وزير الأمن أفيغدور ليبرمان قد أعلن في آب 2017، أن وزارته تستعد لإجلاء سكان خان الأحمر وقرية سوسيا - وهما مجمعان أصبحا، في العقد الماضي، رمزا للصراع من أجل إخلاء الفلسطينيين من بيوتهم في المنطقة (ج). وقدم المحامي شلومو ليكر الالتماسات باسم سكان الجهالين وأولياء الأمور.

وتسعى إسرائيل إلى نقل سكان خان الأحمر - أبو حلوة البالغ عددهم 200 نسمة، إلى المنطقة التي خصصتها الإدارة المدنية لهم على أرض في بلدة أبو ديس (التي تم إعلانها أراضي حكومية) وبناء منازل لهم هناك حيث تعد الإدارة المدنية البنية التحتية المناسبة. كما يفترض أن يتم هناك بناء المدرسة الجديدة. وتجاور المنطقة بلدة بدوية شبه حضرية جمعت فيها إسرائيل العشرات من العائلات البدوية في أواخر التسعينيات، بعد إجلائهم من أرض سكنوها لعقود، بهدف توسيع مستوطنة معاليه أدوميم على أراضيهم. وتم إجلاء بعض الأسر بالقوة في أواخر التسعينيات، ووافق آخرون على الانتقال إلى البلدة في نهاية المفاوضات، بعد أن تم منحهم تعويضات نقدية وأراضي للرعي.

ومن شأن قرار المحكمة العليا أن يشكل سابقة لهدم عشرات القرى البدوية الأخرى التي تعارض مخططات الإدارة المدنية الساعية إلى تجميعهم في عدة بلدات ثابتة في الضفة الغربية، وبشكل أساسي في البلدة المقامة في منطقة أبو ديس (والتي يطلق عليها اسم الجبل أو قرية الجهالين). وسيضطر البدو بذلك إلى تغيير طريقة حياتهم إلى نمط حياة شبه حضري.

ويشار إلى أنه في المنطقة الواقعة بين القدس وأريحا، تعيش عشرات المجمعات البدوية، التي ينتمي الكثير منها لقبيلة الجهالين. وقد عاشوا جميعهم في منطقة النقب في الماضي وتنقلوا حسب المواسم بين عدة محطات دائمة ومعروفة للجميع. بعد عام 1948، طردت إسرائيل العديد من المجمعات البدوية من النقب وانتقل سكانها إلى الضفة الغربية. ومع احتلال الضفة الغربية في حرب الأيام الستة، بدأت إسرائيل في الحد من تنقل البدو بين المحطات الموسمية المعتادة وعرقلة وصولها إلى مصادر المياه والرعي بإعلان الكثير من المناطق على أنها مناطق لإطلاق النيران.

وتفاقم هذا الاتجاه بالتوازي مع المفاوضات حول اتفاقات أوسلو في التسعينيات، مع توسيع المستوطنات وبناء الطرق الالتفافية. وبعد منع دخول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى القدس الشرقية، خسر البدو في المنطقة السوق المركزي لبيع منتجاتهم. وقد عاشت المجتمعات البدوية، بما فيها تلك التي سيتم هدمها في خان الأحمر، في نفس المواقع طوال عقود وعلى أراضي القرى الفلسطينية - بعضها مسجلة كقطاع عام أو خاص، وبعضها تم إعلانه "أراضي حكومية". وعلى الرغم من ذلك، لم تقم إسرائيل بإعداد خطط هيكلية لها، وأعلنت عن الخيام والأكواخ والحظائر المبنية هناك كمباني غير قانونية.

ويدير أبناء قبيلة الجهالين في خان الأحمر أبو حلوة، منذ عام 2009، صراعا ضد أوامر الهدم ومنع بناء المساكن والمباني العامة كالعيادات والمدارس. وطوال تلك السنوات، قام المحامي ليكر بتمثيل السكان، أيضا في المجمعات البدوية الأخرى في المنطقة. وأعلن الاتحاد الأوروبي معارضته لهدم البيوت وقال إنها خطوات تتعارض مع القانون الدولي لأن المقصود ترحيل السكان قسراً.

في المقابل، ضاعف لوبي المستوطنين في الكنيست، بقيادة اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية والأمن الخاصة بالاستيطان في الضفة الغربية، سوية مع قادة المستوطنات وجمعية رجافيم الاستيطانية، في السنوات الأخيرة، الضغط على منسق أعمال الحكومة في المناطق لتنفيذ أوامر الهدم. وصرح قادة المستوطنات صراحة بأنهم يريدون المنطقة لتوسيع المستوطنات.

وقال المحامي ليكر لصحيفة هآرتس، إن "القضاة سولبرغ، بارون وفيلنر قرروا إزالة أي حماية من قبل المحكمة العليا في مواجهة أعمال الدولة في المنطقة ج، وتفويض الدولة بهدم سقف المنزل الوحيد الذي يحمي عشرات العائلات البدوية في خان الأحمر، والمدرسة التي يتعلم فيها 165 طفلاً، والحظائر التي تأوي 850 رأس من الأغنام.

وأضاف: "هذه سابقة تشرع فيها المحكمة العليا ارتكاب جرائم خطيرة ضد السكان العاجزين الخاضعين لسيطرة الدولة طوال 51 عاما، وأعتقد أن هذا القرار يفتح فرصة واسعة لتدخل محكمة العدل الدولية في لاهاي بكل ما يحدث في الأراضي التي تسيطر عليها دولة إسرائيل".

إصابة جندي إسرائيلي بجراح حرجة جراء إلقاء قطعة رخام على رأسه خلال حملة اعتقالات في مخيم الأمعري

تكتب صحيفة "هآرتس" أن جنديا إسرائيليا من وحدة "دوفدوفان" (المستعربين)، أصيب بجراح خطيرة صباح الخميس، جراء إلقاء قطعة رخام على رأسه خلال حملة اعتقالات في مخيم الأمعري للاجئين في منطقة رام الله. وأفاد الجيش الإسرائيلي بأنه تم إلقاء قطعة الرخام من الطابق الثالث على رأس الجندي، وتم نقله إلى مستشفى هداسا في القدس وهو يخضع للتخدير والتنفس الاصطناعي.

وقال الجيش الإسرائيلي بأن الجندي أصيب خلال عملية استهدفت اعتقال أشخاص مطلوبين، بعضهم تورطوا مؤخراً في إطلاق النار، وتم خلال الحملة اعتقال مواطنين فلسطينيين للاشتباه في تورطهم في إطلاق النار. وفقا لإعلان الجيش، تم نقل المعتقلين لاستجوابهم من قبل الشاباك.

وقد وصلت في البداية قوة من المستعربين وحاصرت المباني التي يقيم فيها المطلوبون. وفي وقت لاحق، وصلت قوة كبيرة من الوحدة، مجهزة بحماية كاملة. ووصل الجندي الذي أصيب ضمن القوة الثانية التي وصلت إلى المكان. ونتيجة لسقوط قطعة الرخام على رأسه تحطمت الخوذة التي كان يرتديها وأصيب بجراح حرجة. وفر الفلسطيني الذي ألقى قطعة الرخام من على السطح دون أن يتم التعرف عليه. ووفقاً للجيش لم يتم إطلاق النار عليه لأن الجنود واجهوا مشكلة في التعرف عليه.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رونين مانليس: "سوف نتعلم الدروس ونستخلصها من هذا الحدث"، مضيفًا أنه خلال فترة شهر رمضان، حدثت زيادة في عدد الهجمات ومحاولات تنفيذها، ولهذا خرج الجنود لتنفيذ المهمة في مخيم اللاجئين.

"سنطارده حتى اعتقاله حيا أو ميتا"

وحول الحادث في مخيم الأمعري، تكتب "يديعوت احرونوت" أن المحاربين في وحدة الكوماندوس "دوفدوفان" يعرفون جيدا رام الله، ويهودا والسامرة بشكل عام. وهم في طليعة النشاط في المنطقة، ويتم إرسالهم كل يوم تقريبًا لتنفيذ الاعتقالات من أجل العثور على أكثر الأشخاص المطلوبين. وبسبب كونهم في المقدمة طوال الوقت، فإنهم يتعرضون لمخاطر هذه العمليات بشكل دائم – وفي الأمس (الخميس) كان الضرر شديدًا بشكل خاص.

