كشف البطريرك كيريل، بطريرك موسكو وسائر روسيا عن وصول ممثلي بطريركية القسطنطينية إلى أوكرانيا، وسط احتدام الخلاف بين البطريركيتين حول مصير الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا.
وقال البطريرك كيريل خلال افتتاح أعمال المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في موسكو اليوم: "لدينا معلومات مؤكدة تفيد بأن ممثلي بطريركية القسطنطينية قد وصلوا إلى أوكرانيا وبدؤوا بالعمل هناك".
وأكد البطريرك أن الكنيسة الروسية ستبقى متمسكة بموقفها الثابت من تصرفات القسطنطينية ولن تعترف بشرعيتها.
وذكّر البطريرك بأن المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية الروسية أعرب الأسبوع الماضي عن احتجاجه الشديد على قرار بطريرك القسطنطينية برثلماوس، تعيين اثنين من ممثليه في أوكرانيا التابعة للأراضي الكنسية لبطريركية موسكو.
وأشار المجمع المقدس إلى أن تعيين القسطنطينية ممثلين لها في أوكرانيا يعتبر انتهاكا صارخا للقوانين الكنسية، التي تمنع ممثلي الكنائس المستقلة من التدخل في شؤون بعضها.
من جهته، أدان مطران كييف وسائر أوكرانيا أونوفري خطوة القسطنطينية، وقال: "هذا تصرف غير قانوني من الكنسية القسطنطينية. لا يحق لها إرسال ممثليها إلى كنيستنا المستقلة ولا تتمتع بأي حق أخلاقي أو شرعي للتدخل في شؤون أوكرانيا".
وأضاف أن عزم القسطنطينية على منح الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا الاستقلال الذاتي، يهدد بتقييد حرية الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، التي تعتبر حاليا كنيسة ذاتية الإدارة ضمن بطريركية موسكو.
موقف الكرملين
أكد الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن موسكو تفضل الحفاظ على وحدة العالم لأرثوذكسي، وقال: "لا شك في أن الخيار المفضل الوحيد لموسكو كما للعالم الأرثوذكسي بأسره هو الحفاظ على وحدة هذا العالم".
وأشار بيسكوف إلى أن المعلومات عن القرارات المحتملة المتعلقة بالكنيسة الأوكرانية تثير القلق، لكنه أضاف أن ذلك يعتبر "شأنا يخص الحوار بين الكنائس في نهاية الأمر، ولا يمكن للدول التدخل فيه".
جذور الخلاف
مع ظهور بوادر تفكك الاتحاد السوفيتي، شهدت الكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا انقساما عام 1989، عندما انشق جزء من كياناتها الدينية عن بطريركية موسكو لتشكل ما يسمى "الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية بطريركية كييف".
وتحاول السلطات الأوكرانية جاهدة انتزاع اعتراف بطريركية القسطنطينية الأرثوذكسية المسكونية بالكيانات المنشقة وإنشاء على أساسها كنيسة محلية موحدة خارج إطار الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية.
وبطريركية القسطنطينية الأرثوذكسية المسكونية، التي تتخذ من إسطنبول مقرا لها، يحمل بطريركها لقب البطريرك المسكوني وهو الزعيم الروحي لـ300 مليون مسيحي أرثوذكسي حول العالم، فيما تشترط الحكومة التركية على من ينتخب لهذا المنصب أن يكون حاملا للجنسية التركية.
وفي 1 سبتمبر اتهم بطريرك القسطنطينية برثلماوس موسكو بـ"سلسلة تدخلات غير قانونية" في شؤون مطرانية كييف منذ القرن الرابع عشر عندما نقل مقر الكنسية الأرثوذكسية إلى موسكو "من دون إذن قانوني من الكنيسة الأم"، وأضاف أن القسطنطينية قررت أخذ زمام المبادرة في إعادة الاستقلال للكنيسة الأوكرانية، وذلك بعد تلقي طلب بهذا الشأن من الحكومة الأوكرانية ودعوات متكررة من بطريرك الكنيسة المنشقة فيلاريت.
ورفضت بطريركية موسكو مزاعم القسطنطينية واتهاماتها، معتبرة منحها الكنيسة الأوكرانية الاستقلال من دون الرجوع إلى بطريركية موسكو تجاوزا لصلاحياتها وانتهاكا للقوانين والأعراف الدينية.
وأشارت بطريركية موسكو إلى أن "الغالبية العظمى من المؤمنين في أوكرانيا يتبعون الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية، التي لم تطلب أي استقلال".
وفي نهاية الشهر الماضي قام البطريرك كيريل بزيارة إلى إسطنبول للقاء البطريرك برثلماوس، في محاولة لثنيه عن اتخاذ خطوة "تنذر بمزيد من الفرقة بين المؤمنين"، لكن الزيارة لم تأت بالحل المنشود.