السبت 1 يونيو 2024

هل ستقبل إيران التفاوض حول ملفها النووى؟!

تحقيقات20-10-2018 | 14:08

يقول المنطق إن ليس أمام إيران سوى إعادة التفاوض مع الإدارة الأمريكية في شأن ملفها النووي وما هو أهم من ملفها النووي.

وعندما يدعو وزير الخارجية محمد جواد ظريف إلى خطوة في هذا الاتجاه، فإن هذا يعتبر إشارة في غاية الإيجابية وبداية تصالح مع الواقع. اللهم إلا إذا كان في الأمر مناورة تستهدف كسب الوقت فقط.

ويظل الأهم من موضوع الملف النووي وإعادة التفاوض في شأنه، السلوك الإيراني خارج ايران، أي المشروع التوسعي الذي تحاول إيران حمايته عبر تطوير الصواريخ الباليستية.

وتستخدم هذه الصواريخ، التي كانت فرنسا من بين من ركز عليها باكرا، لأغراض متنوعة. من بين هذه الأغراض تهديد السعودية بواسطة الحوثيين انطلاقا من الأراضي اليمنية".

هذا ما ذكره الكاتب والمحلل خيرالله خيرالله فى تعليق له (أورده موقع "ميدل ايست" ) ـ حول الملف النووى الإيراني

ومدى استعداد طهران للتفاوض حوله..

ويقول: "إذا كان من فضيلة لإدارة دونالد ترامب، فإن هذه الفضيلة هي في الوصف الدقيق للسلوك الغيراني المشكو منه منذ العام 1979.

وليس صدفة أنّ النقاط الـ12 التي وضعها وزير الخارجية مايك بومبيو والتي تضمنت الشروط الأمريكية لإعادة التفاوض مع إيران، تشير إلى دور الميليشيات الإيرانية خارج إيران وضرورة وقف نشاطها ووضع حدّ لمشاريع من نوع تطوير الصواريخ الباليستية والوجود العسكري الإيراني المباشر في أراضي هذه الدولة أو تلك".

" لقد مزقت إدارة ترامب الاتفاق في شأن الاتفاق النووي مع إيران. لم تعد من قيمة للاتفاق الموقع في صيف العام 2015 والذي يكشف غباء إدارة إدارة أوباما... أو كل العداء الذي تكنّه لكل ما هو عربي في المنطقة. كان هذا الاتفاق تعبيرا عن رغبة إدارة أوباما في تعويم النظام الإيراني. أخذت غيران ما تشاء من الاتفاق واعتبرت أن ما حققته كان إنجازا كبيرا.

يكفي أنها حصلت على مليارات الدولارات كانت في حاجة ماسة إليها. فوق ذلك كلّه، عملت الغدارة الأمريكية السابقة كل ما تستطيع عمله من أجل مسايرة إيران واسترضائها. 

ووصل بها ذلك إلى التغاضي عن استخدام النظام السوري السلاح الكيميائي صيف العام 2013 في سياق الحرب التي يشنّها على السوريين من أجل تهجيرهم من أرضهم والمساهمة في عمليات التطهير المذهبي التي تعمل إيران على تحقيقها في أرض سوريا".

لقد غضت إدارة أوباما الطرف عن كل ما فعلته إيران في المنطقة، أكان ذلك في العراق أو سوريا أو اليمن... او البحرين. كان كلّ ما تسعى إليه هو الوصول الى الاتفاق المتعلّق بالمشروع النووي الإيراني. لا شكّ أن طهران عرفت كيف تسوّق لملفّها النووي وتجعل منه همّا أمريكيا وأوروبيا في الوقت ذاته. ساعدها في ذلك الموقفان الروسي والصيني اللذان لم يكونا بعيدين عن الموقف الأوروبي حيث لعبت ألمانيا دورا في الترويج لأهمّية إيران والسوق الإيرانية. لم تستفق ألمانيا من الانبهار بإيران إلّا أخيرا.