وتضيف الصحيفة أنه بعد إصابة الجندي ونقله إلى المستشفى في حالة خطرة، عاد الجنود إلى المخيم، وأتموا المهمة وألقوا القبض على الشخص المطلوب. وقد استهدفت الاعتقالات "خلية من المخربين الذين تورطوا مؤخراً في إطلاق النار، وبعد اعتقال أحدهم في ساعات الصباح الباكر، تم اعتقال شخصين آخرين في المساء."

ووفقاً للتحقيق الأولي، "لم تحدد القوة المخرب الذي ألقى بالرخام، لذلك لم يتم فتح النار - خلافاً للادعاءات التي وردت أمس بعدم إطلاق نار لأنه تم تشديد أوامر إطلاق النار في وحدة المستعربين. وأوضح الجيش "لا يوجد تغيير في أوامر فتح النار. السبب في عدم فتح النار على المخرب هو أنه لم يتم التعرف عليه". وقد تمكن المخرب من الفرار، ويواصل الجيش الإسرائيلي والشاباك مطاردته.

وكتب وزير الأمن أفيغدور ليبرمان على حسابه على تويتر: "قلوبنا مع محارب دوفدوفان في ساعاته الصعبة، التي يصلي فيها كل شعب إسرائيل من أجل شفائه. نحن نعتبر الحادث بالغ الخطورة والإرهابي الخسيس الذي أصابه لن يعرف نهاره من ليله - لن يمر وقت طويل حتى نضع يدنا عليه، حياً أو ميتاً".

وقال الجيش الإسرائيلي، إنه "على الرغم من الهدوء النسبي، حدثت زيادة في محاولات تنفيذ هجمات وإطلاق نار منذ بداية شهر رمضان في الأسبوع الماضي. مهمتنا هي إحباط الهجمات العميقة في عمق الضفة، قبل أن يصيب الإرهابيون المدنيين".

وتضيف الصحيفة أن فلسطينيا (20 عاما) فتح فجر الخميس، النار على قوة من شرطة حرس الحدود عند حاجز النفق بالقرب من القدس، ولم يتم إصابة أحد، وقام الجنود بملاحقة الفلسطيني وهم يطلقون النار فيما كان هو يطلق النار عليهم. وفي نهاية المطاردة تم اعتقاله، وعثر في حوزته على مسدس وسكين.

وفقا للصحيفة فقد وقع الحادث قرابة الساعة الرابعة من صباح الخميس، من جهة قرية الخضر القريبة من بيت لحم. وبعد مطاردته من قبل قوة من حرس الحدود، أطلق النار على الدورية، واعتقل بعد إصابته، وتبين أنه من سكان بيت ساحور.

الإدارة المدنية ستناقش مخططات لبناء آلاف الوحدات السكنية في المستوطنات المعزولة

تكتب "هآرتس" أنه من المتوقع أن تناقش الإدارة المدنية، يوم الثلاثاء القادم، مشروع قرار يقضي بالموافقة على بناء نحو 400 وحدة سكنية جديدة في مستوطنات معزولة خارج الكتل الاستيطانية، فيما أعلن وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، يوم الخميس، أنه من المتوقع أن تدفع الإدارة المدنية مخططا لبناء نحو 2500 وحدة سكنية جديدة، الأسبوع المقبل.

وتضيف الصحيفة أن جدول أعمال اللجنة الفرعية للاستيطان، الذي نشر بعد ظهر الخميس، يشير إلى نية المصادقة على المرحلة الأخيرة من المخطط، الخاضعة لإشراف الإدارة المدنية - "منح تراخيص" - لبناء مئات الوحدات. ويخطط لبناء قسم كبير من هذه الوحدات خارج أي كتلة استيطانية كبيرة: 166 وحدة في عيلي زهاف، 129 في أفني حيفتس، 53 في حلميش، 19 في بادوئيل، 17 في رفافا، 13 في تفوح، و5 في بني حفير.

وفقا للصحيفة سيتم في أفني حيفتس، على سبيل المثال، بناء حي جديد. وهناك مئات الوحدات التي سيتم المصادقة على منح تراخيص لها: 208 وحدات في منطقتين على جبل المكبر، 96 في سانسانا، 92 في كفار أدوميم، 79 في حينانيت، 76 في نوكديم، 38 في كفار عتصيون، 13 في عيناف، 10 في هار أدار، و8 في بيت أرييه.

مخطط ليبرمان: بناء آلاف الوحدات

حول تصريح ليبرمان، تكتب "يسرائيل هيوم" أنه أعلن نيته طرح مخططات أمام اللجنة للمصادقة الفورية على 2500 وحدة جديدة ودفع مخططات لبناء 1400 وحدة أخرى في الضفة الغربية.

وفقا للصحيفة سوف يجتمع مجلس التخطيط الأعلى، الأربعاء المقبل، للمرة الثانية منذ بداية السنة، للموافقة على بناء ودفع المخططات في المنطقة. لكنه يتبين من الفحص أن قسما من المباني التي أعلن عنها ليبرمان هي مباني جديدة وأن البناء الذي سيصادق عليه يقع في غالبيته داخل الكتل الاستيطانية.

وتضيف الصحيفة أنه من أصل 2500 وحدة أعلن عنها ليبرمان هناك 945 أصبحت متوفرة بالفعل للتسويق، لذلك يمكن أن يبدأ بناؤها. وتقع هذه الوحدات في معاليه ادوميم، اريئيل، معاليه إفرايم والفيه منشيه. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الوحدات السكنية التي تم إدراجها هي وحدات تم بناؤها بالفعل بدون ترخيص، وهي الآن قيد المصادقة عليها بأثر رجعي. في النهاية، من بين الـ 2500 وحدة سكنية التي ستطرح للمصادقة على بنائها فورا، هناك 776 وحدة جديدة، وسيتم المصادقة على الشروع ببنائها فورا. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء 1400 وحدة في نفيه دانئيل وجاني موديعين وتالمون وحلميش.

وفاة جريح آخر من جرحى مظاهرة غزة ضد نقل السفارة الأمريكية

يكتب موقع "هآرتس" الإلكتروني، نقلا عن وزارة الصحة في غزة أن فلسطينيا آخر من جرحى مظاهرات غزة ضد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، توفي يوم الجمعة، متأثرا بجراحه. وقالت إن الجريح الذي يبلغ من العمر 24 عاما أصيب في الأسبوع الماضي بنيران الجيش الإسرائيلي في المظاهرات التي جرت، يوم الاثنين قبل الماضي، بالقرب من السياج شرق مدينة غزة. وتم نقله لتلقي العلاج الطبي في مستشفى "سانت جوزيف" في القدس، لكنه توفي يوم الجمعة.

بالإضافة إلى ذلك، قالت وزارة الصحة إن 25 شخصًا أصيبوا في مظاهرات على السياج، يوم الجمعة (25 أيار)، بنيران القوات الإسرائيلية. وفقًا لوزارة الصحة، منذ 30 آذار، قتل 115 فلسطينيا في المظاهرات على طول حدود غزة. وقتل خمسة فلسطينيين آخرين خلال مظاهرات جرت في الضفة الغربية.

العليا ترفض التماسات طالبت بمنع تنفيذ أوامر فتح النار على حدود غزة

في السياق، تنشر صحيفة "هآرتس" أن المحكمة العليا رفضت، مساء الخميس، التماسات ضد تنفيذ أوامر فتح النار على المتظاهرين على حدود غزة، والتي قتل فيها عشرات الفلسطينيين خلال الشهرين الماضيين. وقالت المحكمة إنها تعتمد على تصريح الدولة بأن استخدام النيران هو الملاذ الأخير وللدفاع عن النفس من قبل جنود الجيش الإسرائيلي، الذين واجهوا الخطر. وأضاف القرار أن المحكمة لا تتدخل في هذه الأمور.

وكتب نائب رئيسة المحكمة العليا، القاضي حنان ميلتسر، في قراره: "كما ورد في رد الدولة، وكما تبين لنا من المواد المعروضة علينا، فقد حاول بعض خارقي النظام دوس السياج الحدودي واختراقه، وخلق خطر مباشر وملموس لتسلل منفذي العمليات إلى أراضي الدولة، في المناطق المجاورة للبلدات الإسرائيلية". ودعم هذا القرار القاضيان استر حيوت ونيل هندل. وأضاف القرار، أنه كان "من بين مثيري الشغب من ألقوا الحجارة وزجاجات المولوتوف على قوات الجيش الإسرائيلي. لذلك، يبدو أن استخدام النيران قد تم من أجل تحقيق غرض قانوني - حماية مواطني دولة إسرائيل وجنود الجيش الإسرائيلي."

