أثنى وفد ليبي، يضم شخصيات سياسية واكاديمية مرموقة، على دعم مصر للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي نجح في تحقيق انتصاراً جديداً مكنه من السيطرة على مناطق الجنوب الليبي.
ونظم "المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيحية" ندوة حول تطورات الأزمة الليبية تحت عنوان: "ما بعد تطورات الجنوب .. هل تتجه الأزمة الليبية إلى التسوية السياسية؟"، تحدث فيها الدكتور عبد الكبير الفاخري وزير التعليم الليبي الأسبق، والدكتور حسين الشارف أستاذ علم الاجتماع بجامعة بني غازي، والدكتور محمد ازبيدة استاذ القانون الدولي ورئيس اللجنة القانونية للمجلس الأعلى للقبائل الليبية.
وشارك في هذا اللقاء لفيف من الشخصيات الليبية والمصرية من سياسيين ودبلوماسيين وباحثين وإعلاميين، على رأسهم وزير خارجية ليبيا السابق محمد الدايري، ورئيس المركز العميد خالد عكاشة، والمفكر السياسي الدكتور عبد المنعم سعيد، وسفير مصر الأسبق بليبيا محمد النقلي، والسفير عبد الرحمن صلاح أخر سفير لمصر في تركيا قبل تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
وأكد الفاخري أن سيطرة الجيش الوطني الليبي على الجنوب أنهت وجود العصابات في تلك المنطقة الشاسعة المليئة بالثروات والتي يعيش فيها عدد قليل من السكان وتشهد صراعا على النفط والغاز، والماس والذهب، وكذلك المياه حيث توجد بها عيون طبيعية وصحراء بها رمال السيليكون وجبال من الحجر الجيري.
وقال إنه بعد انتهاء الدولة عام 2011 أصبح الجنوب بكل ثرواته المنطقة الأكثر فوضى ومطمعا للعصابات التي تبحث عن مصادر تمويل وغنائم وشهدت عمليات لتهريب السلاح والوقود والبشر وانهيار البنية التحتية وصارت الحياة في هذه المنطقة مستحيلة وانتشرت الجريمة ونزوح السكان.
ولفت إلى أن الجنوب مقسم إلى 4 مناطق وبه صراعات بين عدد من القبائل الكبرى، موضحا أن الجيش الوطني جاء إلى الجنوب بدعوة من أهله والتحق به أبناء المنطقة لفرض الأمن وهو ما نجح فيه هذا العام، وفِي أقل من شهرين بسط سيطرته على المناطق التي كانت تتواجد بها ميليشيات ليبية وأجنبية وكذلك تنظيم "داعش" المتطرف.
وأوضح أن الشعب يبحث عن قوة وطنية ونجاح الجيش في تحرير الجنوب رفع الآمال في كل أنحاء ليبيا، متوقعا أن يسهم انتشار الجيش بالجنوب في دفع السياسيين إلى القبول بتسوية سياسية.
واعتبر أن التدخل الأجنبي هو الذي يمنع الجيش الوطني من السيطرة على كل البلاد ، فضلا عن المؤمرات التي تستهدف الجيش وكوادره، مؤكدا أنه عبر التاريخ لم تهزم ميليشيات جيشا وطنيا.
من جانبه، تحدث الدكتور حسين الشارف استاذ علم الاجتماع بجامعة بني غازي عن تدخل قطر وتركيا في ليبيا وسعيهما لتدمير الدولة منذ بداية الأزمة ودعم الارهابيين والاخوان الذين قاموا بتفكيك الجيش وإعفاء آلاف العسكريين حتى جاء المشير خليفة حفتر ليعيد تأسيس الجيش الوطني وبدء مشروع الكرامة لاستعادة كرامة الدولة، إلا أن قطر وتركيا استخدمتا إعلامهما خاصة عبر قنوات "الجزيرة" و "الأحرار" و "النبأ" و "التناصح" لشق الصف وبث الفتنة عن طريق انتقاد القوات المسلحة، والتشكيك فيها.
