كتب ـ شنودة سعد
ام باسم، سيدة مصرية اصيلة تبلغ من العمر 64 عاما، أثبتت قدرتها على القيام بوظيفة اعتاد المصريون تسميتها بـ"وظيفة الرجل".. كان هدفها الوحيد توفير قوت يومها، فكافحت وناضلت حتى اصبحت نموذجا لكفاح المرأة المصرية.. تغلبت على كل العقبات فكانت اول سيدة في مصر بأكملها تعمل في مهنة السباكة.. انها السيدة "سهام حسين مغازي" التي تروي رحلتها منذ الصغر.
بابتسامة وضحكة دائمة على وجهها تفتخر ام باسم بعملها، وتقول ان العادات والتقاليد التى تربت عليها لم تجعلها مكتوفة الأيدي في انتظار ان يساعدها أحد بعد وفاة والدها لتتولى مسئولية إخوتها السبعة، الذين يعيشون جميعا فى منطقة سوق السلاح بحارة النصارى.
بعد حصول ام باسم على دبلوم التجارة، قررت السفر الى دولة الكويت الشقيقة من اجل العمل هناك حتى تستطيع ان توفر احتياجات اهلها.
عملت سكرترية فى احدى الشركات الكبرى واستطاعت ان تثبت جدارتها فى الوظيفة، وتجمع مبلغا ماليا كل شهر لإرساله الى اخوتها، وبعد سنين قليلة تعرفت على شخص مصري كان قريبا منها وسرعان ما تطورت العلاقة بينهما حتى كللت بالزواج وانجبت منه ثلاثة اطفال (ولد وبنتان)، وكانت الحياة وقتها على ما يرام.
ظلت أم باسم تعمل فى الكويت نحو 14 عاما ثم أخذها الحنين الى مصر واهلها وإخوتها فقررت العودة والتفكير فى عمل مشروع يكون بمثابة مصدر دخل لها.
تقول: بدأت بفكرة محل كوافير واستمر لمدة 6 اشهر وبعدها تم اغلاقه لعدم الحصول على اي مكاسب ثم اتجهت لأفكار اخرى وجميعها كانت دون مكسب، في ذلك الوقت قرر زوجي العودة مرة اخرى الى دولة الكويت وصمم على ذهابي معه لكني رفضت بسبب مرض والدتي والتي كانت في حاجة لي، فرفضت السفر وحدث انفصال بيننا.
وتابعت: كل هذه الأمور كانت نقطة تحول كبيرة في حياتي رفضت ان استسلم للظروف الصعبة التي كانت تحيط بي من جميع الاتجاهات فقررت وقتها ان اتعلم مهنة تكون مصدر دخلي، وكنت اريد ان اتعلم مهنة تفصيل الملابس وذهبت الى مشروع اغاخان لتدريب الشباب على مهن للقضاء على البطالة ووجدت دورة سباكة، فطلبت من المسئول ان ألتحق بها فرفض فى البداية، معللا انها مهنة ثقيلة وصعبة وبعدها بأسبوع اخر اتيت إليه وطلبت الالتحاق حتى استطيع ان اتعلم مهنة اعيش بها، فوافق بعدها وبفضل الله سبحان وتعالى اجتزت الدورة التى كانت مدتها عاما ونصف العام وحصلت على المركز الأول فى جميع الامتحانات، فمهنة السباكة كانت بالنسبة لى دراسة نظرية وعملية وهذا سبب نجاحي الكبير لأننى احببتها وشربت المهنة.
فى البداية كان هناك اعتراض من اولادى بسبب تعب المهنة من ادوات ثقيلة كنت أحملها يوميا ومن ذهابى فى اماكن مختلفة ولكن حبى للمهنة جعلنى استمر فيها ومع مرور الوقت بدأت الزبائن فى طلبى بسبب معاملتى الطيبة واسعارى المناسبة وعلاقتى الجيدة مع الجميع وبدأت "العجلة تدور" واستطعت وقتها ان اعلم اولادى تعليما جيدا وبعدها فى تجهيز الزواج لهم كل ذلك من مهنة السباكة.
اشتهرت أم باسم فى منطقة سوق السلاح وبعدها في اماكن اخرى كثيرة وكنت اعمل يوميا لأكثر من 12 ساعة بدون ملل او حتى تعب فكان هدفى هو الحصول على قوت اليوم حتى لا احتاج لمساعدة اى شخص.عمرى ما طلبت مساعدة من اى احد مكتفية بما قسمه الله من رزق.
عمرى ما كنت مكسوفة من شغلانتى هى دائما شرف لى لأننى بسببها علمت اولادى وهم زهرة شبابى، والشغل دايما مش عيب ولا حرام طالما بالحلال وبتتعب فيه.
عملى لم ينتقص من كونى سيدة أبدا، فعلى الرغم أنى فى الشارع أرتدى ملابس الرجال احيانا ، إلا أنني في بيتي أكون مختلفة تماما، وعملي أفادني كثيرا فتعلمت الصبر والشجاعة والتحدي، وأعطاني قدرة على معرفة الأشخاص جيدا وقراءتهم. ولن أترك السباكة حتى يتوفانى الله.
وأخيرا أحب أن أقدم نصيحة للشباب: لا تنتظر العمل ان يأتيك وانت في منزلك اجتهد وكافح حتى تصل الى حلمك.