زار الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، الجمعية الإسلامية بريودي جانيرو، حيث اطلع فضيلته على أنشطة الجمعية وما تقوم به من خدمات لصالح المسلمين والراغبين في دراسة أو الدخول في الإسلام.
كما اطلع على التجهيزات التي تعدها الجمعية لافتتاح مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها تمهيدا لاستيفاء كافة الضوابط التي تسمح بافتتاح المركز، واستمع فضيلته لشرح كامل عن جهود الجمعية من محمد زينهم رئيس الجمعية والتي تعد الجمعية الوحيدة الموجودة بالولاية وتم إنشاؤها منذ نصف قرن وتقوم على تعليم اللغة العربية والتعريف بالإسلام للمسلمين الجدد.
كان وكيل الأزهر، قد ألقى خطبة الجمعة أمس بالجمعية ووجه عدة رسائل للمصلين، بالإضافة إلى عدد من الطلاب الذين يقومون بإعداد دراسات عن الدين الإسلامي والمتواجدين داخل المسجد، تضمنت التأكيد على أن الإسلام دين يؤمن بجميع الرسالات السماوية ولا يكتمل إيمان المسلم إلا إذا أقر بذلك، وكذا أن الإسلام جعل من التعايش السلمي والمعاملة الحسنة لغير المسلم مبدأ أساسيا، والتأكيد على أن الإسلام دين الرحمة ولا يمكن لمسلم أن يجبر الآخر على الدخول في الإسلام.
كما أكد "شومان" أن الدين الإسلامي الحنيف جعل من الإقناع بالحسنى وسيلةَ الدعوة إلى الله عز وجل، فقال تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ»، ومنعَ إكراهَ الناس على الدخول فيه، فقال تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ»، ورغَّبَ في السلام بديلًا عن الحرب، فقال عز وجل: «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ»، وأمَّنَ غير المسلم في ديار الإسلام وإن كان بيننا وبين قومه عداوة، فقال سبحانه: «وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ».
وأشار إلى أننا لدينا في تاريخنا الإسلامي نماذج عملية تثبت بما لا يدع مجالًا للشك قبول الدين الإسلامي للآخر وترسيخه لمبدأ التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد، ولعل تأسيس رسول الإنسانية محمد - صلى الله عليه وسلم - لدولة المدينة المنورة خير نموذج عملي يؤكد قيمة الهوية الوطنية، ويرسخ لمبدأ المواطنة في الإسلام وإن تعددت المعتقدات وتنوعت الثقافات واختلفت الأعراق، فالشريعة الإسلامية في حقيقتها تُقِرُّ التعايش السلميَّ بين المسلمين وغيرهم على أسس من الحرية والعدل والمساواة في الحقوق والواجبات، فقد كفلت الشريعة الإسلامية لغير المسلمين من مواطني الدول الإسلامية تمتعهم بجميع الحقوق التي يتمتع بها المسلمون، وفي مقدمتها حرية الاعتقاد وتحريم دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وأنه يجب على الدول التي يقيمون فيها حمايتهم من أي اعتداء داخلي أو خارجي ولو كان الاعتداء واقعًا من مسلمين.
والشريعة الإسلامية بذلك سابقة لغيرها من القوانين الوضعية والمواثيق الأممية في هذا الإطار، بل لا يوجد في هذه القوانين الوضعية والمواثيق الأممية مثل ما أقرته الشريعة الإسلامية من حقوق لغير المسلمين في ديار الإسلام، ويكفي من ذلك كفالتها حرية العقيدة للجميع، وهو ما يدل على سماحة الإسلام ووسطيته وبلوغه المرتبة العليا في إرساء مبادئ المساواة والتعايش السلمي وقبول الآخر.