سجل عدد القتلى المدنيين في أفغانستان تزايدا في الفترة الأخيرة نتيجة اقتراب موسم الاقتتال المعتاد في الربيع من ناحية، وتعثر عملية السلام من ناحية أخرى، مما أدى إلى زيادة المخاوف من حدوث أسوأ سيناريو في بلد مزقته الحرب المستمرة منذ 18 عاما.
ويعد عيد النيروز بداية التقويم الشمسي الهجري الأفغاني (بداية العام الفارسي)، ويعتبر هذا اليوم آخر أيام الشتاء القارس، وأول فصل الربيع، ما يعني بداية موسم قتال جديد في بلد مزقته سنوات الحرب الطوال.
وعلى الرغم من الحماس الواضح من جانب الولايات المتحدة لإجراء محادثات مع حركة "طالبان" لإنهاء أطول حرب أمريكية في عامها الثامن عشر، تبنت الأطراف المتحاربة في أفغانستان بشكل واضح موقفا هجوميا شرسا لفرض سيطرتها على المشهد.
وبينما نجحت "طالبان" في تنفيذ هجمات منسقة واسعة النطاق خاصة في الأجزاء الشمالية المجهولة، دخلت القوات الأفغانية المدعومة من القوات الجوية الأمريكية معاقل الحركة في الجنوب من خلال عمليات التطهير المتصاعدة على الأرض ومن الجو.
وتشير الأرقام إلى مقتل أكثر من 90 مدني، في شهر مارس وحده، سقطوا إما في مناطق الاقتتال أو نتيجة الغارات الجوية أو في انفجار عبوات ناسفة.
وأعربت جهات من بينها بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة.
وقالت البعثة في تغريدة على حسابها في موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي " نشعر بالقلق إزاء ارتفاع عدد القتلى بين المدنيين في العمليات البرية والجوية المشتركة بين القوات الأفغانية والأجنبية.. وما زال هناك الكثير مما يجب القيام به وبسرعة لحقن دماء المدنيين المتزايدة في أفغانستان".
و أشار المحلل عتيق رحمان إلى أنه على عكس الكثير من أسلافه، فإن وزير الدفاع الجديد أسد الله خالد أكثر تحمسًا لملاحقته للمتمردين.
وأضاف رحمان "من دون شك، عادت الاشتباكات المسلحة والغارات الجوية والعمليات الليلية بكامل قوتها ضد المتمردين، الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى ارتفاع عدد الضحايا المدنيين والخوف بين المتمردين".
عمل خالد حاكماً في عدد من المحافظات الجنوبية المضطربة، كما شغل منصب رئيس الاستخبارات في البلاد قبل منصبه الحالي، كما أنه نجا من عدة محاولات اغتيال أيضا.
وقال خالد، في خطاب ألقاه عند توليه المنصب في وقت سابق من العام الجاري، أمام حشد من الجنود بأن مهمتهم لن تكون فقط في وضع دفاعي لإحباط هجمات المتمردين.
وتوعد قائلا: "لفترة طويلة ، كانت قواتنا تحمل شعار" سار واركاو، سانجار نا واركاو" في لغة الباشتو أي " سنموت ، لكن لن نستسلم "، لكن مع كل الاحترام لهذا الشعار القديم منذ الآن و صاعدا سيكون شعارنا الجديد " سار يي واهو ، سانجار تري نيس " في الباشتو أي " سنقتلهم ، ونسيطر على معاقلهم".
وكثفت القوات الأفغانية عملياتها الليلية وكذلك الغارات الجوية.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان قد صنفت العام الماضي بأنه الأكثر دموية في الصراع الأفغاني.
مع رقم قياسي بلغ 3 آلاف 804 قتلى مدنيين في عام 2018، وهو مؤشر واضح على تصاعد العنف، دعت الأمم المتحدة إلى الحاجة الماسة إلى اغتنام الفرص لتحقيق السلام.
وأظهرت الأرقام انخفاضًا نسبيًا في أرقام الضحايا في فبراير الماضي، عندما قُتل ما لا يقل عن 700 شخص، من المدنيين وقوات الأمن والمسلحين - مقابل أكثر من 900 شخص من جميع الأطراف في يناير الماضي.
وصرح ليام ماكدول، مدير الاتصالات الاستراتيجية في بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان بأن تأثير النزاع على المدنيين يثير قلقًا عميقًا.
وقال ماكدول لقد "شهد عام 2018 أعلى عدد قتلى مدنيين تم تسجيله على الإطلاق.. جميع الأطراف مسئولة عن وقوع إصابات بين المدنيين، حيث تتحمل "طالبان" وتنظيم "داعش" المسئولية عن حوالي ثلثي القتلى أو الجرحى من غير المقاتلين".
وكشف مسئول في الأمم المتحدة بأن "عدد الضحايا المدنيين نتيجة الغارات الجوية أيضا ارتفع".
وفي العام الماضي، وثقت الأمم المتحدة ارتفاعًا حادًا في عدد المدنيين الذين قتلوا أو جرحوا من جراء العمليات الجوية التي شنتها القوات الدولية بالاشتراك مع القوات الأفغانية.
وتسببت العمليات الجوية في أقل من 10 في المئة من إجمالي الضحايا المدنيين في عام 2018، ولكن رغم ذلك قد ترتفع هذه الأرقام ، بحسب المصدر نفسه.
ومن المقرر أن تستأنف الولايات المتحدة و"طالبان" محادثات السلام في الدوحة في قطر في وقت لاحق من الشهر الجاري دون أي علامات واضحة على مشاركة الحكومة الأفغانية في المفاوضات.