الإثنين 20 مايو 2024

الدعوة "حصان طروادة".. الإخوان والعنف والاغتيالات منهج لا يتغير

14-9-2018 | 22:25

تؤكد الوثائق أن تكوين جماعة الإخوان بدأ تحت اسم "جمعية الإخوان المسلمين" عام 1928 بمدينة الإسماعيلية ونصت مقاصد وأهداف الجمعية على ألا تتعرض للحياة السياسية ولا الخلافات الدينية وأن ينصب عملها على نشر التعاليم الإسلامية ومقاومة الأمية بتعليم القرآن ونشر الدعاية الصحية بين طبقات الأمة والمساهمة في علاج آفات المجتمع وفتح مدارس لتعليم العلوم الدينية وفق منهج خاص أسند إلى المؤسس حسن البنا نظراً لدوره كمعلم .. إذن في ما تم رصده كانت أسباب النشأة والتكوين خيرية تنموية وتم تكوين شعب إخوانية في كل أنحاء مصر لتلك الأغراض المعلنة ، غير أن ما حملته الأيام أوضح اتجاه الإخوان المسلمين إلى العمل السياسي بعد عام 1937 .

 

بعد رحيله الإمام حسن البنا بستين عاماً أفرج شقيقه جمال عن عدة وثائق كتبت بخط يده منها وثيقة كتبها فور عودته من المملكة العربية السعودية يوضح مضمونها استياءه من حل جماعة الإخوان واعتقال معظم أفرادها بعد اغتيال النقراشي باشا، وحملت الوثيقة عنوان "قضيتنا بين يدي الرأي العام المصري والعربي والإسلامي والضمير الإنساني العالمي"، فندت الوثيقة مظالم الإخوان من حملة الإعتقالات التي جرت لأفرادها ومصادرة الأموال والشركات الخاصة بهم مما جعل نساء المعتقلين يلجأن إلى بيت المرشد العام لطلب المعونة .

 

وبقدر ما تحمل وثيقة المرشد تفنيداً للمظالم بقدر ما تثبت اتجاه الجماعة إلى العمل السياسي في تلك الحقبة، فقد اتهمتهم الحكومة آنذاك بثلاثة اتهامات أولاها بأنهم عصابة إرهابية تشجع الجريمة وتهدد الأمن بعدما تحولوا من جماعة دينية إلى هيئة سياسية تعمل على نظام قلب الحكم .. وقد بدأ الإخوان حملة من التفجيرات للمحال اليهودية في القاهرة وقت أن كان المجتمع المصري يضم يهوداً ، وأثبتت الأيام أن للكثير منهم آنذاك مشروعات أفادت المجتمع المصري على كل الأصعدة ، وقد نفت مذكرة البنا مشاركة الإخوان في تلك التفجيرات ونسبتها إلى الشباب المصري المناهض للصهاينة وموقفهم من فلسطين وأيضاً لضلوع بعض اليهود المصريين في مساعدة الصهاينة لترسيخ وجودهم في فلسطين.

 

إذن بتلك الوثيقة ثبت اتجاه الإخوان للعمل السياسي وضلوعهم في استخدام العنف في مصر في نهاية فترة الأربعينيات ، إلى أن جاءت ثورة 1952 ، وحاول بعض من الضباط الإحرار استمالة الإخوان ليكونوا سنداً في الثورة إلا أن المحاولات لم تنجح وآثر الإخوان الابتعاد عن تلك الحركة التي قد تفشل ويعدم كل أفرادها، ومن الغريب أنه بعد خمسة أيام من نجاح الثورة تحديداً في 28 يوليو 1952 ذهب المرشد العام لجماعة الإخوان للقاء وتحية ومؤازرة اللواء محمد نجيب في مجلس قيادة الثورة لإيجاد دور لهم في الحياة السياسية وحكم البلاد بعد أن تأكدوا من نجاح ثورة الضباط الأحرار.

 

ورفض الضباط الإحرار المحاولات الإخوانية بركوب الثورة ولكنهم ظلوا على علاقة طيبة بهم سامحين بتواجدهم إلى أن تدخل الإخوان في شئون مجلس القيادة من خلال الرئيس نجيب وقد أحدث ذلك التدخل الإخواني انقساما بين الضباط وجعلهم فريقين وسمي ذلك بأزمة مارس 1954 التي طالب فيها نجيب وفريق من الضباط العودة إلى الثكنات وممارسة دورهم كجيش فقط يحمي البلاد وترك الحكم للمدنيين ، والتساؤل هنا .. من هم المدنيين المرشحون لحكم مصر أو الساعين للحكم غير الإخوان؟

 

وفطن الرئيس جمال عبد الناصر وفريقه لذلك الهدف الإخواني ونتج عنه إقصاء نجيب عن حكم مصر وأصر ناصر أن يكمل ورفاقه مبادئ الثورة وعلى الفور وقع في نهاية العام وثيقة جلاء الإنجليز عن مصر بعد احتلال دام 73 عاماً وكانت تلك الخطوة أول ثمار الثورة بعد أن أذاقوا الإنجليز صنوف العذاب في معسكراتهم ما دعاهم لتوقيع خطة الجلاء على مدى عشرين شهراً .. وهنا ظهر الدور الإخواني المحير، وهو عزمهم على اغتيال جمال عبد الناصر .. ذلك الرجل الذي تمكن من إخراج الإحتلال من مصر، وبالفعل حاول الإخوان اغتيال عبد الناصر بحادث المنشية ، وأنقذت العناية الإلهية عبد الناصر من تلك المحاولة الدموية للإخوان واعترف أفراد الإخوان بفعلتهم وأنهم أقدموا على ذلك لأن ناصر تواصل مع الإنجليز !! فهل تواصل ناصر من أجل مصلحة شخصية أم من أجل تحرير البلاد ، وما كانت تلك المحاولة إلا رغبة منهم في قتل ناصر كي يتمكنوا من وضع أيديهم على حكم مصر، ونتج عن تلك الحادثة حظر الجماعة مرة أخرى.

 

وعاد الإخوان للظهور كقوة سياسية مهيمنة مع التغيير السياسى الذي شهدته مصر عام 2011 وتمكن مرشح الإخوان من الوصول إلى سدة الحكم وقد شهدت الأجيال الحالية بما حدث في تلك الفترة التي تخبطت فيها البلاد ونتج عنها خروج كل المصريون في 30مظاهرات يونيو 2013 إلى كل شوارع مصر رافضين حكم الإخوان بعد أن رأى الجميع العنف العارم والتصفيات التي قامت بها الجماعة ضد كل من يعارضهم .