الأحد 28 ابريل 2024

بالتزامن مع يوم الشهيد.. مصر تحيي ذكرى مئوية ثورة 1919.. وخبراء: الحدثان هامان في تاريخ مصر.. والثورة وطنية شاملة وجسدت الهوية الوطنية.. وهذه أبرز مكاسبها

تحقيقات9-3-2019 | 17:36

بالتزامن مع ذكرى يوم الشهيد اليوم 9 مارس، تحتفل مصر بالذكرى المئوية لثورة 1919 تلك الثورة الشعبية الشاملة التي ضمت جموع الشعب المصري بكل فئاته وطبقاته، والتي جسدت الهوية المصرية وأدت لمكاسب عديدة أبرزها الإفراج عن سعد زغلول وإلغاء الحماية البريطانية ووضع دستور 1923.

وبعد ثورة الشعب المصري في 9 مارس 1919، احتجاجا على جرائم الاحتلال الإنجليزي، في مثل هذا اليوم بعدها بخمسين عاما، يلقى الفريق عبد المنعم رياض ربه شهيدا على خط النار بالموقع رقم 6 في ثاني أيام حرب الاستنزاف، في 9 مارس 1969، ليسجل هذا الحدث يوم الشهيد، تكريما وعرفانا بتضحيات وبطولات أفراد الجيش المصري على مر العصور.

 

الهوية المصرية

الدكتور خلف الميري، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس، قال إن اليوم 9 مارس يتزامن مع ذكرى حدثين هامين في تاريخ مصر هما مئوية ثورة 1919 ويوم الشهيد، قائلا إن شهداء مصر جميعهم مسلمين ومسيحيين، رجال ونساء، مدنيين أو من أفراد الجيش والشرطة ضحوا بأرواحهم معا في سبيل أن تحيا مصر ويحفظوا الوطن.

وأوضح الميري، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن ثورة 1919 هي نقلة نوعية في كفاح الشعب المصري تضافرت فيها مختلف التيارات والانتماءات التي جسدت الهوية المصرية بعد أن كانت قد اهترأت بفعل الاحتلال الإنجليزي لمصر وانقسمت على ذاتها في ولاءات مختلفة لقوى خارجية كالدولة العثمانية أو الفرنسيين أو الإنجليز.

وأضاف أن المصريين كانوا بحاجة شديدة إلى استعادة ذواتهم في الانتماء للهوية المصرية، مؤكدا أن هذا يعتبر أكبر مكاسب ثورة 1919، والتي كانت بمثابة استعادة للهوية المصرية وتعميقها في مختلف التيارات والفئات الفكرية والثقافية والمجتمعية والدينية.

وأكد أن الثورة كانت رمزا للشهداء أيضا والاستشهاد في سبيل الوطن فالمرأة قدمت روحها بجانب الرجل والجميع فداءا للوطن ومن أجل استقلاله ورفض الظلم الإنجليزي، موجها التحية لشهداء مصر الأبرار على مدار تاريخها.

 

ثورة شاملة

ومن جانبه، قال الدكتور أشرف مؤنس، أستاذ التاريخ الحديث ومدير مركز بحوث الشرق الأوسط للدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس، إن اليوم يواكب الذكرى المئوية لثورة 1919،والتي تعتبر ثورة شعبية وطنية خالصة وغير مسبوقة، حيث لم يسبقها ثورة في العالم كله ضد بريطانيا العظمى وقتها، والتي انطلقت في أعقاب الحرب العالمية الأولى.

وأوضح مؤنس، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن ثورة 1919 تمتاز بأن كل طوائف وفئات المجتمع المصري شاركوا فيها من العمال والفلاحين والطلبة والمثقفين والموظفين والأعيان والفقراء، المسلمين والمسيحيين، والمرأة والشيوخ وحتى أفراد الشرطة أو البوليس المصري كما عرف حينها.