ويواصل قرار المحكمة في تبنيه لموقف الدولة: "يستدل من رد الدولة أيضا أن إطلاق النار الحية على مثيري الشغب لم يتم إلا بسبب عدم وجود إمكانية لاستخدام وسائل أخرى لتفريق الجماهير، وتم التوضيح أن استخدام وسائل أكثر اعتدالا لم يساعد. وتدعي الدولة أنه فقط في هذه الحالات، وكملاذ أخير، تم إطلاق النار المحددة والمدروسة، وفقا لأوامر فتح النار، ضد منفذي العمليات وعلى أرجل المشاغبين الرئيسيين، الذين أضروا بالسياج الأمني".

وأشار ميلتسر إلى رفض المنظمات الملتمسة - جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، و"عدالة"، و"يش دين" وغيرها- لقرار الدولة عرض معلومات استخباراتية سرية أمام القضاة بحضور طرف واحد (الدولة)، وبالتالي هناك صعوبة في إجراء فحص حقيقي لشكل تنفيذ أحكام القانون. وكتب: "المعلومات المتوفرة لا تسمح، حاليا، باي تدخل، بناء على ما تطلبه الالتماسات، لأنه لا توجد بين أيدينا أي معلومات عينية حول هوية النشطاء والمحرضين الرئيسيين، نوعية نشاطهم، وانتمائهم التنظيمي ومشاركتهم في النشاط الإرهابي أو أي نشاط عدائي آخر، وما إذا كانوا يشكلون خطرا فوريا وحقيقيا، تطلب، كملاذ أخير، إطلاق النار".

وأضاف القاضي: "في ظروف الأحداث العنيفة المشار إليها في الالتماسات، واقتراب الاضطرابات العنيفة من الحاجز الأمني، لا يمكن رفض ادعاء الدولة بوجود خطر حقيقي وفوري على قوات الجيش الإسرائيلي ومواطني إسرائيل في البلدات المجاورة لقطاع غزة".

وانتقد ميلتسر أيضاً، حقيقة أن الملتمسين وصفوا الأحداث على الحدود بـ "المظاهرات الشعبية"، لأن بعض المشاركين في الأحداث كانوا من نشطاء حماس. وأشار إلى الشهادة التي قدمها إلى المحكمة العليا الجنرال نيتسان ألون، قائد وحدة العمليات المنتهية ولايته، والتي كتب فيها أن عشرات القتلى والجرحى ينتمون إلى الجناح العسكري لحركة حماس والجهاد الإسلامي. ووفقا لميلتسر، فقد "تم تنسيق وتنظيم وتوجيه الاضطرابات العنيفة من قبل حماس، وهي منظمة إرهابية تتواجد في نزاع مسلح مع إسرائيل. محاولة الملتمسين عرض الأحداث كمظاهرات مدنية غير مسلحة – والتي كانت كما يبدو حالات من العنف مثل رشق الحجارة، وحرق الإطارات ومحاولات لتخريب السياج الحدودي وعدد من حوادث إطلاق النار ورشق قنابل المولوتوف – كانت محاولة خاطئة، على أقل تقدير، وفقا لواقع الأمور".

وقالت التنظيمات الملتمسة ردا على القرار إن " القضاة رفضوا مراجعة أوامر فتح النار، وبالتالي لم يفحصوا بعمق الحجج ضد الأوامر التي تسمح بإطلاق النار على المتظاهرين حتى عندما لا يعرضون حياة البشر للخطر. لقد رفضت المحكمة العليا هذه الالتماسات، معتمدة على الخطاب الإعلامي والمراوغات القانونية للجيش. وبذلك، فقد أضاع القضاة فرصة منع المزيد من القتل والإصابات على أساس قانوني وأخلاقي هش".

لماذا نقل نتنياهو اجتماعات المجلس الوزاري المصغر إلى الخندق المحصن؟

تكتب صحيفة "يديعوت أحرونوت"، عن الهواجس والمخاوف التي دفعت رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى نقل اجتماعات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت)، إلى الخندق المحصن في منطقة القدس، مشيرة إلى أراء بعض أعضاء المجلس الوزاري الذين قالوا بأن أسباب نتنياهو غير مقنعة وتتسبب بحالة من الذعر والهلع غير المبرر في الرأي العام المحلي. فيما أشار بعضهم إلى أنه يعكس ذعر نتنياهو الشخصي من الصواريخ الإيرانية الدقيقة الموجهة والتي يمتلكها حزب الله كذلك.

وقالت الصحيفة إن "قرار نتنياهو جاء لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية وهي: توجيه رسالة إلى الإيرانيين مفادها أن إسرائيل "محمية ومحصنة ضد أي استهداف"، فيما تتمثل الدوافع الحقيقية وراء قرار نتنياهو بالسببين الآخرين، وهما: منع الوزراء الأعضاء من تسريب محاضر أو معلومات وردت في اجتماعات المجلس الوزاري المصغر في الخندق حيث لا يوجد شبكة خليوية تتيح استقبال وإصدار المكالمات من تحت الأرض، ومنع أي إمكانية للتنصت على مناقشات المجلس، لأن الخندق محصن وغير قابل للاختراق".

وفقا للصحيفة فإن قرار نتنياهو نقل الاجتماعات للخندق جاء قبيل قيامه بالكشف، في مؤتمر صحافي، عن الأرشيف النووي الإيراني، ومنذ ذلك الوقت، عقد المجلس الوزاري ثلاثة اجتماعات على الأقل في الخندق السري. وعلم هذا الأسبوع أن نتنياهو قرر منذ الآن وحتى إشعار آخر، عقد اجتماعات المجلس الوزاري في الخندق، وبناء على ذلك وضعت سكرتارية المجلس الوزاري برنامج اجتماعات أسبوعية في الخندق السري حتى بداية تموز القادم

وحسب تقرير الصحيفة فإن نتنياهو لم يشعر بالارتياح أثناء الاجتماعات المجلس التي عُقدت في مكتبه، في القدس، وكان الوضع بالنسبة له بمثابة حالة لا تطاق، في ظل التسريبات التي رافقت الاجتماعات مؤخرًا. وأشارت إلى أنه على الرغم من اضطرار الوزراء إلى إيداع هواتفهم الخلوية داخل خزنة أو ما شابه، على مدخل قاعة المجلس الوزاري في مكتب نتنياهو، إلا أن ذلك لم يمنعهم من مغادرة الاجتماع وأخذ أجهزتهم والتحدث عبر الهاتف. وقد أزعج هذا السلوك نتنياهو، وكثيرا ما وبخ الوزراء لأسباب تتعلق بممارسات مماثلة.

وكشفت الصحيفة أن الخندق السري أقيم في أعقاب حرب لبنان الثانية، عام 2006، وأنه كلّف خزينة الدولة مبالغ تقدّر بمليارات الشواكل، ويقع في منطقة سرية تابعة لما يسمى "المركز الإسرائيلي لإدارة الأزمات" في المنطقة الجبلية المحيطة بمدينة القدس. وقالت إن الخندق "محصن من أي خطر مثل الزلازل والتهديدات النووية والتقليدية والكيماوية والبيولوجية وتهديدات السيبر"، وشددت على أن "الأهم من كل ذلك هو أن الخندق محصن مما يعتبر واحدا من أكبر التهديدات لرئيس الحكومة نتنياهو: تهديد التسريبات وكشف المعلومات".

وأوضحت "يديعوت احرونوت" أن عدد الأشخاص الذين يمكنهم دخول الخندق المحصن محدود للغاية، ولا يسمح بدخول مساعدي الوزراء أثناء الاجتماعات، بالإضافة إلى أن الإجراءات المتبعة في الخندق السري تجبر الوزراء على حضور الاجتماع بدون هواتفهم المحمولة، وعندما يسمح لهم بإدخال أجهزتهم الخاصة، فإن الوصول إلى منطقة تكون شبكة الهواتف الخليوية فيها مهيأة للاستقبال، يستغرق من 10 إلى 15 دقيقة، ما يمنع التسريبات، وفقًا لرغبة نتنياهو.

وقال الخبراء الأمنيين إن 95% من منطقة "المركز الإسرائيلي لإدارة الأزمات" الذي يضم الخندق، يقع في باطن الأرض، مما يمنع أي إمكانية لاختراقه نظرًا للتجهيزات الأمنية والإلكترونية التي من شأنها أن تعطل أي جهاز إرسال أو تنصت قد يثّبت من قبل الصحافيين عن طريق الوزراء أو مستشاريهم، منعًا للتسريبات.

