أكد الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة استعداد مصر لتقديم كل الدعم الفني وتبادل الخبرات مع كافة البلدان الأفريقية في مجال الطاقة المتجددة.
جاء ذلك في كلمة للوزير، اليوم الثلاثاء، خلال افتتاح الاجتماع الوزاري الأول للمبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة AREI، أكد فيها أن الطاقة المتجددة ستلعب دورًا رئيسيًا بأجندة الاتحاد الأفريقي حتى عام 2063 لتحقيق التنمية المستدامة بالقارة.
وقال إن اجتماع اليوم مهم للغاية، حيث إن مبادرة الـ AREI مختلفة لأنها مملوكة للقارة الأفريقية وتعتمد على مجهوداتنا وسواعدنا؛ لتسريع وتوسيع استخدام الإمكانات الضخمة من الطاقات المتجددة المتوفرة بالقارة الأفريقية.
وأشار إلى أن نتائج الاجتماع ستوجه رسالة قوية إلى شركائنا الدوليين لإظهار مدى جديتنا في تنفيذها، رغم أن هناك العديد من المبادرات والبرامج لتعزيز الطاقة المتجددة في أفريقيا، منوهًا بأن هذه المبادرة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع مؤتمر الأطراف (COP21) بباريس في 2015 بصفة مصر -في حينها- رئيس اللجنة الأفريقية لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية المعنية بتغير المناخ.
وأوضح الوزير أن هذه المبادرة تأتي في وقت نعمل فيه جميعًا على تطوير البنية التحتية للطاقة في أفريقيا على جميع المستويات سواءً القارية أو الإقليمية أوالوطنية.
وأكد الدكتور شاكر -خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع بحضور نظرائه من كينيا وناميبيا وغانا وغينيا- على استعداد مصر التام لمشاركة تجربتها الناجحة في مجال الكهرباء مع جميع البلدان الأفريقية.
وأضاف "أود أن أؤكد مجددًا استعداد مصر لتقديم كل الدعم الفني وتبادل الخبرات مع كافة البلدان الأفريقية".
وقال الوزير "باستكمال مشروعات الربط الكهربائي التي يعمل قطاع الكهرباء على تنفيذها ستصبح مصر مركزًا محوريًا للربط الكهربائي بين أوروبا وآسيا والدول الأفريقية".
وأشار إلى التحديات التي تواجهها أفريقيا في تحسين رفاهية الشعوب الأفريقية والتي من بينها عدم إمكانية الوصول إلى خدمات الطاقة الحديثة حيث هناك أكثر من 600 مليون شخص في أفريقيا لا يحصلون على الكهرباء وخدمات الطاقة الحديثة، ومعظمهم في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، وذلك بالرغم من أن أفريقيا تمتلك موارد وفيرة من الطاقات المتجددة، فوفقًا للتقرير الصادر عن المنظمة العالمية للربط الكهربائي (GEIDCO) تعتبر القارة الأفريقية من أكبر مصادر الطاقة النظيفة في العالم، حيث تصل نسبة إمكانات الطاقة الشمسية في أفريقيا إلى حوالي 40 في المائة من الإجمالي العالمي (665 ألف تيراوات ساعة سنويًا)، و32 في المائة من إجمالي العالمي لطاقة الرياح (67 ألف تيراوات ساعة سنويًا) بالإضافة إلى 12 في المائة من إجمالي قدرات الطاقة المائية العالمية (330 جيجاوات).
وأضاف شاكر أنه هناك العديد من التغيرات العالمية التي من شأنها أن تؤدي بنا إلى التحول في الطاقة والتي سوف تتطلب تغيير في شكل إنتاج واستهلاك الكهرباء، وتعتبر هذه التغيرات بمثابة تحديات نواجهها مثل نضوب الوقود الأحفوري ومحددات تغير المناخ وخاصة بعد اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف (COP21)، بالإضافة إلى الطموحات الكبيرة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتفعيل الأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة، ومن أهم هذه التغيرات التحول من استخدام الشبكات التقليدية إلى الشبكات الذكية والتحول من الربط الكهربائي الإقليمي إلى الربط العالمي، ومن السيارات التقليدية إلى استخدام السيارات الكهربائية ومن توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الوقود الأحفوري إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
وأوضح أن في ضوء تسارع الاهتمام العالمي بالطاقات المتجددة خاصة مع الانخفاض المستمر في أسعارها وتطور التقنيات المستخدمة في إنتاج الكهرباء منها والذي جاء متزامنًا مع تزايد الاهتمام العالمي بقضايا التغير المناخي وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، واستنادًا إلي تقريرREN21 لعام 2018، فقد أسهمت مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 2,18 في المائة في استهلاك الطاقة العالمي عام 2016 وبنسبة 5,26 في المائة من إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة عام 2017، حيث بلغت القدرات الكهربائية المركبة من مشروعات الطاقات المتجددة حوالي 2,2 تيراوات، وبلغت الاستثمارات العالمية في مجال تكنولوجيا الطاقات المتجددة ما يقرب من 280 مليار دولار أمريكي في عام 2017، وهناك ما يقدر بنحو 3,10 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة وفرتها مشروعات الطاقة المتجددة، وتعتبر مشروعات توليد الكهرباء بتكنولوجيا الخلايا الفوتوفلطية أكبر مصدر للوظائف.
