الجمعة 3 مايو 2024

نادية لطفى.. ابنة المرحلة

13-2-2019 | 23:02

جاءت نادية لطفى إلى السينما عام 1958 بطلة لفيلم "سلطان " للمخرج نيازى مصطفى تسبقها ضجة إعلامية كبرى بعد السجال القانونى الذى كان طرفاه منتج الفيلم رمسيس نجيب والكاتب الكبير إحسان عبد القدوس على أثر قيام الأول بتغيير اسم اكتشافه الجديد " بولا محمد شفيق" إلى " نادية لطفى " مستعيرا اسم بطلة رواية إحسان عبد القدوس " لا أنام " دون استئذان صاحب الرواية ، فكانت أفضل دعاية لهذا الوجه الجديد الذى يتلمس خطواته الأولى فى عالم السينما .

لكن الأهم أن ظهور نادية لطفى جاء فى مرحلة شديدة الحساسية والأهمية فى تاريخ السينما المصرية بعد سنوات قليلة من قيام ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 كانت كفيلة بإحداث حالة من التغيير الاجتماعى أبرز ملامحه تطلع الفتاة المصرية للقيام بدورها الطبيعى فى بناء الدولة الحديثة طالبة وموظفة وعاملة وربة أسرة ما كان يعنى ضرورة وجود من يمثل تلك الفتاة الجديدة على شاشة السينما ، وهذا ما نهضت به كل من لبنى عبد العزيز بطلة " الوسادة الخالية " لصلاح أبو سيف سنة 1957 ، ونادية لطفى بطلة " سلطان " لنيازى مصطفى العام التالى مباشرة ، ثم سعاد حسنى بطلة " حسن ونعيمة " لهنرى بركات سنة 1959 ، لقد كان المجتمع في حالة تغير، والفتاة المصرية تتوق للتعبير عن ذاتها وعن تطلعها إلي حياة اجتماعية كريمة، ومن هنا لم تكن لا نجمات الميلودراما كفاتن حمامة وماجدة ومريم فخر الدين قادرات على التعبير عن تلك الفتاة ، ولا ممثلات الإغراء كهند رستم وهدى سلطان وبرلنتى عبد الحميد مناسبات لذلك.. كانت السينما بحاجة إلى نموذج اقرب إلى الوسطية يثير التعاطف دون مبالغة، ويهتم بالمظاهر الشكلية دون تكلف، نموذج لديه القدرة علي اتخاذ موقف دون بطولة , والتعبير عن رأي دون انفعال، نموذج يرفض أن يكون فريسة كبطلات الميلودراما ، ولا يحب أن يكون صيادا كنجمات الإغراء ، وإنما هو يخطئ ويصيب، يحب ويكره، يضحك ويبكي، باختصار .. نموذج طبيعي غير مصنوع يمكن أن ترى شبيها له في حدود الأسرة والجيرة والعمل والجامعة.

 كانت السينما المصرية بحاجة إذن إلى هذا النموذج حتي تستطيع أن تغير جلدها وتساير ما هو حادث في المجتمع من تطور، وترفع عن كاهلها نموذج الفتاة البائسة المقهورة الذي ظل جاسما علي صدرها منذ بدايات السينما الروائية وحتي نهايات الخمسينيات تقريبا، وكذلك تنحي جانبا أجواء البيئة الشعبية التي سادت طوال الأربعينيات والخمسينيات تقريبا وكانت الفتاة فيها إما تابعة لرجل أو محط أطماع الرجال من حولها من أول فاطمة رشدي في فيلم " العزيمة " لكمال سليم سنة 1939 وحتى نعيمة عاكف في فيلمي " تمر حنة " سنة 1957، و" أحبك يا حسن " سنة 1958.

 وبالفعل ودعت السينما المصرية عقد الخمسينيات وقد كسبت الدراما الأسرية مساحة لا بأس بها من خريطة الذوق السينمائى العام علي حساب الدراما الشعبية، وهي المساحة التي ظلت في ازدياد مطرد طوال الستينيات ليس فقط لأن صناع الأفلام أدركوا أن هذه هي السينما التي تلائم المرحلة ، وإنما أيضا بفضل تواتر ظهور مجموعة من الممثلات ناسبت هذا النوع من الدراما كانت نادية لطفى فى طليعتهن ، وهو ما انعكس ليس فقط على مضامين الأفلام، وانما أيضا بداية من عناوين هذه الأفلام حيث حلت مفردات الأسرة بدلا من مفردات البيئة الشعبية، فشاهدنا أفلاما من قبيل: السبع بنات ، مذكرات تلميذة ، جواز فى خطر ، ثورة البنات ، مدرس خصوصى ، بنت شقية ، وكلها من بطولة نادية لطفى ، بالإضافة طبعا لعلاماتها المهمة  فى تلك السنوات مثل : الخطايا ، الناصر صلاح الدين ، النظارة السوداء ، السمان والخريف ، وقصر الشوق .

باختصار لقد استطاعت نادية لطفى ورفيقاتها تلوين عقد الستينيات وما بعده ، وإلغاء المسافة بين الشاشة وصالة العرض ، أو بين الفنان والمتلقي، ولذلك نجحت نادية لطفى ، واستمر الأثر الذى تركته حتى بعد توقفها عن التمثيل قبل أكثر من ثلاثين عاما .

 

    Dr.Randa
    Dr.Radwa