الشرطة ستتهم الوزير كاتس بالرشوة

تكتب "يديعوت أحرونوت"، أن الشرطة ستوصي في نهاية التحقيقات التي أجرتها ضد وزير الرفاه، حاييم كاتس، ونجله، تقديم لائحة اتهام ضدهما في شبهات الفساد في الصناعات الجوية العسكرية الإسرائيلية.

ويتضح مما نشرته القناة الثانية، أنه بعد انتهاء التحقيق في فضيحة الفساد الكبيرة في الصناعات الجوية العسكرية، أن هناك قاعدة بيانات وأساس للأدلة ضد كاتس، الذي سبق وقال للمقربين منه: "أنا واثق من أنه في المستقبل سأثبت براءتي الكاملة".

وتم التحقيق مع كاتس في قضيتين، تناولت الأولى تورطه ودوره في إجبار موظفي الصناعات الجوية العسكرية على الانتساب لحزب الليكود والتصويت له في الانتخابات التمهيدية في الحزب، وذلك عندما كان رئيسا للجنة المستخدمين. ويستدل من الإفادات أن كاتس هدد وتوعد كل موظف بالفصل أو المساس بوظيفته وراتبه في حال لم يمتثل لمطالبه.

أما القضية الثانية التي وجدت الشرطة فيها بيانات وأدلة تبرر تقديم لائحة اتهام ضد كاتس، فقد تمحورت حول استغلال كاتس لموظفي الصناعات الجوية العسكرية لأهدافه وموارده ولمصلحته الخاصة، حيث اجبرهم على القيام بأعمال ترميم واسعة في بيت نجله يئير، الذي خضع أيضا للتحقيق.

ووفقا للشهادات، فإن مقاولا فاز بمناقصة طرحتها الصناعات الجوية ونفذ أعمال ترميم وهندسة في بيت نجل كاتس الذي ستوصي الشرطة بتقديمه للمحاكمة أيضا. وتشير الشبهات إلى أن هذه الأعمال في بيت يئير تم تنفيذها مقابل مبلغ ضئيل لقاء حصول المقاول على منافع على حساب المناقصات التي حصل عليها من الصناعات الجوية.

وهذا ليس التحقيق الوحيد ضد الوزير كاتس، حيث تجري مؤخرا تحقيقات جنائية ضده في قضية أسهم مالية، والاشتباه بارتكابه لمخالفات رشوة. ووفقا للشبهات، فإن كاتس قام بشراء أسهم في شركة 'نتسبا' قبل وقت قصير من إعلانها الاندماج مع 'إيرفورت سيتي' في تموز 2015، أثناء إشغاله لمنصب وزاري.

وترجح الشبهات التي تنسبها الشرطة إلى أن كاتس حصل على معلومات داخلية بهذا الشأن من المستشار المالي موطي بن آري، الذي يشتبه بأنه استخدم معلومات داخلية. وبالنتيجة فقد حقق الاثنان أرباحا مالية محظورة وصلت إلى نحو 290 ألف شيكل.

وتضيف الصحيفة أن المستشار القانوني للحكومة ابيحاي مندلبليت، أبلغ كاتس نيته تقديم لائحة اتهام ضده، بعد الاستماع إلى موقفه، في القضية المتعلقة بالعلاقة مع بن آري. وستشمل لائحة الاتهام: الرشوة، الحصول على غرض بطرق مخادعة في ظروف خطيرة وخرق الثقة. ويتوقع أن يتم تقديم لائحة اتهام مماثلة ضد بن آري، تشمل أيضا الاشتباه باستخدام معلومات داخلية.

وزارة الشؤون الاستراتيجية تزعم قيام الاتحاد الأوربي بتكريس ملايين اليورو لدعم "نشاطات الكراهية"

تزعم "يسرائيل هيوم" في تقرير رئيسي تنشره ضد الاتحاد الأوروبي أنه على الرغم من أنه يبدو، كسياسة معلنة، بأنه يعارض أنشطة BDS وجهود نزع الشرعية عن إسرائيل، إلا أن "البيانات المزعجة"، وفقا للصحيفة، التي يجري الكشف عنها لأول مرة، تظهر أن كل هذا "لا يمنعه من تمويل المنظمات نفسها بشكل مباشر أو غير مباشر - بمبالغ تصل إلى عشرات ملايين الشواكل سنويا".

وتعتمد الصحيفة في تقريرها الذي يحمل عنوان "ملايين اليورو للكراهية"، على ما تصفه بالتحقيق العميق الذي أجرته وزارة الشؤون الاستراتيجية، التي يقودها الوزير جلعاد أردان، (الذي يتبنى سياسة معادية جدا للاتحاد الأوروبي ولا ينفك عن مهاجمته – المترجم)

ووفقا للتحقيق كما تنشره الصحيفة، فقد تم في عام 2016، تحويل أكثر من 5 ملايين يورو (أكثر من 20 مليون شيكل إسرائيلي) إلى التنظيمات التي تدعم وتدفع نزع الشرعية والمقاطعة ضد إسرائيل. كما يدعي التقرير أن ملايين أخرى تصل إلى تنظيمات بشكل غير مباشر، عبر طرف ثالث.

ووفقًا للتقرير، "هناك قلق من أن أموال دافعي الضرائب الأوروبيين تجد طريقها أيضًا إلى أولئك الذين يحافظون على علاقات مع المنظمات الإرهابية". هكذا، على سبيل المثال، فإن إحدى الهيئات التي تقول إنها تتمتع بتمويل مباشر من الاتحاد الأوروبي، هي منظمة المساعدة الشعبية النرويجية. ووفقا للتقرير، تلقت المنظمة في عام 2016، مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي يبلغ مجموعها 1.76 مليون يورو، وفي نفس العام، نشرت المنظمة تقريرا يدعو المؤسسات المالية إلى سحب استثماراتها من الشركات العاملة في إسرائيل.

كما يدعي التقرير أن التحقيق الذي أجرته السلطات الأمريكية وجد أن هذه المنظمة التي تتلقى أيضا تمويلا أميركيا منذ سنوات، لها صلات مع عناصر إرهابية. في السنوات 2012-2016، على سبيل المثال، دعمت المنظمة مشروعًا لتمكين الشباب في غزة، شاركت فيه حماس والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - وهما للمفارقة الساخرة، تُعرفان كمنظمتين إرهابيتين في الاتحاد الأوروبي نفسه.

وفي الفترة 2001-2008، قدمت المنظمة أيضا خدمات مختلفة لإيران، ترتبط، ضمن أمور أخرى، بقطاع الطاقة. ونتيجة لذلك، غرمت الولايات المتحدة المنظمة بمبلغ مليوني دولار في نيسان الماضي.

كما يشير التقرير إلى أن أموال الاتحاد الأوروبي تصل بشكل غير مباشر إلى المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، وهي منظمة فلسطينية يزعم التقرير أنها تابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي حاولت اعتقال كبار المسؤولين الإسرائيليين في إنجلترا، هولندا، سويسرا وإسبانيا ونيوزيلندا على أساس ارتكابهم جرائم حرب ضد حماس في غزة. كما دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على المستوطنات الإسرائيلية، وتجريم أولئك الذين يقيمون معها علاقات تجارية وإنهاء اتفاقات الأجور الخاصة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل.

ويزعم التقرير أن وزارة الشؤون الاستراتيجية توصلت إلى مسار لتمويل مركز "الحق" بشكل غير مباشر، "رغم أن هذا المركز يقود حملات نزع الشرعية ضد إسرائيل، ويحافظ على علاقات مع الجبهة الشعبية." وتدعي انه في عام 2017، مثلا، نشر "الحق" تقريرا تحت العنوان الاستفزازي "العلاقات الخطيرة للبنوك الفرنسية مع المستعمرات الإسرائيلية". ويتضمن هذا التقرير، من بين أمور أخرى، توصيات إلى الحكومة الفرنسية فيما يتعلق بعلاقات المؤسسات الاقتصادية الفرنسية مع النظام المصرفي الإسرائيلي و"المستوطنات".

وتزعم وزارة الشؤون الاستراتيجية، وفقا للصحيفة، أن التدفق الكبير للأموال إلى هذه المنظمات يجعل من الممكن توجيه موارد أخرى لتعزيز النشاط المعادي لإسرائيل. علاوة على ذلك، لا يغطي التقرير المساعدة الإجمالية للاتحاد الأوروبي لمثل هذه المنظمات، وبالتالي فإن نطاق المساعدة أكبر.

