ذكرت صحيفة "ديلي تلجراف" البريطانية، أن انسحاب أمريكا من ساحة السياسات العالمية كفيل بتغيير العالم، ومن ثم يجب الاستعداد.
وعادت الصحيفة بالأذهان إلى عشية رأس السنة التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى والتي أبرق في ليلها أملٌ أعقب فترة متصلة من اليأس خيّمت على معظم دول العالم في صراع أزهق ملايين الأرواح على نحو ما فعلت "الإنفلونزا الإسبانية " التي تزامنت مع نهاية تلك الحرب.
ونوهت عن أن بزوغ فجر عام 1919 شهد تضافر الجهود الدولية للتعلم من دروس كارثة الحرب، والعمل على ضمان عدم تكرارها؛ مشيرة إلى أن الرئيس الأمريكي عندئذ، وودرو ولسون، كان في أوروبا لحضور مؤتمر "سلام باريس" على أمل لم شمل الأطراف المتحاربة حول مبادئه الأربعة عشر لمستقبل ديمقراطي، على أن تلك التسويات السلمية بذرت بذور صراع أسوأ من تلك الحرب، ولم يكن قد مضى عليها سوى ثلاثين عاما فقط.
ونبهت الصحيفة اليوم الإثنين إلى أن العديد من القرارات التي اتخذت إبان ذلك الوقت قد ترددت أصداؤها عبر أوروبا.
وتساءلت إبان هذا الاتفاق عن كيفية احتواء نوازع القومية أو التشدد الديني قبل أن تتفاقم آثارها الضارة، وعن كيفية حظر الحروب؟
ورأت أن هذه التساؤلات لا تزال تلحّ الآن ونحن على أعتاب عام "2019"، وسط قليل من المؤشرات على إمكانية العثور على أجوبة عليها؛ لافتة إلى الحرب في سوريا وعلى وشك الدخول في مرحلة جديدة مع الانسحاب الكامل للجنود الأمريكيين هناك والذين لا تتزايد أعدادهم عن بضعة آلاف.
واعتبرت أن القضية ليست في العدد، وإنما التزام (واشنطن ) في المنطقة بات على المحك وهو ما تمخض عن استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس.
وذكرت أن أمريكا لم يسبق أن انسحبت بشكل "كلي" من المشهد العالمي؛ إلا أن جهود "ترامب" على صعيد لمّ شمل الكوريتين يبدو أنها قد آتت ثمارًا، على الرغم من أن الأشهر القليلة المقبلة ستكون بالغة الأهمية لنجاح ذلك التقارب.
ونوهت أن رسالة البيت الأبيض واضحة ومفادها أن الولايات المتحدة لم تعد مستعدة للاضطلاع بدور شرطي العالم، وأنه إذا ما كانت دول قريبة من مناطق الصراع تعاني من القلق فإنه يتعين على تلك الدول أن تتعامل مع الأمر بنفسها؛ ويشمل ذلك الأوربيين "القلقين" إزاء تعاظم الخطر الروسي، كما يشمل الدول الشرق أوسطية التي تقع تحت تهديد تنظيم "داعش" الإرهابي.
ورأت أن إيران تبدو بارزة بجلاء على قائمة أولويات الرئيس ترامب، لكن ذلك يضعه في مواجهة دول أخرى وقعت على تعهد نووي مع (طهران).
ورصدت الصحيفة قول الرئيس "ترامب" إنه لن يطلب من دافعي الضرائب الأمريكيين أن يدفعوا المزيد للدفاع عن أوروبا؛ وإنه يجدر بالأوروبيين أن ينتبهوا للآثار المترتبة على ذلك.
ولفتت إلى أن ثمة دولتين برزتا بنفوذهما على الساحة في الشرق الأوسط ، وهما : تركيا وروسيا، متوقعة أن يشهد العام المقبل تعزيزا لذلك النفوذ الكفيل بأن يمثل أخبارا سيئة للأكراد في المنطقة.
وقالت، إن العلاقة التي ستجتذب الاهتمام أكثر من غيرها خلال عام "2019" هي تلك القائمة بين أمريكا والصين؛ حيث كان ترامب قد هدد بشن حرب تجارية كان من المقرر أن تبدأ جديًا أول يناير المقبل، قبل أن يتم تعليق التعريفات الجديدة لحين إجراء المزيد من المحادثات مع الرئيس الصيني "شي جين بنج".
ورأت الصحيفة أن ذلك التعليق للتعريفات الجديدة قد أثمر عن آمال جديدة بشأن اتفاق تجاري في ظل ما وصفه الرئيس ترامب بأنه "تقدم كبير" يتم إحرازه، لافتة إلى أن من شأن اتفاقٍ بين أعظم اقتصادين في العالم أن يبدد مخاوف الأسواق ويدعم الثقة الاقتصادية، ويساعد على خفض التوترات العالمية.
واختتمت الصحيفة تعليقها مؤكدة أن النزعات "الحمائية " تثير العداوة، بينما التجارة الحرة تصنع تحالفات وسلام .