أكدت دار الإفتاء فى قتوى لها أن لبس المرأة البنطلون جائز بشرط أن تتحقق فيه شروط الستر المطلوبة شرعا.
وأوضحت الفتوى أن البنطلون أو البنطال نوع من الملابس يستر النصف الأسفل من جسد الإنسان، من الخصر إلى أسفل الساقين، مع فصله بين الرجلين في الستر، فكل واحدة منهما مغطاة على حدة، دون أن تجتمع بالأخرى في ثوب واحد يلتف حولهما، ويطلق قديمًا على السراويل.
والذي عليه الفتوى: جواز لُبْسه للمرأة، بشرط أن تتحقق فيه شروط الستر المطلوبة شرعًا.
وللملابس التي تلبسها المرأة شروط اتفق العلماء على ضرورة توفرها في الزي الذي تلبسه المرأة المسلمة، وهي: أن يكون ساترًا للعورة فلا يكشف، وأن لا يكون رقيقًا يشف ما تحته.
والعورة التي يجب على المرأة سترها في الصلاة وخارجها جميع بدنها عدا وجهها وكفيها، وهذا هو مذهب جمهور العلماء؛ من الحنفية والمالكية والشافعية، وهو مذهب الأوزاعي، وأبي ثور، من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد.
ولُبْسُ المرأة من الثياب ما يشف ما تحته حرامٌ؛ لـما رواه الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».
ولُبس البنطلون الذي تتحقق فيه شروط الستر جائز في ذاته؛ لأنه الأصل، فأمر اللباس للرجل أو المرأة باق على الإباحة ما لم يكن ممنوعًا بالنص أو يقترن به معنى يمنعه الشرع؛ كلُبس الحرير للرجل أو اللبس بقصد الخيلاء والتكبر عمومًا.
وقد وردت أحاديث تُثبت أصل الجواز، فقد أخرج البزار في "مسنده" عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند البقيع -يعني بقيع الْغَرْقَدِ- في يومٍ مَطِير، فمرت امرأة على حمار ومعها مكاري، فمرت في وَهْدَةٍ من الأرض فسقطت، فأعرض عنها بوجهه، فقالوا: يا رسول الله إنها متسرولة، فقال: «اللهم اغفر للمتسرولات من أُمَّتِي».
وأخرج البيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس على باب من أبواب المسجد، مرت امرأة على دابة، فلما حاذت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عَثَرَتْ بها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم، وَتَكَشَّفَتْ، فقيل: يا رسول الله، إن عليها سراويل، فقال: «رحم الله المتسرولات».
وفي هذا الحديث: إقرار بجواز لبس السراويل المساوية في الهيئة للبنطلونات التي تُلْبَس في زماننا هذا، وجعل شيء آخر عليه من الملابس مسألة أخرى تخضع للعرف.
ويُستفاد منه أيضًا: منع التحريم لقصد التشبه بالرجال أو بغير المسلمين، يضاف إلى هذا في مسألة التشبه: أن الواقع يخالف دعوى التشبه بالرجال؛ فهناك أزياء من هذا النوع خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء.
أما التشبه بغير المسلمين فليس مذمومًا على الإطلاق، بل التشبه المذموم هو ما كان في الدين مع قصد التشبه، أما ما كان من العادات وليس فيه قصد التشبه فلا يكون ممنوعًا؛ فقد صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جبة شامية -كما روي في "الصحيحين" من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وترجم الإمام البخاري لهذا الباب بقوله: (باب الصلاة في الجبة الشامية).