الخميس 27 يونيو 2024

انفراجة فى ترددات الجيل الرابع.. وشركات المحمول تربط تحسين الخدمة بتوفيرها

30-3-2017 | 10:39

 

تقرير يكتبه: عبد اللطيف حامد

كشفت مصادر مطلعة بقطاع الاتصالات أن شركات المحمول تستغل أزمة ترددات الجيل، وترفض ضغوط جهاز تنظيم الاتصالات لتحسين الخدمة، خاصة بعد التراجع الواضح فيها، وتكرار شكاوى المستخدمين، وتشترط الحصول على هذه الترددات أولا مما دفع المهندس ياسر القاضى، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن يتعهد بطرحها خلال شهرين فى فعاليات الدورة الرابعة لمؤتمر «وطن رقمى»، الذى نظمته مؤخرا غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وفى هذا الاتجاه يقول د.خالد شريف، استشارى الاتصالات ومساعد وزير الاتصالات الأسبق، إننا نحتاج لنوع من الشفافية بشأن ترددات الجيل الرابع، لأن تراخيص تقديم الخدمة مر عليها قرابة خمسة أشهر منذ نوفمبر الماضى، ولم يتبق من المهلة المسموح بها وفقًا لعقود التراخيص سوى سبعة أشهر، فى حين أن المشاورات شبه متوقفة بين جهاز تنظيم الاتصالات من ناحية وشركات المحمول والمصرية للاتصالات من ناحية أخرى، والأمر المنطقى فى هذه الحالة أن يحدد الجهاز مدة زمنية لمنح الترددات من أجل أن تستعد شركات الاتصالات وفقًا لخطط مسبقة تصل فى بعض الأحيان لفترة تتراوح من ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر بتوفير الأجهزة المطلوبة، وإجراء عدة تجارب للشبكة لتدارك أية مشكلات، ووضع سيناريوهات مختلفة للمواجهة.

ويضيف أنه فى كل دول العالم لا يتم توقيع تراخيص خدمة إلا بعد أن تكون الجهة المسؤولة عن تنظيم الاتصالات لديها الترددات اللازمة، وقادرة على توفيرها فورًا للشركات، وفى أصعب الحالات يتم الاتفاق بين الطرفين على جدول زمنى، ولا يمكن ترك المسألة للظروف.

ويؤكد مساعد وزير الاتصالات الأسبق أن شركات المحمول تستغل الموقف على مدى الشهور الأخيرة، وتربط تحسين الخدمة بتوافر الترددات، بدليل أن خدمات الاتصالات والإنترنت فى تراجع مستمر، والمؤشرات توضح أن جودة خدمة المحمول لا تتعدى ٤٠ فى المائة، فلا تكتمل مكالمة واحدة دون انقطاع، ويجد كثيرا العميل الخط الآخر مشغولا أو خارج نطاق الخدمة، بينما الثانية فحدث ولا حرج، والشركات تربط تحسين الخدمة بالحصول على ترددات الجيل الرابع، والجهاز والوزارة مضطران لقبول هذه المواءمات على مضض، وتقديم تنازلات للشركات على حساب المستخدمين طالما أن مشكلة ترددات الجيل الرابع لم تحسم، ويبدو أنه من الصعب أن يلتزما بالتعهدات، التى تم التوقيع عليها مسبقًا.

ويطالب د.خالد شريف، استشارى الاتصالات، بضرورة سرعة تأسيس جمعية أهلية للدفاع عن حقوق مستخدمى المحمول لحماية حقوقهم المهدرة من الشركات على مدى عدة سنوات، خاصة أن الكيانات الأهلية الموجودة كلها تدافع عن مصالح الشركات العاملة فى قطاع الاتصالات، بينما المواطنون هم الضحايا، رغم أنهم يدفعون مبالغ كبيرة للحصول على الخدمة، سواء عن طريق الكروت مسبقة الدفع أو الفواتير الشهرية، ولا يعرفون لمن يتوجهون بالشكوى من تردى خدمات الاتصالات عموما، والمحمول خصوصًا، وحتى لجنة حماية المستهلك بجهاز تنظيم الاتصالات لا نشعر بدور لها فى التصدى لتجاوزات ومخالفات شركات المحمول والإنترنت، وحسب علمى لم تعقد اجتماعا على مدى السنتين الأخيرتين، بل إنه من غير المقبول أن تكون تابعة للجهة التى تراقب وتنظم الاتصالات لأن الجهاز تحول لخصم وحكم فى الوقت نفسه.