بين توقيع مجموعة الخمسة زائد واحدا الاتفاق مع إيران وفوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية وصولا إلى تمزيقه الاتفاق، مرت سنتان تقريبا. اختبرت غيران الإدارة الأمريكية الجديدة طويلا قبل أن تكتشف أخيرا أن لا مفرّ أمامها سوى الإعلان عن الرغبة في التفاوض مجددا بعدما فعل التلويح الأمريكي بالعقوبات فعله. إذا كان مجرد التلويح بالعقوبات وبدء تطبيق قسم منها أدّيا إلى زعزعة الاقتصاد الإيراني، فماذا سيحصل عندما ستطال هذه العقوبات تصدير النفط الإيراني في الخامس من تشرين الثاني – نوفمبر المقبل؟

يبدو واضحا أنّ إيران بدأت تشعر بأنّ إدارة ترامب في غاية الجدّية. الدليل على ذلك أنّها تركز على الاقتصاد الإيراني وعلى عصب هذا الاقتصاد الذي هو النفط. يمكن القول إن إدارة ترامب تساهلت مع ايران في العراق. سمحت لها بتسجيل نقاط هناك، خصوصا عندما فرضت استبعاد حيدر العبادي عن موقع رئيس الوزراء والاتيان بمرشح تابع لها إلى موقع رئيس مجلس النواب هو محمد الحلبوسي، مع ما يعنيه ذلك لجهة تمكينها من شق الصف السنّي. لكنّ إيران تعرف في نهاية المطاف أن نقل المعركة إلى الاقتصاد هو بمثابة نقل لها إلى الداخل الإيراني. فإيران، كنظام قام بعد إطاحة نظام الشاه في العام 1979، سعت دائما إلى خوض معاركها خارج أرضها. لذلك تعتبر المتاجرة بالقضية الفلسطينية والقدس من أهمّ الإنجازات التي حققتها، فضلا بالطبع عن خلق أداة لها اسمها "حزب الله" الذي استطاع تحويل لبنان "ساحة" لإيران.

ويتساءل الكاتب: "هل كلام جواد ظريف غلى "بي. بي.سي" عن استعداد لغعادة التفاوض مع الإدارة الإمريكية، وفق شروط محدّدة، يعني أن إيران اتخذت قرارا نهائيا بالتصالح مع الواقع؟.

ويجيب: "من المبكر الإجابة عن هذا السؤال، خصوصا أنّ "المرشد" علي خامنئي ما زال يردّد كلاما عن "تخوين" من يريد التفاوض مع الاميركيين. لكنّ النظام في ايران يلعب عادة على حصانين مختلفين. يلعب على حصان التعبئة الداخلية في مواجهة "الاستكبار العالمي" وعلى قنوات التفاوض مع هذا "الاستكبار". هناك تجارب الماضي القريب والبعيد التي تؤكد أن إيران مستعدة للذهاب بعيدا في لعبة الرهان على حصانين مختلفين. ففي الحرب العراقية – الإيرانية بين 1980 و1988 استقبلت، وهي تطلق صيحة "الموت لأمريكا" وفدا برئاسة روبرت ماكفرلين مستشار الأمن القومي في عهد رونالد ريجان وتفاوضت من أجل الحصول على أسلحة إسرائيلية كانت في أشدّ الحاجة إليها. وفي مرحلة ما قبل الوصول إلى اتفاق في شأن الملفّ النووي، صار محمّد جواد ظريف يتصرّف مع جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي وقتذاك، وكأنّهما صديقان قديمان يعملان من أجل السلام العالمي والاستقرار الإقليمي".

ومن المستبعد أن تكون إيران حسمت أمرها في موضوع التصالح مع الواقع، أي مع حقيقة أنّها مجرد دولة عادية فشلت في إيجاد مصدر دخل آخر غير النفط والغاز. من يتمعّن في السلوك الإيراني منذ 1979، يكتشف أن المحاولات ستستمر من أجل متابعة لعبة الهرب إلى الأمام.

وستحاول إيران مرة أخرى الرهان على الانتخابات الأمريكية الشهر المقبل. هل يخسر دونالد ترامب الأكثرية الجمهورية في مجلسي الكونجرس؟."

ويطرح السؤال: هل يؤدي ذلك الى تحوله هدفا سهلا للديموقراطيين الذين سيعملون على استغلال كل تلك الفضائح التي استطاع تجاوزها منذ دخوله البيت الأبيض؟

وبعد تمكن دوناد ترامب من تمرير مرشحه لعضوية المحكمة العليا القاضي كافانا في الكونجرس، لا يمكن الاستخفاف برجل لم يكن عاقل يتصور يوما أنه سيصل إلى البيت الأبيض.

ولا شك أن إيران تمتلك لوبي قويا في واشنطن. لكن نجاح الجمهوريين في انتخابات مجلسي الكونجرس سيجعلها تعترف بحدود ما يستطيع هذا اللوبي عمله لها.

سيكون الشهر المقبل في غاية الأهمية بالنسبة إلى معرفة هل ستقبل إيران أخيرا فكرة أنّ عليها الاهتمام بشعبها ومشاكلها الداخلية اولا وأخيرا... مع ما يعنيه ذلك من تصالح مع الواقع!!"