وقال الوزير جلعاد أردان، معقبا: "لا يمكن لأموال دافع الضرائب الأوروبي أن تدعم التنظيمات التي تدفع المقاطعة ضد إسرائيل والتي يرتبط بعضها بتنظيمات إرهابية. أتوقع من الاتحاد الأوروبي الالتزام بسياسته المعلنة بعدم دفع تنظيمات المقاطعة، ووقف التدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل".

مقالات

رفاقي، آن وقت اليقظة

يكتب عضو الكنيست ايتان كابل (المعسكر الصهيوني) في صحيفة "هآرتس"، إن "انبعاثنا السياسي المتجدد في ضوء مبادئ إعلان الاستقلال تحت قيادة دافيد بن غوريون وخلفائه، نقل الشعب اليهودي من القرن العشرين إلى القرن الحادي والعشرين. لكن اليوم، بعد ما يقرب من عقدين من الزمن داخل القرن الحادي والعشرين، أصبحت القيادة الإسرائيلية غارقة في مفاهيم سياسية فاشلة، ونتيجة لذلك، لديها استراتيجية عسكرية خاطئة.

لن يدمر المشروع الصهيوني جيشًا أجنبيًا، ستهبط دباباته وناقلاته المدرعة في مدن إسرائيل. في القرن الحادي والعشرين، لا نواجه خطر اضطرارنا إلى رفع العلم الأبيض في نهاية المعارك. الخطر الحقيقي على استمرارية المشروع الصهيوني بروح الآباء المؤسسين يكمن في تحولنا، بفعل أعمالنا، من أمة ودولة ذات سيادة إلى جماعة يهودية تسيطر على الأرض.

لدى الجمهور والقيادة الإسرائيلية شعور النشوة بأن الوقت يعمل لصالحنا. لكن الجمود السياسي والتغييرات العديدة التي حدثت خلال العقدين الماضيين، في الجانب الديمغرافي للضفة الغربية، وفي الجانب الجيوسياسي في الشرق الأوسط، تقربنا من نقطة خطيرة، ستتغير من بعدها صورة إسرائيل لدى الأجيال القادمة. أنا لا أنوي المشاركة في الجدل الديموغرافي حول عدد اليهود مقابل عدد العرب، لكن ليس هناك خلاف في أنه في الأراضي السيادية لإسرائيل وأراضي يهودا والسامرة تبلغ نسبة العرب حوالي 30٪، والذين من شانهم، على الرغم من كونها أقلية من ناحية عددية، تغير وجه إسرائيل بحيث لا تبقى يهودية أو لا تبقى ديمقراطية. الدولة التي ستضم جميع مناطق الضفة الغربية دون أن تعطي حقوقا للسكان الفلسطينيين لن تكون ديمقراطية، والانجراف في كابوس الدولة ثنائية القومية سيدمر الحلم الصهيوني بالدولة اليهودية. لذا، يجب علينا أن نتيقظ ونتحرر من مفاهيم لا تجعل قادة اليمين فقط يدمنون على الأوهام، وإنما، أيضًا، قادة من حزبي.

في غياب مبادرة سياسية، هناك ميل للاعتماد على مفاهيم سياسية تنطوي على التصورات الاستراتيجية الفاشلة - حتى يأتي يوم تنهار فيه داخل بعضها البعض. يمكن العثور على مثال على الإدمان المستمر للقيادة على التصورات الخاطئة، في الأحداث التي سبقت حرب يوم الغفران، عندما كانت القيادة محاصرة في نموذج يقول إنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق سلام مع مصر، واعتمدت تصوراً عسكريًا زائفًا مفاده أن العرب لن يجرؤوا على شن حرب ضد إسرائيل.

وينطبق الشيء نفسه على جميع رؤساء الوزراء الذين انضموا إلى نموذج اتفاقات أوسلو، التي يمكن بموجبها أن يتوصل الشرق الأوسط إلى اتفاقات سلام على النمط الأوروبي، مع حدود مفتوحة. وهكذا انهار حل "الممر الآمن" والمطار في الدهنية، الذي تحول إلى أطلال. لقد تضمن نموذج أوسلو السياسي، أيضًا، تصورًا عسكريًا خاطئًا بأن الأجهزة الأمنية تستطيع تقييد التنظيمات الإرهابية. لقد استغرق الأمر أكثر من عقد من الزمن حتى قامت المنظمات الإرهابية في غزة، بقيادة حماس، بألقاء رجال أمن عرفات ودحلان من فوق السطوح. وينطبق الأمر نفسه على مفهوم "دعوا صواريخ حزب الله تصدأ"، الذي زعم أن القوى الدولية في المنطقة لن تسمح لحزب الله بتحقيق تهديد الصواريخ، الأمر الذي أدى إلى مفهوم لا يرى حاجة لتطوير أسلحة مضادة للصواريخ أمام تهديد حزب الله. والأمر نفسه ينطبق، أيضا، على السياسة تجاه تعزز قوة حماس في غزة على مدى العقد الماضي.

في السنوات الأخيرة، تتمسك إسرائيل بمفهوم يرى أن الوضع الحالي يمكن أن يستمر، وأن الحكم الذاتي الفلسطيني مستقر، وأن وضعنا السياسي لم يكن أبداً أفضل مما هو الآن. حتى لو كانت هناك عناصر في قيادة الدولة تشخص الواقع بشكل صحيح، فإنها لا تستطيع التصرف. من خلال تقاعسها عن العمل تنجرف القيادة، المرة تلو الأخرى، في نوبة التطرف السياسي للأطراف السياسية المتطرفة في كلا الجانبين، في اليمين واليسار. وإسرائيل تنجر ببطء إلى سيناريو الدولة ثنائية القومية المرعب. ليس فقط القيادة الحالية للدولة أسيرة هذا المفهوم، ولكن أيضا، الكثير من الناس في معسكر السلام. وكما نلاحظ، فإن التمسك غير المحتمل للكثيرين في معسكر السلام بالنماذج التي فشلت في الساحة السياسية، والتي خيبت الآمال في صناديق الاقتراع بشكل متكرر، هو نقيض لرؤيا ومبادرة بناة الحركة العمالية عبر الأجيال. الحركة العمالية، حركتي، لها نصيب ذهبي في الحركة الصهيونية وإقامة الدولة، وكان قادتها قادرين دائماً على تقديم مفاهيم سياسية ذات صلة. لذلك، في هذه النقطة الحاسمة بالتحديد، يجب أن نقدم مفاهيم سياسية واقعية، تتفق بشكل مباشر مع الواقع الذي يتبلور أمام أعيننا. إنها ليست مسؤوليتنا فحسب، بل هذا هو واجبنا.

سوف أعرض أدناه النقاط الرئيسية لمفهوم اليقظة السياسية، استناداً إلى عملية تعتمد على مبادرة تدريجية لدولة إسرائيل. أعتقد أنه يجب علينا ألا ننتظر الفلسطينيين، ومن واجبنا التصرف بمبادرتنا من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل والرؤية الصهيونية، التي تتآكل بسبب الجمود المستمر. يجب علينا الاستيقاظ من فكرة التخلي عن الأرض مقابل وعود السلام والتمنيات، والانتقال إلى مبادرة تدريجية ومستقلة تضمن استمرار الاستيطان اليهودي في الكتل، ولكن بشكل أساسي استمرار وجودنا هنا كموطن ديمقراطي للشعب اليهودي.

فيما يلي مبادئ مبادرة اليقظة:

التخلي عن رؤى التوقيع على اتفاقيات السلام في حديقة البيت الأبيض: بصفتنا أعضاء في حزب العمل، نتحمل مسؤولية صياغة وتقديم نهج سياسي يتناسب مع واقع تغير إلى ما هو أبعد من الإدراك، وبالتالي يجب علينا أن نتحرر من فكرة أوسلو. إن الحتمية الحالية هي تبني استراتيجية جديدة تستند إلى الفهم والاستيعاب بأنه لا يوجد في هذا الوقت قيادة في الجانب الفلسطيني تريد حقا أو يمكن أن تكون شريكة في اتفاق سلام معنا.

