الأربعاء 26 يونيو 2024

زيارة تاريخية الشهر المقبل: الأزهر يستعد لاستقبال بابا الفاتيكان لمواصلة حوار مواجهة التعصب

30-3-2017 | 10:43

تقرير يكتبه: طه فرغلى

يستعد الأزهر الشريف لاستقبال البابا فرانسيس بابا الفاتيكان فى زيارة تاريخية تعد هى الأولى من نوعها للبابا الحالى منذ توليه منصبه.

ومن المنتظر أن يلتقى البابا خلال الزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى، كما يلتقى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.

وتأتى الزيارة استمرارا لجهود الحورا المتواصل بين الأزهر والفاتيكان والتى بدأها الإمام الأكبر بعد قطيعة دامت ٧ سنوات إثر تصريحات عنصرية لبابا الفاتيكان السابق بنديكتوس السادس عشر فى جامعة رايتسبون، خلال محاضرة استشهد فيها بكلام فيلسوف ربط بين الإسلام والعنف بعد تفجير كنيسة القديسين نهاية عام ٢٠١٠، وكذلك كنيسة سيدة النجاة بالعراق، الأمر الذى تسبب فى أزمة دبلوماسية وسياسية كبيرة.

ثم عادت أواصر الحوار بين المؤسستين، وأرسل الفاتيكان وفدًا رفيع المستوى للأزهر الشهر الماضى استأنف مسيرة الحوار واتخذ قضية «دور الأزهر الشريف والفاتيكان فى مجابهة ظاهرة التعصب والتطرف والعنف باسم الدين»، لتكون موضوعًا للحوار الأول بعد القطيعة، وهو الوفد الذى هيأ الأجواء لاستقبال البابا فرنسيس فى مصر الشهر المقبل.

وقالت مصادر داخل الأزهر الشريف إن الزيارة تكتسب أهمية كبرى خاصة أنها تأتى فى إطار الحوار المتواصل بين المؤسستين الدينيتين الأهم فى الشرق والغرب «الأزهر والفاتيكان».

وأوضحت المصادر أن الحوار يتضمن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة الإمام الأكبر للفاتيكان شهر مايو الماضى وعقد مؤتمر عالمى للسلام، واستئناف الحوار بين الأزهر والفاتيكان.

وكان اللقاء الذى جمع الإمام الأكبر وبابا الفاتيكان أكد على تنسيق الجهود بين الأزهر الشريف والفاتيكان من أجل ترسيخ قيم السلام ونشر ثقافة الحوار والتسامح والتعايش بين مختلف الشعوب والدول، وحماية الإنسان من العنف والتطرف والفقر والمرض.

وكان من نتائج هذا اللقاء التاريخى عقد جلسات حوار بين الأزهر الشريف والفاتيكان الشهر الماضى لأول مرة فى رحاب الأزهر الشريف، ترأسها الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والكاردينال توران، رئيس المجلس البابوى للحوار فى الفاتيكان والذى أكد خلال الحوار أن الإسلام أقرب دين للمسيحية، لأنه ديانة توحيدية إبراهيمية، رغم الخلافات الكبيرة فى العقيدة، وهو ما أوضحته وثيقة المجمع الفاتيكانى الثانى التى صدرت فى الستينيات من القرن الماضى.

وخلال هذه الجلسة الحوارية الهامة قال الدكتور محمود حمدى زقزوق، رئيس مركز الحوار بالأزهر، إن التنوع هو قانون الوجود، والحوار ينبغى أن يكون هو اللغة المشتركة التى تسود بين البشر ليزول الالتباس والخلاف، والأديان قادرة على تجاوز تلك الخلافات بسماحتها، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم حصر الرسالة المحمدية فى منهج لا يخفى علينا جميعًا وهو الرحمة، الذى جاء فى قوله تعالى «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ»، كما أن المسيحية تقوم على المحبة، وهنا يمكن القول أن الرحمة والمحبة وجهان لعملة واحدة، فلا محبة دون رحمة، ولا رحمة دون محبة.