وقال أنا شخصيا أعلن دعمى الكامل لهذه الجمعية المزمع إنشاؤها، ولن أدخر جهدا مع القائمين على فكرة تأسيسها خاصة أن شكاوى العملاء فى تزايد.. وينتظرونها على أحر من الجمر، وعضويتها مكفولة لكل المشتركين فى خدمات الاتصالات، سواء المحمول أو التليفون الأرضى أو الإنترنت، وعددهم يتجاوز ٩٠ مليون مواطن، ولو افترضنا أن اشتراك الفرد سنويا ٥٠ قرشا سنجمع ٤٥ مليون جنيه، يتم رصدها لمطاردة أى شركة تقدم خدمة سيئة قضائيا، وسنطلب تعويضات ضخمة تتناسب مع حجم الإيرادات التى تفوق الثلاثين مليار جنيه سنويا، فلا يعقل أن خدمة المحمول فى انهيار مستمر دون أى مسئولية على المشغلين، وسرعات الإنترنت لا يمكن تحملها، فالمشترك يدفع اشتراكا لـ ٨ ميجابيت فى الثانية، وفى الغالب لا يحصل على ٦ ميجابيت فى الثانية، ومن هنا يمكن لمجلس إدارة الجمعية شراء الاتفاق على معايير لجودة الخدمة المعمول بها فى الدول الأخرى، وشراء أجهزة قياس عالمية لإلزام الشركات بها محليا.

أما المهندس محمد أبو قريش، رئيس جمعية مهندسى الاتصالات وخبير الاتصالات، يرى أن تبرير شركات المحمول لسوء الخدمة بعدم حصولها على ترددات الجيل الرابع يتشابه مع موقفها خلال الفترة من ٢٠٠٧ إلى ٢٠١٠ عندما حدث تراجع شديد فى جودة الخدمة نتيجة لتركيزها على التوسع فى الكم على حساب الكيف، لدرجة أن الأرقام الخطأ أصبحت ظاهرة وقتها، حيث إن المتصل يجد أن شخصا آخر يرد عليه نتيجة لتداخل الخطوط إلى جانب كثرة انقطاع المكالمات، وتكرار رسالة «الرقم الذى تتصل به ربما يكون خارج نطاق الخدمة»، ورغم تكرار شكاوى العملاء لم يبادر جهاز تنظيم الاتصالات بمعاقبة شبكات المحمول، لدرجة أنه تردد أن هناك اتفاقا خفيا بين الجهاز والشركات على تجاهل تردى الخدمة بشرط عدم رفع أسعار المكالمات، نظرا للظروف المعيشية الصعبة للمواطنين.

ويضيف أنه صحيح أن الكثير من مشكلات الماضى اختفت لكن فى الفترة الأخيرة ارتفعت معدلات طول الانتظار عند الاتصال، مما يعنى أن قنوات الاتصال غير قادرة على استيعاب حجم المكالمات التى يتم إجراؤها فى بعض المناطق فى ظل تركيز الشركات على زيادة عدد المشتركين دون مراعاة زيادة قدرة الشبكات، والتوسع فى أبراج التغطية، وربطها بترددات الجيل الرابع مجرد شماعة لتبرير الفشل.

ويرى أن جهاز تنظيم الاتصالات لابد أن يقوم بدوره الرقابى السليم للحفاظ على حقوق المستخدمين بالاستعانة بأجهزة قياس حديثة، وفرض عقوبات رادعة على الشركات المخالفة، خاصة أننا لم نسمع أبدا عن قيامه بهذا الأمر ردا على سوء الخدمة من أى شركة، ويجب أن يتمتع الجهاز بالاستقلالية التامة عن الجهة التنفيذية وهى وزارة الاتصالات، حتى يكون مطلق اليد فى الرقابة والمحاسبة دون ضغوط، مع إعادة تشكيل لجنة حقوق المستخدمين التابع للجهاز لتضم شخصيات عامة وخبراء محايدين وليس مجرد تعيينات من أجهزة الدولة أو بترشيح من قيادات الوزارة والجهاز حتى يكونوا دائما تحت السيطرة.