السبت 18 مايو 2024

٢.٦ مليون إقرار ضريبى تنظرها المصلحة.. و٢٠ مليار جنيه مستهدف الإقرارات الضرائب خطة الحكومة لإنقاذ الموازنة العامة من «فخ العجز»

22-3-2017 | 12:52

تقرير: أميرة جاد

“العجز المالى”.. مأزق كبير تعانى منه حكومة المهندس شريف إسماعيل، تحاول بكل ما تمتلك من صلاحيات التغلب عليه، أو تقليل آثاره السلبية على الموازنة العامة، وتعول الحكومة على الحصيلة الضريبية هذا العام لتمويل بنود الإنفاق العام في موازنة الدولة التي تعاني عجزا ماليا تجاوز الـ ١١٪ من إجمالي الناتج المحلي في الحساب الختامي لموازنة العام الماضي.

ووفقا للأرقام.. فإن الضرائب تمثل نحو ثلثي الإيرادات في الموازنة العامة، كما أن موسم الإقرارات الضريبية الذي بدأ في يناير الماضي ويستمر حتي نهاية مارس الجاري بالنسبة لإقرارات الأفراد ونهاية إبريل بالنسبة لإقرارات الشركات، يتسم بدرجة عالية من الخصوصية في ظل عدد من التشريعات الضريبية المستحدثة والتعديلات التشريعية لقوانين قائمة؛ حيث يحل الموسم الضريبي لهذا العام بعد تطبيق قانون القيمة المضافة بديلا عن ضريبة المبيعات، الذي تستهدف من تطبيقه الحكومة زيادة الحصيلة الضريبية بنحو ٣٠ مليار جنيه إلى جانب أن “المصور” تفتح ملف الضرائب كأهم مورد للموازنة العامة للدولة لتقف على مستهدفات الضرائب هذا العام، وإمكانية تحقيق هذه المستهدفات، ومدى تناسبها مع مجتمع الأعمال والاستثمارات القائمة فعليا، ومدى تحقق العدالة الضريبية في المنظومة القائمة.

 

وحول مستهدفات الموسم الضريبي الحالي وإمكانية تحققه قال عماد سامى، رئيس مصلحة الضرائب المصرية: إجمالي الحصيلة الضريبية المستهدفة هذا العام يصل لـ ٣٨١ مليار جنيه بزيادة عن حصيلة متحققة للعام الماضي بنحو ٤١ مليار جنيه؛ حيث حققت الحصيلة الضريبية العام الماضي نحو ٣٤٠ مليار جنيه، والمصلحة تستهدف تحقيق حصيلة ٢٠ مليار جنيه من الإقرارات الضريبية وحدها في مقابل حصيلة متحققة العام الماضي بلغت نحو ١٥.٧ مليار جنيه.

وأكد «سامي» أن ٨٠٪ من حصيلة الإقرارات الضريبية تأتي من شركات الأموال، والتي تشمل الشركات المساهمة وشركات الاستثمار وشركات التوصية بالأسهم، إلى جانب الشركات ذات المسئولية المحدودة، بينما تمثل إقرارات الأفراد “الأشخاص الطبيعيين” نحو٢٠٪ من إجمالي حصيلة الإقرارات.

وأكمل: هناك إقبال من الأفراد هذا الموسم على تقديم الإقرارات الضريبية، ونحو ٤٠ ٪ من الأفراد المقيدين ضريبيا قدموا إقراراتهم، وإجمالي الإقرارات المقدمة في العام الماضي بلغ مليونين و٤٩٠ ألف إقرار، وأتوقع أن يصل عدد الإقرارات الضريبية هذا العام نحو ٢.٦ مليون إقرار بنهاية موسم الإقرارات للشركات والأفراد.

وأضاف: إذا كانت حصيلة الإقرارات الضريبية المستهدفة لهذا العام تصل إلى ٢٠ مليار جنيه، إلا أن الإقرارات لا تتعدى كونها جزءا ضئيلا من الحصيلة، حيث تشتمل الحصيلة الضريبية على أنواع أخرى من الضرائب مثل: الضرائب على الأجور والمرتبات والتي تصل إلى ٣٨ مليار جنيه، وبقية الحصيلة تتشكل من الضرائب العقارية والأنشطة التجارية والصناعية والمهن الحرة إلى جانب الضريبة على القيمة المضافة.

وحول ضريبة “المهن الحرة” كواحدة من آليات تمويل الحصيلة الضريبية قال سعيد فؤاد، رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس مصلحة الضرائب: حصيلة المهن الحرة بلغت ٥٠٠ مليون جنيه العام الماضي، ومن المستهدف تحقيق ٧٠٠ مليون جنيه هذا العام بزيادة قدرها ٢٠٠ مليون جنيه.