حكومة إسرائيل تحدد ما هي الكتل الاستيطانية: لقد تم سكب الكثير من الكلمات على مصطلح "الكتل الاستيطانية"، ويبدو أنه لم يعد مكان شاغر في أرشيف الكنيست بسبب كثيرة خطط السلام التي قدمت إلى الهيئة العامة. ومع ذلك، لم تحدد الحكومة ولا الكنيست ما هي الكتل الاستيطانية. من بين حوالي 400 ألف مستوطن، يعيش حوالي 300 ألف (حوالي 75٪) في الكتل الاستيطانية. في الواقع، هذه أغلبية ساحقة من اليهود الذين يعيشون في يهودا والسامرة. لذلك، يجب أن يتم تعريف الكتل الاستيطانية بناء على الكتل التالية: غوش عتصيون ومعاليه أدوميم وكارني شومرون وأريئيل وغور الأردن.

ستطبق دولة إسرائيل القانون الإسرائيلي على الكتل الاستيطانية المحددة في البند السابق: بعد تعريف ملزم لكتل المستوطنات، يجب تطبيق القانون الإسرائيلي عليها بالكامل. حاليا، تسري على المستوطنات في يهودا والسامرة منظومة معقدة من القوانين، التي تنقسم بين القانون العسكري والقانون الإسرائيلي، وأحياناً القانون الأردني. هذا الوضع يمس بالمدنيين الإسرائيليين الذين يعيشون في ظل الحكم العسكري، ويميز بينهم وبين جميع المواطنين الإسرائيليين ويفرض عليهم قيوداً غير ضرورية. لا يوجد أي سبب جوهري يبرر فرض قانون واحد على مقيم في غوش عتصيون، وآخر على مواطن في حولون.

إعداد خطط هيكلية كاملة ومفصلة للمستوطنات داخل الكتل، وتنظيم مكانتها التخطيطية: بعد تحديد الكتل الاستيطانية وتطبيق القانون الإسرائيلي عليها، يجب إعداد مخطط هيكلي كامل لتطوير الكتل الاستيطانية. اليوم، لا تزال الحكومة الإسرائيلية راكدة ولا توافق على خرائط هيكلية لمستوطنات الكتل. وبالتالي من المستحيل ترسيخ المستوطنات فيها بشكل مسؤول وجدي.

تجميد مطلق لجميع عمليات التخطيط والبناء في المستوطنات خارج الكتل الاستيطانية: يجب على الدولة وقف جميع أعمال البناء والتخطيط والتنظيم القانوني والاستثمارات الاقتصادية خارج الكتل الاستيطانية، وتشجيع عملية الإخلاء والتعويض لسكان المستوطنات المعزولة. ونتيجة لتدعيم الكتل الاستيطانية، يجب وقف جميع أعمال البناء الخاصة والعامة في هذه المستوطنات تماماً، باستثناء الاهتمام بالخدمات والمرافق العامة الأساسية.

أعتقد أن مبادرة بهذه الروح ستمكن إسرائيل من الحفاظ على هويتها كدولة يهودية وديمقراطية ذات أغلبية يهودية راسخة. الهدف من المبادرة هو وضع حدود سياسية بيننا وبين الفلسطينيين، الأمر الذي سيعرقل عملية تسريع تحويل إسرائيل إلى دولة واحدة لشعبين، والذي يعني نهاية الصهيونية والقضاء علينا كدولة يهودية وديمقراطية. بالإضافة إلى ذلك، يوجد هنا تصريح بأن ما سيبقى وراء الخط الجديد سيخضع للمفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين.

أنا لا أتخلى للحظة عن حلم السلام والطموح له، لكنني أعتقد أنه في ضوء الواقع الذي نشأ على مدى العقد الماضي، يجب على إسرائيل أن تستيقظ. لا يمكن أن ننتظر الجانب الفلسطيني، لأن أبو مازن قد تخلى بالفعل عن حل الدولتين، وكل ما يريده هو منع إقامة دولة فلسطينية ضعيفة إلى جانب إسرائيل.

في محاضرة ألقاها في عام 1933 تحت عنوان "هل يوجد ملاذ من تفكك الحركة الصهيونية"، كتب بيرل كتسنلسون: "صهيونيتي لم تكن أبدا عالما مجردا، بل صهيونية إنسانية تؤمن بقدسية حياة الشعب وحياة الإنسان، وتسعى إلى تثقيف الفرد في إسرائيل على العمل والإبداع". المبادرة هي قيمة تتدفق في حمضنا النووي كشعب. من المؤتمر الصهيوني الأول وحتى توقيع السلام بين إسرائيل ومصر والأردن، وهي تمر عبر جميع المراحل كخيط حرير. المشكلة هي أن الحكومات اليمينية الأخيرة ليست مغرمة بالمبادرات السياسية.

حان الوقت بالنسبة لنا، في الحركة العمالية، لكي نرى الصورة الكاملة ونستيقظ سياسيا. لقد توجهنا إلى صناديق الاقتراع ثماني مرات منذ اغتيال رابين. وفي سبع مرات منها خسرنا. هذه هي الحقيقة المؤلمة. لا يمكننا أن نجعل الجمهور الإسرائيلي يصوت لنا. منذ حوالي 40 سنة، لا نقود البلاد - باستثناء ثماني سنوات تحت قيادة رابين وبيرس وبراك. في هذا الوقت، تغير المجتمع الإسرائيلي والخريطة السياسية، وتغير الوضع على الأرض بيننا وبين الفلسطينيين والعالم العربي. في العقود القليلة الماضية، كانت المسؤولية في المقام الأول تقع على عاتق اليمين الذي يقود البلاد، ولكننا أيضاً في حركة العمل نتحمل المسؤولية.

إن مسؤوليتنا هي أن نفحص بعينين مفتوحتين وبشجاعة، الانقطاع الذي نشأ على مر السنين بيننا وبين قطاعات كبيرة جداً من الجمهور، وإقناع الجمهور بأن نظرتنا وممثلينا جديرون أكثر بقيادة الدولة والعودة للقيادة مرة أخرى. لا يمكننا أن نقنع أحداً - لا أنفسنا، وبالتأكيد ليس الجمهور - بأننا نستحق القيادة، إذا لم نقدم رؤية عالمية تتفق مع الواقع.

لقد كتب الكثير بالفعل عن أخطاء الماضي في الحركة العمالية، وأنا لا استخف بأي منها أو بالثمن الذي ندفعه بسببها حتى الآن. لسوء الحظ، على المستوى السياسي لعلاقاتنا مع الفلسطينيين والعالم العربي، في العقد الماضي كنا نفتقر إلى المبادرة، نتمسك بمفهوم لا يرتبط بالواقع، مصابون بالعمى، وتراجع شديد في قدرتنا على الإصغاء. إذا فحصنا الوضع بمصداقية، لا يمكننا أن نتجاهل حقيقة واحدة مزعجة: كل المحاولات التي بذلها جميع رؤساء الوزراء بعد اغتيال رابين للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين فشلت.

لماذا؟ هل هذا فقط بسبب مشاكل في جانبنا؟ لا أعتقد ذلك. أعتقد أن الجميع، باستثناء نتنياهو، في العقد الماضي، الذي لم يبادر إلى أي تحرك دبلوماسي، حاولوا فعلاً دفع اتفاقية مع الفلسطينيين. لكن اليوم لا يوجد زعيم في الجانب الآخر يقود شعبه إلى السلام، ومن جانبنا أيضا، لا يوجد اليوم قائد مبادر، وبالتالي لم يعد مفهوم أوسلو ذا صلة. بدون مبادرتنا وبدون شريك جدي على الجانب الآخر، وفي ضوء التغيرات الدراماتيكية التي حدثت في العقدين الأخيرين على الأرض، ليس لأوسلو الحق في الوجود.

الاقتصاد يزدهر، وتباع الصناعات الإسرائيلية الدقيقة بالمليارات، وإسرائيل تنجح في القضاء على الإرهاب، والشعور العام هو أنه جيد في البلاد. الواقع اليوم يشبه الواقع الذي كان قائماً في عام 1972، عشية حرب يوم الغفران، عندما كان من المستحيل تخيل أي شيء آخر. من الصعب علينا أن نتخيل كيف ستبدو حياتنا هنا بعد أن نفقد الأغلبية اليهودية. عندما أتحدث عن أغلبية عربية، لا أعني 50٪ من العرب وواحد آخر يكفي لفقدان التوازن الموجود اليوم. تخيلوا كيف ستبدو الكنيست عندما يكون هناك 45 عضو كنيست عرب، أو حتى 30. هذا ليس خيالاً، بل حقيقة تتشكل ببطء تحت أنوفنا. لم يأت والداي العزيزان من اليمن للعيش في بلد ذي أغلبية عربية: لقد عاشا في وضع كهذا في اليمن.