واستعرض دور الإخوان بدعم من تركيا وقطر في تفريغ الدولة من قيادتها وكيفية تنفيذ أجندتهم، لافتا في الوقت ذاته إلى نجاح الجيش الليبي في تحرير درنة وبنغازي من الارهابين، وصولا إلى تحرير الجنوب الليبي.
وأشاد بالدور المصري في توحيد ودعم الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر وكذلك عدم استضافة مصر لإرهابيين ليبيين مثلما فعلت بعض الدول الأخرى، فضلا عن جهودها الدولية لتحسين الملف الليبي وحل الأزمة.
كما أبرز نصرة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لمشروع الجيش الوطني الليبي، مذكرا بقوله إنه إذا تخلى العالم عن ليبيا فمصر لن تتخلى عنها، لافتا إلى أن نجاح الجيش الوطني في السيطرة على الجنوب الليبي في وقت قصير أزعج الدول التى راهنت على الإسلاميين.
وأشار كذلك إلى ما أحرزه اجتماع أبو ظبي الأخير بين المشير خليفة حفتر قائد الجيش وفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق من اتفاق على إنهاء المرحلة الانتقالية من خلال إجراء انتخابات عامة قبل نهاية العام الجاري، بجانب الاتفاق على سبل الحفاظ على الاستقرار الليبي وتوحيد المؤسسات، متهما كلا من تركيا وقطر بعرقلة المشهد السياسي.
وأضاف أن الدول الكبرى تعي جيدا أن الجيش الليبي هو المشروع الوطني لاستعادة هيبة الدولة الليبية وسيادتها، منتقدا دور الأمم المتحدة في هذا الشأن وتعدد المبعوثين الأممين إلى ليبيا، حيث تم إيفاد ستة مبعوثين خلال خمس سنوات وهو ما لم يحدث في التاريخ وخاصة إشراك الأمم المتحدة لأطراف ليست مؤثرة وتجاهلها لشيوخ قبائل لهم دور فعال ومؤثر في المجتمع الليبي، مذكرا في هذا الشأن بأن كل بقعة في ليبيا توجد بها قبيلة مؤثرة على الارض، إذ أن المجتمع الليبي مجتمع قبائلي عربي.
ورأى أن تحرير الوطن من الإرهابيين لن يحدث قبل تحرير طرابلس من الإسلاميين وأن الجميع ينتظر بفارغ الصبر دخول الجيش الليبي إلى طرابلس.
من ناحيته، قال الدكتور محمد ازبيدة استاذ القانون الدولي إن ليبيا فقدت سيادتها ووضعت في هذه الازمة بعد ما حدث في مصر منذ 25 يناير عام 2011 وحتى 30 يونيو عام 2013، حيث غابت مصر صاحبة الزعامة العربية المركزية وانشغلت وفي هذه الفترة خرجت من القيادة الإقليمية مما هيأ المناخ لبروز دول صغيرة مثل قطر ليس لديها مقومات لتلعب دور الكبار؛ كما أن تركيا قد قامت بنهب أموال الليبيين، موضحا أن بنوك تركيا كان بها نحو 21 مليار دولار من أموال ليبيا، وهناك 18 شركة تركية كانت تعمل بليبيا بقيمة عقود تقدر بـ 18 مليار دولار.
وتابع أن تركيا عملت على تفتيت المجتمع الليبي مثلما فعلت بسوريا والعراق وتدخلت في مصراتة وتدفقت الأسلحة، وقامت بنقل آلاف المسلحين المتطرفين من سوريا إلى ليبيا.
وأضاف أنه لولا الدعم المصري للجيش الوطني الليبي لما استطاع أن يقف على قدميه، حيث إن هذا الدعم هو أساس نجاح الجيش، مستنكرا غض القوى الغربية الطرف عن ما تقوم به تركيا من إرسال أسلحة ومقاتلين إلى ليبيا، وذلك لأن لهم مصلحة في استمرار الأزمة في ليبيا.