وأرجع “فؤاد” ضعف وانخفاض الحصيلة الضريبية على المهن الحرة على الرغم من ارتفاع سعر الخدمة المقدمة من خلال أصحاب هذه المهن إلى عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية للمهنيين في مصر، مشددا على أن المصلحة تسعى جاهدة لميكنة العمل بداخلها، ووضع قاعدة بيانات لإظهار تعاملات الممولين، خصوصا أن هناك إلزاما وردّا في القانون ٩١ لسنة ٢٠٠٥ للضريبة على الدخل، وكذلك القانون ٦٧ لسنة ٢٠١٦ بضرورة إمساك فواتير منتظمة للممولين، وهذا يحد من حالات التهرب الضريبي، وهو ما يزيد الحصيلة بالتبعية- على حد قوله.

وفيما يخص “الضريبة العقارية” عقب رئيس الإدارة المركزية لمكتب رئيس مصلحة الضرائب، على الأمر بقوله: الحصيلة منها بلغت ٥٠٠ مليون جنيه العام الماضي، وهو رقم ضئيل أيضا، وإن كان هذا يرجع إلى عدم تسجيل عدد كبير من الثروة العقارية، وبالتالي عدم تحديد القاعدة الضريبية للمجتمع العقاري، والمصلحة وضعت خطة لحصر الثروة العقارية من خلال الشهر العقاري والمحاكم وكافة الجهات المتعاملة مع الثروة العقارية لحصرها وتخضيعها للضريبة للوصول إلى حصيلة تتناسب وحجم الثروة العقارية في مصر، والضريبة على الأرباح من الأنشطة التجارية والصناعية أكثر الأنشطة مساهمة في الحصيلة الضريبية.

وفيما يخص تحقق العدالة الضريبية في المنظومة القائمة من وجهة نظر من يطبق الضريبة قال “فؤاد”: إن المصلحة تحاول الإمساك بأوجه العدالة كافة، والدراسة التي قدمتها لوزير المالية بشأن فرض ضريبة دمغة على تعاملات البورصة واحدة من آليات تحقيق العدالة الضريبية، كما أنها تحقق حصيلة تتراوح بين مليار إلى مليار ونصف المليار، كما أن اقتراح ضريبة الدمغة على البيع والشراء بالبورصة جاء بديلا عن ضريبة التعاملات داخل البورصة، وبعد حوار مجتمعي استمر لسنوات مع العاملين في سوق المال، والعدالة الضريبية لن تتحقق إلا من خلال إخضاع كل من يجب إخضاعه للضريبة وهو ما تسعى إلى تحقيقه المصلحة حاليا من خلال عملية الحصر وعمل قاعدة بيانات تعبيرا عن المجتمع الضريبي الحقيقي.

“فؤاد” انتقل بعد ذلك للحديث عن حالات التهرب الضريبي والتي يمكن أن تضرب الحصيلة في مقتل، وقال: حالات التهرب تكمن في الاقتصاد الموازي والذي يقارب من ١٠٠٪ من حجم الاقتصاد الرسمي، والمصلحة تعمل بجد من خلال لجان حصر عن طريق مأموريات الضرائب المختلفة ومكافحة الضرائب للقيمة المضافة والضرائب العامة بحصر جميع الأنشطة غير المسجلة ضريبيا.

وأكمل: بالتأكيد تكون هناك حالات تهرب وهذا ما تتابعه إدارة مكافحة التهرب في المصلحة، وخلال الفترة المنقضية من العام المالي الحالي بلغت حالات التهرب نحو ٥٢٥ حالة وتم التصالح فيها وتحصيل مبلغ ١١٧ مليون جنيه.

من جهته قال محمد المعتز، خبير الضرائب، عضو الجمعية المصرية للضرائب: الرقم الذي تستهدفه المصلحة ليس من الصعب تحقيقه، في ظل تطبيق قانون القيمة المضافة، والذي من المتوقع أن يحقق زيادة في الحصيلة بنحو ٣٠ مليار جنيه، كما أن تحرير سعر الصرف لن يؤثر بشكل كبير على الحصيلة الضريبية لهذا العام، خاصة أنه هناك شركات كثيرة حققت أرباحا من قرار تحرير سعر الصرف في مقابل الشركات التي حققت خسائر.

وتابع حديثه:» لا الأرباح أو الخسائر الناتجة عن فرق العملة سوف تخضع للضرائب، إلا إذا تم توزيع الأرباح أو إضافتها إلى رأسمال لزيادته، وهى الحالة الوحيدة التي تخضع فيها الأرباح للضريبة، بمعنى أنه إذا حققت الشركة أرباحا نتيجة إعادة تقييم الأرصدة ذات الطبيعة المنقولة، أى ارتفعت قيم أصولها بسبب فروق العملة، ففي هذه الحالة لن يتم تخضيع الزيادة في قيمة الأصول للضريبة، إلا إذا نتج عن هذه الزيادة في قيمة الأصول توزيعات أرباح أو زيادات لرأسمال الشركة، والأمر ذاته بالنسبة للخسائر، فإذا حققت الشركة خسائر نتيجة إعادة تقييم الأصول فلن يتم احتسابها كخسائر.