لذلك، من دون التخلي عن الرغبة في السلام، أعتقد أنه في ضوء الواقع الذي تبلور على مدى العقد الماضي، يجب على إسرائيل أن تبدأ خطوات جديدة ورائدة لتغيير الوضع.

الحلم والكابوس

يكتب اليكس فيشمان، في "يديعوت أحرونوت" أنه في يوم الأربعاء الماضي، بعد مهاجمة سلاح الجو لنفق آخر لحماس، استعد الجيش الإسرائيلي لاحتمال إطلاق الصواريخ رداً على ذلك. هدوء العشرة أيام في المعركة التي يسمّيها الجيش الإسرائيلي «حراس البوابة» وتسمّيها حماس «كسر الحصار»، انتهت عملياً. رائحة رماد الحريق تعبق في الجو، ولكن الطرفين لا يريدان مواجهة عسكرية، ولا يزالان يعلقان الأمل على تأجيلها من قبل قوة عليا. في الجيش الإسرائيلي يتمنون الحر الشديد الذي يبعد مجندي حماس عن السياج الحدودي. وحماس، بقدر ما يبدو هذا غريبا، تتمنى عناقا أمريكيا. الرجل الذي تتطلع إليه العيون هو مبعوث ترامب، جيسون غرينبلات، الذي يحاول هذه الأيام إحياء واحدة أخرى من خطط إعادة إعمار غزة.

التفاهمات التي تحققت شفويا لوقف المظاهرات على الجدار ذابت. لم يتغير أي شيء من المعطيات الأساسية التي أدت إلى الاشتعال على الحدود، بل حدث العكس. سلاح الجو يهاجم الآن أنفاقا لم تتسلل بعد إلى إسرائيل ومنشآت عسكرية لحماس وان كان فقط كي يذكّر قادة المنظمة ـ وسكان القطاع بشكل عام ـ بفظائع الحرب. وحماس من جهتها، تنفذ أعمال إرهاب على الجدار وتواصل إحراق الحقول في غلاف غزة. هذا الأسبوع بعثت بخلية تسللت عبر السياج الحدودي وأحرقت موقع قناصة مهجوراً في الطرف الإسرائيلي.

لقد سبق وأعلنت حماس نيتها العودة للمظاهرات الجماهيرية على السياج في أيام الجمعة من شهر رمضان، وفي مقابلة مع صحيفة كويتية أشار يحيى سنوار، زعيم المنظمة في القطاع إلى موعد الذروة: مواجهة متواصلة طوال أربعة أيام تبدأ في 5 حزيران، «يوم النكسة» (حرب الأيام الستة) وتستمر حتى 8 حزيران، «يوم القدس» الإيراني. قبل بضعة أيام من ذلك ستجري مراسم تبديل القيادة في الجنوب. القائد المنتهية ولايته، الجنرال أيال زمير سينقل الصولجان إلى الجنرال هرتسي هليفي، الذي سيقفز مباشرة إلى المرجل.


كل شيء يبقى في العائلة

اعتراف الناطق بلسان حماس الذي كشف بأن 50 من أصل 62 قتيلاً في 14 أيار ينتمون إلى «عائلة حماس»، أثار في إسرائيل الدهشة والفرح. ليس صدفة استخدام الناطق، صلاح البردويل، لعبارة «عائلة حماس». حسب محافل التقدير في إسرائيل، فإن 30 في المئة من المتظاهرين جاؤوا من داخل النواة الصلبة لمؤيدي حماس في القطاع: نشطاء الذراع العسكرية، موظفو الدولة، وأبناء عائلاتهم، أناس قريبون من طاولة سلطة حماس وما شابه. هذه هي العقيدة التي يفترض أن تستبدل الأنفاق: المدنيون، معظمهم من رجال حماس أو مؤيديها، يسيرون إلى الجدار ويشكلون نافذة عرض للكفاح الفلسطيني أمام عيون العالم. ولكن الذراع العسكرية هي التي تنظم، تدفع وتنفذ عمليات برعاية الاضطرابات.

إن المعطيات التي قدمتها حماس بالنسبة لعدد رجال المنظمة من بين القتلى كانت أعلى قليلا من المعطيات التي كان يعرفها الجيش الإسرائيلي، وبعد أن استغلتها إسرائيل حتى النهاية لأغراض الدعاية بدأوا يتساءلون لدينا: لماذا اعترفت حماس ولماذا بالغت؟ الأجوبة كامنة في المشاعر القاسية التي تسود الشارع الغزي تجاه حماس ومن ناحيتنا هذه بشرى غير طيبة. حماس هي أول من شخص الاضطراب والانعطاف في الرأي العام في القطاع. والشارع في غزة يطرح أسئلة لاذعة: لماذا دفعنا ثمنا باهظا بهذا القدر؟ كيف يحصل أن تبعث حماس بنا إلى الجدار كي نموت، وفي أول فرصة، حتى قبل أن يتحقق أي إنجاز، تركض لعقد هدنة مع إسرائيل؟ البردويل قال في واقع الأمر للجمهور الفلسطيني في القطاع: «نحن (حماس) دفعنا الثمن بحياتنا، ولهذا فإن لنا الحق في أن نفحص الهدنة».

يشغل بال سكان غزة ليس فقط قصص البطولة والشهداء بل أيضاً وبشكل مهووس «القوائم» - من حصل على تصريح بالخروج من غزة عبر معبر رفح ومن لم يحصل، ولماذا. في مداولات تقييم الوضع التي أجراها رئيس الأركان خلال فترة الهدوء جرى الحديث عن أن حماس تقف اليوم أمام جمهورها في ذات النقطة التي وقفت فيها عشية الجرف الصامد. في حينه بلغ الهياج الذروة في ضوء أزمة دفع الرواتب، الإغلاق الخانق والبطالة المستشرية. واليوم أيضاً تخاف حماس من اللحظة التي يتفجر فيها الشارع في غزة ضدها ويلقي بها من السلطة.

الأمر الوحيد الذي يمكنه أن يعفي حماس من مواجهة عسكرية أخرى مع إسرائيل هو خطة لإعمار القطاع بقيادة أمريكية. في آذار الماضي، قبل الاشتعال على الحدود، استبشروا في حماس خيراً من أقوال المبعوث غرينبلات الذي قال انهم إذا تخلوا عن العنف، فإن الولايات المتحدة ستمد لهم يدها وتحسن جودة حياة سكان القطاع.

حماس تعلق الآمال على سلسلة لقاءات عقدها غرينبلات في القاهرة وفي قطر، الأسبوع الماضي، مع مندوبي الدول المانحة في محاولة لإحياء خطة الإعمار الكبرى التي أعلنت عنها الولايات المتحدة في بداية السنة. في المرحلة الأولى حاول غرينبلات تجنيد القطريين كي يضخوا المال إلى غزة. أما من المصريين فقد طلب ألا يعرقلوا استثمار القطريين في غزة، ويعودوا ليكونوا جهة تعمل على تهدئة الميدان.

ما لم يرووه لحماس هو أن الهدف الأساس من زيارة غرينبلات في هذه الدول هو محاولة إعادة ربطها بـ «صفقة القرن» التي نسجها ترامب ورجاله للشرق الأوسط. وهذه الصفقة، في صيغتها الحالية، هي بالضبط السبب الذي يجعل حماس لا تتلقى المساعدة من أحد.

«صفقة القرن» كما يصفها الرئيس الأمريكي، اجتازت تحولين. في كانون الثاني من هذا العام، حين أعلن ترامب عن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، تطرق إلى التسوية في صيغتها السابقة وقال: «إسرائيل أيضاً ستضطر إلى دفع ثمن». وفي شهر أذار، عندما التقى نتنياهو وترامب مرة أخرى، تبين أن الصفقة شهدت تحولا بنسبة 180 درجة.

على مدى سنة ونصف عمل غرينبلات مع فريق من خمسة من رجال من مجلس الأمن القومي على إعداد خطة التسوية للشرق الأوسط. وفي كانون الثاني وصلت الخطة إلى نضج معين وأوشكت على أن تعرض على الطرفين. وكان غرينبلات قد اجتمع مع أبو مازن، الذي لم يكن سعيداً بما سمع ولكنه لم يُلق بالمبعوث الأمريكي من أعلى الدرج.  من رأى الخطة ادعى بأنها في واقع الأمر خليط من الأفكار التي عرضت في عهد أوباما وفي عهد كلينتون، وتقوم على أساس حل الدولتين، ولكنها مع رائحة إسرائيلية خفيفة. لقد جرى الحديث هناك، ضمن أمور أخرى، عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وعن إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وتبادل للأراضي بنسبة 1:1، وعاصمتين في شرقي القدس من دون تعريف أين بالضبط ستكون العاصمة الفلسطينية. وعندما قال ترامب إن إسرائيل ستضطر إلى دفع ثمن، فقد قصد تنازلات أليمة.

