السبت 29 يونيو 2024

في الذكرى 44 لرحيلها.. كواليس أول حفل لأم كلثوم بعد خصامها مع زكريا أحمد

2-2-2019 | 17:19

يعلم جمهور أم كلثوم ومحبيها الشقوة التي حدثت بينها وبين الشيخ زكريا أحمد، فقد طالب الشيخ أم كلثوم والإذاعة المصرية بمستحقاته عن الأداء العلني لألحانه، فقد كانت أم كلثوم تشدو بألحان الشيخ زكريا في حفلات عديدة، وبالطبع كان هناك عائد لتلك الحفلات، وأيضاً كانت الإذاعة تبث أغنيات أم كلثوم يومياً والتي من ضمنها ألحان زكريا أحمد، وهذا ما دعاه بمطالبتهما بنسبة حق الأداء، وكانت حجة أم كلثوم أنها دفعت ثمن اللحن ولا يحق له المطالبة بهامش من حفلاتها، كما أن الإذاعة أيضاً تقاعست عن الدفع للشيخ زكريا، وهذا ما أجبره على أن يرفع دعوى ضد أم كلثوم والإذاعة يطالبهما بمبلغ 31 ألف جنيه، وأنفق الشيخ كل ما معه للمحامين، واستمرت القطيعة بينها وبين أم كلثوم قرابة 12 عاماً .

 

كان الخاسر الوحيد في سنوات الشقوة هو الجمهور العربي، فلو كان الود متصلاً بين الشيخ وثومة لتمتعنا بأعذب الألحان .. وفي الذكرى 44 لرحيل أم كلثوم نلقي الضوء على أول حفل التقت فيه الأشجان وغنت فيه من نتاج زكريا أجمل الألحان.

 

في النصف الثاني من عام 1948 أقام الشيخ زكريا أحمد دعواه ضد الإذاعة وشركة كايرو فون مطالباً بحقوقه المتأخرة من عام 1934 إلى عام 1947 واستند في دعواه إلى العقد الذي كتبه مع الإذاعة عند بدئها على أن يحصل على 5 في المائة من أجر أي مطرب يغني من ألحانه، واستثنى العقد أم كلثوم وصالح عبد الحي، تاركاً للشيخ زكريا محلاً للتفاوض مع الإذاعة بخصوص هذين العملاقين، وكانت أغاني أم كلثوم من ألحان زكريا أحمد قد حققت نجاحاً باهراً وبلغت أم كلثوم قمة مجدها وسطوتها في عام 1948 وساوت رأسها رؤوس الوزراء، فقد غنت في فيلم فاطمة تسع أغنيات منها ثلاث للشيخ زكريا.

 

اتسعت الخصومة بين أم كلثوم وزكريا أحمد، الذي انتدب خبيراً من المحكمة لمتابعة حفلات أم كلثوم ورصد عائدها، ومنها على سبيل المثال حفل اتفقت الإذاعة مع أم كلثوم على إقامته بحديقة الأزبكية في 3 فبراير 1955 وغنت فيه رائعة زكريا أحمد "الآهات"، ورصد خبير المحكمة إيراد الحفل الذي وصل إلى 1031 جنيهاً، نصيب الملحن والمؤلف فيها لا شيء، وهنا رأت أم كلثوم أن زكريا أحمد يسد عليها منافذ تدفق الأموال سواء في الإذاعة أو الحفلات، إلى أن تحددت جلسة للحكم في دعوى الشيخ زكريا ضد أم كلثوم في 25 يناير 1960، وحضرت أم كلثوم الجلسة، واضطر القاضي أن يخلي قاعة المحكمة من الجمهور، لتستمر الجلسة خمس ساعات بذل فيها القاضي عبد الغفار حسني كل ما يملك من الحيلة للصلح بين الطرفين، وتم الصلح على أن يعود التعاون بين أم كلثوم وزكريا أحمد في ثلاثة ألحان ثمن كل لحن منها 700 جنيه خلال عام 1960، وهكذا تنازل الشيخ زكريا عن حقه مع أم كلثوم وتم الصلح، واحتفظ بحقه فيما حكم له به ضد الإذاعة.

 

بدأ الشيخ زكريا في تلحين أغنية "هو صحيح الهوى غلاب" وأتم لحنها لتشدو بها أم كلثوم حفل أقيم بدار سينما أوبرا في 1 ديسمبر 1960، وفي تلك الليلة تأخر موعد الحفل 25 دقيقة بسبب انشغال أم كلثوم ببرقيات التهنئة التي بلغت المئات مع 65 بوكيه ورد، وطلبت أم كلثوم أن توضع بوكيهات الورد الكبيرة خلفها على المسرح، وازدهت سينما أوبرا بأناقة الجمهور، فقد حضروا من كل بقاع مصر والدول العربية ومنها الكويت والسعودية وسوريا، وارتدى الرجال البدل الداكنة والنساء ظهرت بفساتين السهرة الفاخرة، وشدت أم كلثوم بأغنية "هجرتك" كوصلة أولى في الحفل.

 

 كانت تذاكر الحفل قد بيعت عن آخرها، ووقف على الباب في الخارج جمهور غفير حاول الدخول بأي طريقة، ومن بينهم جاء رجل وزوجته من سوريا إلى القاهرة ليحضرا حفل أم كلثوم، فقد كانا في شهر العسل وكان حضورهما الحفل يعد من برنامج شهر العسل، وأصبح العروسان في مأزق، فهما لا يجدا تذاكر لحضور الحفل، فدخلا إلى مراقب الحفل وأفهماه أنهما حضرا خصيصاً لتكملة برنامج بداية حياتهما الزوجية، وتكبدا مصاريف الطيران من سوريا حتى القاهرة ليسعدا برؤية وسماع أم كلثوم، وهنا انحنى المراقب احتراماً لهما ولإصرارهما، وأدخلهما المراقب ووفر لهما مقعدين أمام أم كلثوم التي كانت تشدو في وصلتها الأولى.

 

استمر التصفيق لكوكب الشرق بعد وصلتها الأولى سبع دقائق و22 ثانية، وبعد الاستراحة غنت وصلتها الثانية "حب أيه" واختتمت الحفل برائعة زكريا أحمد "هو صحيح الهوى غلاب"، من كلمات بيرم التونسي، وكان الشاعر الكبير أحمد رامي كعادته يجلس في الصف الأول وقد علق عن تلك الأغنية قائلاً : إن هذه الأغنية أضخم عمل فني قدمه زكريا أحمد خلال العشر سنوات الأخيرة.