“المعتز” فى سياق حديثه أكد أن قرار تحرير سعر الصرف كان من أهم مشكلات الموسم الضريبي الحالي، وخاصة للشركات التي حصلت على تمويلات دولارية قبل القرار، الأمر الذى جعل تكلفة التمويل مضاعفة على الشركة ما يكبدها خسائر حقيقية.

وفيما يتعلق بمدى تحقق العدالة الضريبية في المنظومة الحالية قال “المعتز”: ضريبة القيمة المضافة تسهم في تحقيق درجة من درجات العدالة الضريبية وخاصة بالنسبة لأصحاب المهن الحرة، كما أن قانون القيمة المضافة من شأنه فرض ١٠ ٪ على إيرادات المهن الحرة وليس صافي ربح نشاطات المهن الحرة ( المحاماة والطب و المهندسين .... ) وهو الأمر الذي يتم تطبيقه من إيرادات هذه الأنشطة منذ ١ سبتمبر ٢٠١٦، ليبقى الاقتصاد غير الرسمي شوكة في ظهر العدالة الضريبية؛ إذ إن وجود أنشطة غير رسمية يؤدي إلى عدم خضوعها للضريبة، رغم تحقيقها أرباحا ضخمة، وهو ما يعد درجة من انعدام العدالة، لذا على الحكومة أن تعمل على دمج القطاع غير الرسمي إلى الرسمي لتحقيق أكبر درجة للعدالة الضريبية.

فى ذات السياق، أوضحت د. سهير أبو العينين، في دراسة صادرة من المعهد القومي للتخطيط بعنوان « الضرائب على الثروة والأرباح الرأسمالية المفاهيم وإمكانية التطبيق في مصر» أن مصر تتميز كما هو معروف بضعف حصيلة الضرائب بالقياس إلى حجم النشاط الاقتصادى، حيث يبلغ إجمالي مساهمة الإيرادات الضريبية ١٢.٥٪ في موازنة، ٢٠١٤ /٢٠١٥من الناتج المحلى الإجمالى، فيما تبلغ مساهمة الإيرادات الضريبية نسبا تتراوح بين (٢٢.٥– ٢٥٪) من الناتج المحلي للاقتصادات المشابهة للاقتصاد المصري، ما يعنى أن هناك فجوة ضريبية كبيرة يتعين العمل على سدها.

وتؤكد الدراسة أن الضرائب على الدخل تمثل النسبة الأكبر من الحصيلة الضريبية فى مصر وتبلغ حوالى ٤٢٪، فيما تمثل الضريبة على السلع والخدمات نحو ٤٠ ٪، أما الضرائب على الثروة فهى لا تتجاوز الـ ٧ ٪ و ٥ ٪ منها ضرائب على عوائد وأذون وسندات الخزانة، وتعد الدولة هى الدافع الأكبر للضرائب؛ حيث تبلغ حصيلة هيئتين فقط (قناة السويس والبترول) نحو ١٦ ٪ من جملة الإيرادات الضريبية.

ويلاحظ فى الهيكل الضريبى فى مصر - وفقا لذات الدراسة- أن نسبة الضرائب على الدخول من التوظف تبلغ نحو ٨٪ وبما يشكل ضعف الضرائب على الدخول بخلاف التوظف، وتدخل الضرائب على الأرباح الرأسمالية في إطار الضرائب على الدخل، وأكدت الدراسة ضعف الامتثال الضريبى وارتفاع نسبة التهرب، كما نلاحظ من خلال ارتفاع نسب الضرائب المحصلة من الهيئات والتوظف مقارنة بالبنود الأخرى أن هناك أنشطة كثيرة خاصة في القطاع الخاص غير خاضعة للضرائب على رأسها المهن الحرة وهى أمور كفيلة بعدم تحقيق العدالة الضريبية، ويكفى ذلك للدلالة على وجود خلل فى العدالة الضريبية ومن ثم الاجتماعية يجب إصلاحه.

“د. سهير”، شددت على أنه يجب توسيع نطاق تطبيق الضرائب على الثروة لمواجهة تزايد حدة عدم العدالة فى توزيع الثروات وللتنمية، ولمواجهة احتياجات تزايد مجالات الإنفاق الحكومى، ومواجهة عجز الموازنة، مؤكدة أن تحقيق هذا الأمر يقتضي التعمق فى تحليل الضرائب إلى جانب الثروة والاحتمالات الكامنة لزيادة مساهمتها فى تحسين موارد الدولة وزيادة العدالة الاجتماعية السياسات والآليات الأخرى المطلوبة لتحقيق العدالة المنشودة.