وأضاف الدكتور زقزوق أن لغة الحوار بين الإسلام والمسيحية قديمة، ويؤكد ذلك أول حوار تم فى الإسلام مع المسيحية، والذى كان فى عهد رسول الله فى مسجده عندما استقبل وفدًا من نصارى نجران، وما نحن بصدده الآن من الاتفاق على الحوار البناء والأخذ على يد المفسدين- قد أوصانا به نبى الإسلام منذ مئات السنين وأكد على أهمية المصلحة المشتركة للبشرية، وأن سلامة الناس كلٌّ لا يتجزأ.

كما أعرب الدكتور عباس شومان خلال الحوار عن ترحيب الأزهر الشريف بالتعاون مع الجميع، وخاصة الفاتيكان لنشر الفكر الصحيح المعتدل وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الأديان والتصدى للفكر الإرهابى، مشيرا إلى دور الأزهر فى هذا الصدد بعقد المؤتمرات، وما يقوم به مرصد الأزهر وسفراء السلام الذين يرسلهم الأزهر إلى دول العالم خاصة الدول الغربية، ليتحدثوا بلسان الدول التى بها لتصحيح الصور المغلوطة ونشر صحيح الإسلام.

كما أشار الدكتور شومان إلى تعاون الأزهر مع الحكومات للتصدى للفقر والجهل وتنسيق الجهود مع مختلف الجهات المعنية لعدم انخراط الشباب فى جماعات الغلو والتطرف.

وشدد وكيل الأزهر على الحاجة للعمل الجاد لتصحيح صور الأديان لدى الشباب وتصحيح المفاهيم والتعامل مع المؤسسات الدينية ووسائل التواصل الاجتماعى والتأليف المشارك باللغات المختلفة للإجابة على أسئلة الشباب واستفساراتهم وفق تعاليم الأديان السمحة، وكذلك معالجة القضايا الجدلية بين اتباع الأديان وإزالة اللبث لدى الشباب بشأنها من أجل بناء جسور تفاهم وتواصل مع الشباب بلا فرض عقيدة بعينها عليهم.

ومن المتوقع أن تبنى الزيارة التاريخية لبابا الفاتيكان للأزهر الشريف الشهر المقبل على ما تمخض عن الجلسة الحوارية من توصيات كانت بمثابة تمهيد الأرض لزيارة بابا الفاتيكان، حيث أكدت توصيات الحوار على عدد من النقاط أبرزها:

التأكيد على أهمية الحوار بين مركز الحوار بالأزهر الشريف والمجلس البابوى للحوار بين الأديان بالفاتيكان، وتفعيل القيم الإنسانية المشتركة فى مواجهة التعصب والتطرف والعنف.

واحترام التعددية الدينية والمذهبية والفكرية، وضرورة معالجة أسباب ظواهر التعصب والتطرف والإرهاب والعنف من فقر وأمية وجهل وتوظيف الدين توظيفًا سياسيًا، وعدم فهم النصوص الدينية فهمًا صحيحًا، والاهتمام بقضايا الشباب وفتح قنوات الحوار معهم لأجل بيان المفاهيم الصحيحة التى جاءت بها الأديان والاهتمام بتربية الشباب وتنمية قدراتهم، والتأكيد على أهمية العناية بمناهج التعليم التى ترسخ للقيم الإنسانية المشتركة، والاهتمام بقضايا المرأة والأسرة والشباب واستشعار المسئولية فى العناية بالأطفال.

وتضمنت التوصيات أيضا التأكيد على قيم الرحمة والمحبة والقيم الأخلاقية لمواجهة التعصب والتطرف والعنف والإرهاب، والاهتمام بكيفية إدارة الخلاف وبيان أن الاختلاف فى العقيدة أو المذهب أو الفكر يجب إلا يضر بالتعايش السلمى بين الدول والشعوب والأفراد والحضارات والأديان، من أجل ترسيخ السلام والأمن والاستقرار، ورفض جميع أشكال التعصب والتطرف والعنف.

وأكدت أيضا على أهمية استمرار عقد الندوات واللقاءات بين مركز الحوار بالأزهر الشريف والمجلس البابوى للحوار بين الأديان، لأجل معرفة صحيحة بالأديان وبتعاليمها وقيمها الأخلاقية.

ومن المنتظر أن يخرج عن لقاء الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرانسيس بابا الفاتيكان توصيات هامة فى إطار استكمال الحوار بين الأزهر والفاتيكان، من أجل مواجهة التعصب والتطرف والإرهاب.