وأكد شاكر أن الاستثمار في الطاقة المتجددة يحتاج إلى بيئة مناسبة، وهنا تأتي أهمية وضع أطر تنظيمية لقطاع الطاقة في أفريقيا لتشجيع استثمارات القطاع الخاص ومعالجة مختلف التحديات والمخاطر التي تواجه مشاريع الطاقة المتجددة..كما أن زيادة مشاركة القطاع الخاص الأفريقي في نشر الطاقة المتجددة بالقارة وهو أحد المبادئ الرئيسية لمبادرة الـ AREI.
وفي هذا الإطار، أشار الدكتور شاكر إلى الإجراءات التي قامت بها مصر على مدى السنوات الأربع الماضية للتعامل مع التحديات التي واجهها القطاع وتهيئة البيئة المناسبة لتشجيع مشاركة القطاع الخاص، فبالرغم من التحديات الكبيرة التي واجهتها مصر في توفير الطاقة خلال الفترة السابقة، فقد استطعنا علي خلفية الاستقرار السياسي اتخاذ عدد من الإجراءات والمبادرات والسياسات الإصلاحية للتحول في الطاقة من أجل تأمينَ الإمداداتِ بالطاقة الكهربائية واستدامتها وتحسين كفاءة استخدامها وفتح الأسواق أمام استثمارات القطاع الخاص في مجال الطاقة التقليدية والمتجددة، والشبكات الذكية والربط الكهربائي، بالإضافة إلى تعزيز الشفافية وتطبيق نظام الحوكمة.
وتابع قائلًا: "وكان من أهم ثمار هذه السياسات نجاح قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر إضافة حوالي 25 ألف ميجاوات خلال الأربع سنوات الماضية ما أسهم في القضاء نهائيًا على أزمة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي وتحقيق احتياطي آمن من الطاقة الكهربائية".
وأشار الوزير إلى أن قطاع الكهرباء يعمل حاليًا على رفع كفاءة شبكات الكهرباء من خلال خطة متكاملة لتحسين وتطوير شبكات نقل الكهرباء بما في ذلك محطات المحولات ذات الجهد الفائق ومراكز التحكم وكذلك شبكات التوزيع والعدادات الذكية وذلك بتكلفة إجمالية حوالي 4 مليارات دولار؛ بهدف تقوية الشبكة القومية لاستيعاب القدرات المولدة من الطاقات المتجددة وتقليل الفقد بالشبكة، وتعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار.
وأضاف شاكر أن في إطار الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية وبخاصة مصادر الطاقة المتجددة فقد تم في عام 2016 اعتماد استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر حتى عام 2035 والتي تتضمن تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة لتصل نسبتها إلى حوالي 46 في المائة عام 2035، واتسقت استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة في مصر مع استراتيجية التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030) والأهداف الأممية الـ 17 للتنمية المستدامة.
وتابع قائلًا: "في ضوء ما تتمتع به مصر من ثراء واضح في مصادر الطاقات المتجددة المستدامة من الرياح والشمس حيث يتوفر في مصر إمكانيات من سرعات رياح تُعد من أعلى المعدلات في العالم وكذلك ارتفاع متوسط الإشعاع الشمسي المباشر لوقوعنا في الحزام الشمسي، حيث تم تخصيص أراض تقدر بحوالي 7650 كم2 لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة تستوعب قدرات تصل إلى 35 جيجاوات من طاقة الرياح و55 جيجاوات من الطاقة الشمسية".
