الخميس 20 يونيو 2024

أقدم أحياء العاصمة التايلاندية بانكوك يصارع من أجل البقاء

31-3-2017 | 10:21

في العاصمة التايلندية، حيث يعيش نحو 10 ملايين شخص، غالبا ما يعني التحضر السريع أن تصطف ناطحات السحاب التي عادة ما تتألف من حوالي 100 طابق، والسكك الحديدية الراقية، إلى جوار الأحياء المتماسكة، ذات الشقق السكنية والبيوت الخشبية القديمة ومنخفضة الارتفاع.
وفي خضم التطور السريع بالمدينة، يواجه أقدم الأحياء في بانكوك، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى ستة أجيال، الاخلاء.
ويصارع أفراد حي حصن ماهاكان، الذي تم تشييده قبل 235 عاما، على مدار السنوات الـ25 الماضية، من أجل البقاء في المنازل التي بناها أجدادهم.
ويعود الصراع إلى مشروع قانون صدر في عام 1992، منح الحق لإدارة العاصمة بانكوك، في مصادرة قطع الأراضي الخاصة بالحي الاقدم في بانكوك، واعتبارها ملكا للدولة.
وتخطط المدينة لتطهير الأراضي وبناء حديقة عامة بالقرب من حصن ماهاكان - وهو أحد حصنين تاريخيين متبقيين، دافعا عن بانكوك عند إنشائها في عام 1782 - لجذب المزيد من الزوار إلى المعلم السياحي.
وقد تم بالفعل هدم ستة عشر منزلا من منازل حي حصن ماهاكان، بعد موافقة بعض السكان على تلقي مبالغ من الحكومة مقابل انتقالهم للعيش في مكان آخر، كما من المقرر أن يتم هدم ستة منازل أخرى قريبا.
إلا أن السكان المتبقيين، يقولون إنهم لن يذهبوا إلى أي مكان أخر.
ويقول تاواتشاي ووراماهاكون، وهو ممثل عن أكثر من 120 من السكان المتبقيين ضمن 44 أسرة: "من المؤكد أننا لن نغادر (منازلنا)".
وتقع المنازل وراء بقايا سور المدينة العتيقة، على بعد بضعة أمتار من الحصن.
ويرتدي تاواتشاي، ممثل الحي البالغ من العمر 59 عاما، قميصا تقليديا من اللون الأزرق الباهت، ويحلق رأسه من الجانبين، في قصة شعر تمثل نموذجا لشعر الرجال في مطلع عهد "راتاناكوسين"، عندما تأسست بانكوك.
ويبدو أن قصة الشعر والزي لدى الـ"راتاناكونسين" تؤكدان على عزم حي حصن ماهاكان الحفاظ على الطرق التقليدية للحياة. وتقع الأرض المتنازع عليها على جزيرة صغيرة تسمى "راتاناكوسين".
من ناحية أخرى، عادة ما يشاهَد بريدا روجيباك، البالغ من العمر 41 عاما، بنفس قصة الشعر وقطعة من القماش تغطي الجزء الاسفل من الجسم، وهو نمط للازياء، اختفى في مطلع القرن العشرين.
وتهدف قصة الشعر والزي الخاصين بروجيباك إلى تقدير مجتمع "بانج راتشان" العريق في وسط تايلاند، والذين قاتل ضد غزو القوات البورمية لمدة خمسة أشهر في منتصف القرن الثامن عشر.
ويقول بريدا: "نقاتل هذه المرة مثل شعب /بانج راتشان/ الشجاع"، دون التطرق إلى الجزء المتعلق بهزيمة هذا الحي فيما بعد.
من ناحية أخرى، يقول تاواتشاي إن حي حصن ماهاكان يفهم خطة المدينة، "ولكن إبعاد هذا الحي ليس هو الطريق الصحيح."
ويضيف: "لسنا بحاجة إلى أن نكون مثل الشانزليزيه وغيره من المعالم (السياحية) العالمية... لدينا ما يخصنا من تميز."
ويختلف الرأي العام بشأن القضية، حيث يقول الكثيرون إن أفراد الحي القديم يعيشون بشكل غير قانوني في مكان عام ويجب إجبارهم على الانتقال إلى مكان آخر.
ومن بين ما يقرب من 100 من الأحياء في المدينة - حيث تتزايد الشقق السكنية في كثير منها لتلبية احتياجات سكان الحضر - تقع 20 من هذه الأحياء في البلدة القديمة، بالقرب من القصر الكبير أو "ذا جراند بالاس".
ويقول سانون وانجزرانجبون، وهو شريك مؤسس لشركة سياحة في الحي: "ما يجعل حي حصن ماهاكان فريدا هو وقوعه خلف سور المدينة مباشرة".
ويضيف: "يعمل السكان كحلقة وصل بين القصر والأحياء الاخرى... وقد تم نقل مهن نادرة مثل صناع الأوعية الخاصة بالرهبان وصناعة أقفاص الطيور والفخار، إلى الجيل الحالي."
ويضيف سانون: "كما أنه (حي الحصن) فريد بسبب عدم بناء شقق جديدة بين البيوت الخشبية القديمة، كما هو الحال في الأحياء الاخرى".
بالنسبة للحي القديم قدم العاصمة نفسها - فإن النضال يخص بصورة أكبر الحفاظ على الطرق القديمة كما يخص العيش بين الأصدقاء.
فيما تقول سومبورن أبانونت البالغة من العمر 76 عاما: "آمل حقا ألا يتعين علي الرحيل... فحياتي كلها هنا."
"وتقول: "أدير متجرا للبقالة... يعرفني زبائني من هذا الحي وأصحاب المتاجر المجاورة جيدا، وإذا انتقلت إلى المدينة، فلمن سأبيع بقالتي؟ فعادة ما يتسوق سكان المدينة في المراكز التجارية."
ولا يناضل الحي وحده.
فقد قدم الأكاديميون يد العون في المفاوضات مع السلطات.
ووفقا لادارة العاصمة بانكوك، فقد طُلب من خبراء الهندسة المعمارية والتاريخ المساعدة في تحديد الفترة التي تم خلالها بناء المنازل الخشبية، وما إذا كان من الممكن الابقاء عليها.
وتقول سودجيت سانانواي، رئيسة لجنة الحفاظ على الهندسة المعمارية، وهي جمعية مستقلة للمهندسين المعماريين: "إن الامر أشبه بتأثير الدومينو".
وتضيف: "إذا ناضل الحي بقوة (للحفاظ على تراثه)، واستمرت (الحكومة) في عدم رؤية قيمة ذلك، فمن المحتمل أن تختفي أحياء متماسكة مماثلة قريبا".
من ناحية أخرى، يقول مايكل هرتسفيلد، أستاذ الدراسات التايلاندية في جامعة هارفارد، إن صراع حي حصن ماهاكان "هو جزء من... صراع أكبر حول من سيقوم بتعريف التاريخ والثقافة والحاضر".
ويوضح هرتسفيلد أنه "من الممكن أن يقوم هؤلاء الناس بتعليمنا جميعا الكثير عن معنى كرامة الإنسان، ولاسيما في ظل مثل هذا الضغط الصارم".
وأخيرا يرى تاواتشاي ممثل حي حصن ماهاكان، أنه على الرغم من ذلك، يجب أن يتبقى أشخاص لكي يحكوا الحكاية.