إن الذي منع التسوية التي قادها غرينبلات هو السفير الأمريكي في إسرائيل دافيد فريدمان. فريدمان، الذي يعمل مباشرة مع ترامب ويسافر كثيراً إلى واشنطن كي يلتقيه شخصيا، نجح في إقناع الرئيس وصهره جارد كوشنير بأن لا معنى للدخول في مواجهة مع إسرائيل، وبالتأكيد ليس في الموضوع الفلسطيني، الذي على أي حال، لا يوجد احتمال للوصول فيه إلى حلول وسط من دون ضعضعة ائتلاف نتنياهو. الموضوع المركزي في الأجندة الأمريكية هو إيران، وإسرائيل هي مدماك هام في هذه المعركة. وهكذا اجتازت «صفقة القرن» في الأشهر الأخيرة تحولا.

وحسب التسريبات من واشنطن، فإن الخطة الجديدة تتضمن نقل 10 في المئة من اراضي الضفة، بما فيها الخليل، للسيادة الإسرائيلية من دون تبادل للأراضي. والعاصمة الفلسطينية ستكون قائمة على أساس إحياء في شرقي القدس لم تكن جزءاً من المدينة حتى 1967 وليس بينها تواصل إقليمي. مع تسوية كهذه يمكن لنتنياهو أن يحفظ بأمان حكومته حتى لو أدت إلى إقامة دولتين.

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي زار واشنطن في بداية نيسان سمع هناك تفاصيل الصفقة الجديدة ولم يتأثر، بل على العكس، أعرب حتى عن التأييد لحيوية وجود دولة إسرائيل. ولكن عندما سمع أبو مازن من بن سلمان عن التفافة حذوة الحصان الأمريكية دخل في صدمة، أخرجت منه الكثير من التعابير الحادة ضد إسرائيل، ضد ترامب وفي الأساس ضد فريدمان.

منذ تلك اللحظة لم يعد ممكنا أن نسمع من أبو مازن كلمة عن إعمار غزة برعاية أمريكية. من ناحيته، فلتحرق إسرائيل وغزة إحداهن الأخرى. اجتماع الدول المانحة لغزة، الذي عقد في واشنطن قبل بضعة أشهر، سبق أن عقد من دون تمثيل فلسطيني. الأوروبيون لا يمكنهم استثمار أغورة في غزة من دون أن تمر عبر رام الله. والاحتمال أن ينجح غرينبلات في تحقيق مشروع إعمار غزة منخفض، ما يعني أن الآمال التي يعلقها الغزيون على الولايات المتحدة لا يرجى منها أي فائدة.

أبو مازن لا يعتزم تحمل أي مسؤولية عن القطاع، ولا يبدو أنه يتجه إلى رفع العقوبات التي فرضها على غزة. وللحقيقة، يبدو أنه لا يسير إلى أي مكان. فبعد أن أُدخل إلى المستشفى، في نهاية الأسبوع الماضي، كان هناك إحساس، حتى في محيطه القريب بأن حالته الصحية قد تهزمه هذه المرة. غير أن أبو مازن هو كالعنقاء. قبل خمسة أشهر قاموا بنعيه، بعد أن ادخل إلى مستشفى جون هوبكنز في بولتيمور مع ورم تبين أنه حميد. وقبل أسبوع ونصف، عشية انعقاد منظمة التعاون الإسلامي في تركيا، اجتاز عملية جراحية في الأذن الوسطى. رجاله يعرفون عن تدهوره الجسدي والعقلي. آخر تقرير يروي بأنه يجد صعوبة حتى في حمل قلم بسبب تراخي العضلات في كفة اليد. ورغم كل هذا، فإن أحداً في السلطة الفلسطينية لا يخرج ضده.

إذا كانت ثمة أية مواساة لإسرائيل فهي تكمن في انه وفقا لكل المؤشرات، مؤسسات حكم السلطة على ما يكفي من القوة كي لا تنشأ فوضى في اليوم التالي لأبو مازن. في تلك الـ 12 ساعة، يوم السبت، الذي ساد خلالها الإحساس بأن حالته خطيرة، رص الرجال المحيطون به وقادة أجهزة الأمن الصفوف. والشارع الفلسطيني في الضفة أيضا لن يتقبل حروب الخلافة بروح طيبة.

حماس… فرع بيروت

في هذه الأثناء نشر منسق أعمال الحكومة في المناطق الجنرال كميل أبو ركن، الذي تسلم مهام منصبه منذ وقت قصير، خطته للمساعدة في إعادة تعمير البنى التحتية الإنسانية في القطاع. يدور الحديث عن خطط ناضجة، وتنتظر المصادقة عليها من قبل الحكومة الإسرائيلية. غير أن الحكومة لا تسارع إلى إقرار شيء. إسرائيل، من ناحيتها، قدمت من قبل نصيبها في الهدوء: فقد استأنفت النشاط في معبر كرم أبو سالم وتخطط لزيادة عدد الشاحنات التي تدخل البضائع إلى القطاع.

من ناحية حماس، لا يوجد هنا أي إنجاز، إذ أن إسرائيل لم تغير سياستها الأساسية في القطاع: الهدوء مقابل الهدوء. بل العكس. إسرائيل تبدو مصممة اليوم حتى أكثر من ذي قبل، على خلفية ضغوط عائلات الجنديين المفقودين. وفي ضوء التأييد الكامل الذي تتلقاه إسرائيل من الإدارة الأمريكية، فإنه حتى التهديدات الأوروبية لفتح تحقيقات ضدها، لا تثير قلقاً كبيراً. والأحاديث عن الهدنة تبدو منقطعة عن الواقع. ففي المداولات الداخلية أوضح رئيس الأركان بأنه غير مستعد لأن يسمع عن هدنة بصيغة حماس، لان هذه ستكون فرصة لحماس لإعادة بناء قوتها.

تجد حماس صعوبة حتى في التوجه لتركيا لطلب المساعدة. فطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة كان هدفا ذاتيا سجله نظام أردوغان. وإسرائيل طردت رداً على ذلك القنصل التركي من القدس فأشارت بذلك إلى أنها توشك على وقف «الاحتفال التركي» المزدهر تحت أنفها، والذي يتضمن نشاطا سياسيا تآمريا ضد السلطة وضد إسرائيل ومساعدة لحماس ولحراس الحرم من المرابطين والمرابطات. ويحذر رجال أمن إسرائيليون وفلسطينيون منذ سنين من النشاط التركي في القدس ومن المساعدة التي يمنحها اردوغان للحركات الإسلامية في إسرائيل. أما الآن فإن هذا التواجد سيقيد أردوغان الذي يعمل على تثبيت مكانته كزعيم للعالم الإسلامي وكفيل بأن يفقد إحدى أدواته الهامة.

من ينبش في هذه الأثناء بقوة في قطاع غزة هي إيران، التي تفعل كل شيء بالمال وبوسائل القتال، كي تحافظ هناك على مستوى اللهيب. في الأشهر الأخيرة ارتفع وزن بعثة حماس في بيروت برئاسة صالح العاروري الذي يقود العلاقات المتعززة بين إيران وحماس غزة. ويصل رجال حماس إلى طهران في أوقات متقاربة أكثر من أي وقت مضى، في ظل استياء إسرائيل ومصر على حد سواء. هكذا بحيث أنه إذا أغلق المصريون معبر رفح، مع انهم فتحوه في رمضان، من دون إخطار مسبق، فإن أحداً لن يتفاجأ.

في مقابلة للسنوار في قناة «الميادين» اللبنانية روى بأن حماس تقيم اتصالا يوميا مع حزب الله، وان إيران تقدم المال، السلاح والخبراء لحماس ولمنظمات أخرى. بل شدد على علاقات حماس مع قاسم سليماني، قائد جيش القدس في الحرس الثوري. وهكذا كيفما ننظر إلى الأمر، لا توجد لدى حماس طريق للتراجع. من الخارج تنغلق عليها الأسوار السياسية مرة أخرى، ومن الداخل يغلي المرجل. وهذا الوعاء سينفجر ضدنا.