ونوه بأن مصر خطت خطوات مهمة للاستفادة من الإمكانيات الهائلة من الطاقة المتجددة وفقًا لعدد من الآليات أهمها المشروعات الحكومية ومنتج الطاقة المستقل وطرح المناقصات التنافسية، بالإضافة إلى نظام تعريفة التغذية للطاقات المتجددة، حيث تم بالفعل توقيع عدد 32 اتفاقية لشراء الطاقة من الطاقة الشمسية بإجمالي قدرة 1465 ميجاوات يتم تنفيذها حاليًا كأكبر محطة طاقة شمسية في العالم في مكان واحد في منطقة بنبان جنوب مدينة أسوان، وقد تم توصيل أول مشروع بقدرة 50 ميجاوات بالشبكة الكهربائية في مارس 2018، وسيتم توصيل باقي القدرات بالكامل تدريجيًا إلى الشبكة حتى نهاية العام الجاري 2019.
ونتيجة لما سبق، قال الوزير أصبح عدد كبير من المستثمرين على ثقة في قطاع الطاقة المصري، وتقدم العديد من المستثمرين الأجانب والمحليين للاستثمار في مشاريع القطاع، ونجح القطاع في الحصول على عروض بسعر تنافسي بلغت 75,2 سنت/دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من محطات الطاقة الشمسية و12,3 سنت/دولار للكيلوات ساعة للطاقة المنتجة من مزارع الرياح، وسيقوم القطاع مستقبلًا بطرح جميع المشروعات بنظام (Auction) والذي يحقق أعلى فائدة من خلال الحصول على أقل الأسعار.
وقال الدكتور محمد شاكر إن الربط الكهربائي يلعب دورًا مهمًا في تعزيز أمن الطاقة.. لذلك، تشارك مصر بفاعلية كبيرة في جميع مشاريع الربط الكهربائي الإقليمي، مثل الربط القائم حاليًا مع دول المشرق العربي، ودول المغرب العربي، والربط الجاري تنفيذه مع المملكة العربية السعودية، ومن خلاله سيتم ربط مصر بدول الخليج وآسيا.
وتابع قائلًا: "كما تم الانتهاء من إعداد دراسة الجدوى المبدئية للربط الكهربائي بين مصر وقبرص واليونان حيث ستكون مصر جسرًا للطاقة بين أفريقيا وأوروبا، هذا ويجرى العمل حاليًا في مشروع الربط الكهربائي مع السودان ومن المقرر أن تنتهي المرحلة الأولى من المشروع خلال الشهرين المقبلين، هذا بالإضافة إلى توقيع مصر لمذكرة تفاهم مع المنظمة العالمية للربط الكهربائي Global Energy Interconnection Development and Cooperation Organization (GEIDCO) بهدف تعزيز مفهوم الربط الكهربائي العالمي للطاقة حتى عام 2050.
وأوضح أن مبادرة الـ AREI قد انتقلت الآن إلى مرحلة التنفيذ، لذا يجب أن يركز اجتماع اليوم على الإجراءات العملية..مؤكدًا: "إننا كقادة لقطاعات الطاقة يجب أن نتوصل إلى توصيات ملموسة وخطة عمل واضحة حول كيفية المضي قدمًا للبدء فورًا في مجالات العمل الرئيسية لمبادرة الطاقة المتجددة في أفريقيا الـ AREI، وبصفة خاصة تحديد الخبرات والأنشطة اللازمة لتعزيز التنسيق وخلق تضافر بين المبادرات الحالية والمستقبلية، بما يساعدنا في التعرف علي أفضل الأنشطة الحالية والمعوقات، والتنسيق بصورة أفضل بين المبادرات، بالإضافة إلى تعزيز السياسات والأطر التنظيمية والحوافز، وحشد وبناء القدرات والشراكة التي تراعي أصحاب المصلحة علي جميع المستويات.
وأشار إلى أن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر تنفذ مشروعًا طموحًا للتدريب وبناء القدرات بالدول الأفريقية، حيث تم حتى الآن تنفيذ 107 برامج تدريبية وعدد من ورش العمل خلال السنوات العشر الماضية بمشاركة 1793 متدربًا من الدول الأفريقية، ويوجد في مصر أكثر من 20 مركز تدريب تم اعتماد اثنين منهم من قبل جمعية مرافق الطاقة الأفريقية (Association of Power Utilities of Africa “APUA”)، كما قمنا منذ ثلاثة أشهر بتوقيع مذكرة تفاهم مع الكوميسا بشأن التدريب وبناء القدرات لمنطقة الكوميسا.