وأضاف أن مشاركة كل عناصر المجتمع في هذه الثورة كانت من عوامل نجاحها، وكانت الأسباب المباشرة لاندلاعها هو اعتقال سعد زغلول ورفاقه ونفيهم، بعد مطالبتهم للمندوب السامي البريطاني في 13 نوفمبر 1918 عقب توقف الحرب العالمي الأولى، السماح لهم بالسفر لحضور مؤتمر الصلح في باريس.

وأشار إلى أن المعتمد البريطاني رفض السماح لهم بحجة أنهم غير موكلين من الشعب المصري، فبدأ سعد وقتها جمع التوكيلات من كل المصريين في كل عزبة أو قرية، لكن المعتمد البريطاني لم يعترف بها وتعنت ضد زغلول ورفاقه، حتى صدر قرار باعتقالهم في 8 مارس، وفي صباح اليوم التالي الأحد 9 مارس خرج الشعب احتجاجا.

وأكد أن هناك أسباب سياسية واقتصادية واجتماعية دفعت للثورة، كان أبرزها فرض الحماية البريطانية على مصر في ديسمبر 1914 بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى ببضعة أشهر وانضمام الدولة العثمانية لدول الوسط، مضيفا أن الحماية كان معناها عزل مصر عن الدولة العثمانية حيث وجد الشعب المصري أن بريطانيا توطد لوجودها في أرض مصر وليس لديها أية نية للرحيل بعكس ما ادعته منذ احتلالها لمصر 1882 بأن وجودها مؤقت.

وأضاف أستاذ التاريخ الحديث أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كان الشعب يأمل في الحصول على الاستقلال لكن بريطانيا تعنتت ورفضت منحه الاستقلال بعكس ما طالب به الرئيس الأمريكي الأسبق ويلسن بحق الدول الواقعة تحت الوجود العثماني في تقرير مصيرها في المبادئ الـ14 من الميثاق العالمي الذي تم الاتفاق عليه حينها.

أبرز مكاسبها

ولفت إلى أن الشعب المصري أيضا وجد بريطانيا تقوم بإلغاء الجيش والبحرية المصرية وتحل الجمعية التشريعية التي كان سعد زغلول وكيلها والتي كانت بمثابة البرلمان المصري، وهي كلها أسباب زادت من سخط الشعب على بريطانيا، فضلا عن تخفيض سعر القطن المصري وتقليل مساحات الأراضي المزروعة منه والتركيز على زراعة المحاصيل التي تفيد الجيش البريطاني واشتد الغلاء وزاد النفوذ البريطاني في البنوك والشركات.

وقال إن الفترة ما قبل الثورة أيضا شهدت نهضة أدبية وصحفية وحركة نسائية وزاد تنديد الشعراء والأدباء بالوجود البريطاني كأغاني سيد درويش، مضيفا أن كل تلك الأسباب دفعت الشعب للثورة في مثل هذا اليوم والتي استمرت لعدة أشهر وكان من أبرز نتائجها الإفراج عن سعد زغلول بعد شهر من نفيه.

وأضاف أن الثورة أدت أيضا إلى عزل المعتمد البريطاني وينجت وتعيين اللورد اللنبي، وكذلك إعطاء الإذن لسعد زغلول ورفاقه للسفر، فتوجهوا إلى لندن وباريس حيث كان مؤتمر الصلح قد انتهى لكنهم عبروا عن صوت مصر في الصحافة والبرلمان الأوروبي، وكذلك أدت لاستقلال الاقتصاد المصري بتأسيس طلعت حرب لبنك مصر.

وأوضح أن أبرز نتائجها أيضا صدور تصريح 28 فبراير عام 1922 والذي نص على إلغاء الحماية البريطانية والأحكام العرفية، وبعدها صدور دستور 1923 وبدء حقبة جديدة من الكفاح الوطني.

    Dr.Randa
    Dr.Radwa