برّأت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية
المستشارين رأفت زكي محمود، وعمرو قنديل، وأمانة سر حمدي الشناوي، أربعة متهمين في
القضية الرقمية 28938 لسنة 2018 جنايات الهرم، المقيدة برقم 2031 لسنة 2018 كلي جنوب
الجيزة، والمعروفة إعلاميًا بـ"إرهاب كنتاكي".
واستهل القاضي كلمته بتلاوة الآية الكريمة "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن
تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ۚ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا
بَصِيرًا".
وقال خلال الكلمة إن "القضاء هو الحارس للشرعية، والضامن للمشروعية،
فالحماية القانونية للحريات لا تكون بمجرد إصدار القوانين، وإنما بالتعرف على مبادئها
و تطبيقها، وهو ما لا يتحقق إلا بسلطة تكون أحكامها واجبة الاحترام من الجميع، حكامًا
ومحكومين ألا وهي السلطة القضائية".
وتابع القاضي كلمته بالقول: "إن الناس في حاجة إلى القضاء ما عاشوا،
وإذا ما فرض عليهم احترامه، وجب أن يؤمنوا بأنه محل ثقتهم، وموضع طمأنينتهم، فالقضاء
يقوم بدور اجتماعي حقيقي بإشاعة العدل بين الناس، فالعدل معنى جليل تطمئن له النفوس
وترتاح له الأفئدة، وهو صفة من صفات الله سبحانه وتعالى، ومبدأ أساسي دبر له الكون
وأسس عليه الوجود.. والقاضي لا يخضع في استخلاص كلمة القانون وتطبيقها لغير ضميره واقتناعه
الحر السليم، والقاضي لا يرتفع قدره برفعة وظيفته، ولا تتسم سماه بسناها، إلا إذا تمثلت
في نفسه فضائلها".
وضمير القاضي ليس أسطورة قديمة ولا تعويذة سحرية، وإنما هي ربيب التقاليد،
ونبع من أخلاقيات القضاء، والقسم الذي يؤديه القضاة بأن يحكموا بالعدل، فالإحساس بالمحاسبة
المعنوية لدى القاضي حي الضمير، يجعله أفضل رقيبًا على نفسه إنه يجعله متوهجًا، ويتيح
له أن يرى الأمور بوضوح إنه يعطيه الشجاعة، عندما يحتاج الأمر إلى شجاعة، ويعطيه الثقة
والثبات حتى عندما يكون وحيدا مع أعمق معتقداته.
وتابع: إن القاضي يحكم فى الدعوي حسب العقيدة التى تكونت لديه بكامل حريته،
ذلك أن أهم ما يقوم عليه الإثبات الجنائي هو ضرورة وصول القاضي إلى يقين للحكم بإدانة
المتهم فإذا لم يصل القاضي إلى هذا اليقين تعين عليه أن يحكم بالبراءة، واليقين المطلوب
ليس اليقين الشخصي للقاضي فحسب، وإنما هو اليقين القضائي، الذى يمكن أن يصل إليه الكافة،
ويكون متفقا مع العقل والمنطق، واليقين القضائي يقوم على عنصرين أحدهما شخصي والآخر
موضوعي، أما العنصر الشخصي فيتمثل فى ارتياح ضمير القاضي للإدانة، والعنصر الموضوعي
يعني أن يكون الدليل الذي أقنع القاضي هو أفضل دليل ممكن للبرهنة على ثبوت الواقعة،
فيقتنع به أي إنسان يتوفر لديه العقل والمنطق.
وأضاف القاضي، ووظيفة المحكمة هي إثبات الحقيقة بجميع صورها، وعليها أن
تبحث بنفسها من خلال إجراءات المحاكمة عن هذه الحقيقة، دون أن تجشم المتهم عبء إثبات
البراءة فهذه البراءة أمر مفترض ولا محل لإثباتها أمام المحكمة، وكل ما هو جدير بالبحث،
هو التحقق مما إذا كانت هناك أدلة كافية يمكنها أن تدحض هذه القرينة القانونية أم لا،
فإذا خلت الدعوى من دليل قاطع على صحة الاتهام فلا يلتزم المتهم بتقديم أي دليل على
براءته لأن الأصل فيه هو البراءة.
وذكر أنه لما كانت أوراق هذه الدعوى، تحتمل صورا شتى من التأويل والاحتمال،
وهى وإن كانت تصلح أساسا للاتهام إلا أنها لا تصلح وحدها أساسا للحكم بالإدانة، لأنها
لا تؤدي إلى اليقين القضائي، الذي يجب أن يتأكد بأدلة مباشرة أو غير مباشرة، إذ لا
يجوز الاستناد إلى الدلائل فى إثبات التهمة، ذلك أن الأحكام القضائية يجب أن تبني على
الجزم واليقين وكل حكم يبني على الدلائل وحدها هو حكم باطل، لأن اقتناع القاضي يكون
فى هذه الحالة مبنيا على الاحتمال لا على اليقين.. الحقَ ننشدُ لا سواه، فأن بدا وأزيل
ما غشى وكان ملثما نقولها صراحة، يا ذئب يوسف، ما سفكت له دما، وبعد الاطلاع على المادتين
304/1، و384/1، من قانون الإجراءات الجنائية، حكمت المحكمة حضوريا للأول وغيابيا للباقين،
ببراءة كل من، حسان حسانين حسين محمد، وعمر عطية عبدالفتاح، وعاصم حامد السيد، وعبدالرحمن
أسامة فؤاد.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشار رأفت زكي
محمود، وعمرو قنديل، وأمانة حمدي الشناوي.
ترجع وقائع القضية إلى 27 يناير 2015 بدائرة قسم الهرم محافظة الجيزة،
حيث أسندت النيابة للمتهمين أنهم قاموا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية وعقدوا
العزم على قتل كل من يتصادف وجوده بداخل المطعم المشار إليه، وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة
النارية والبيضاء، وتوجهوا إلى المطعم الذي يرتاده العامة وأطلقوا وابلًا من الأعيرة
النارية والخرطوش وأدوات تستعمل فى الاعتداء على الأشخاص، قاصدين تنفيذ غرض إرهابي.