وصف خبراء سياسيون إشادة رئيس الوزراء اللبناني بالتجربة المصرية بأنها كانت رسالة واضحة للجميع بضرورة الإصلاح لتحقيق الاستقرار، موضحين أنها ليست المرة الأولى لكنها جاءت في توقيت هام أمام منتدى اقتصادي هام، وعكست رغبته في الاستفادة من التجربة المصرية ونقل خبراتها لأن تلك التجربة ملهمة وحققت إنجازات ليس فقط في مجال مكافحة الإرهاب إنما على مستوى المشروعات وحجم الإنجازات.

حيث أعرب رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عن قناعة قيادة بلاده بضرورة تحقيق إصلاحات، رغم الصعوبات، لصالح المواطنين بأسرهم، مؤكدا أن لبنان يتطلع إلى تحقيق ما أنجزته مصر في هذا المجال، مضيفا خلال كلمته الافتتاحية للدورة الـ27 من "منتدى الاقتصاد العربي" في بيروت، بحضور رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن المرحلة التي يمر بها حاليا العالم العربي تتطلب من دول المنطقة رفع مستوى التواصل وتعزيز التعاون بينها، مؤكدا أن أكبر تحد مشترك يواجه الدول العربية هو كيفية تحفيز النمو وتنويع مصادره لإيجاد فرص عمل جديدة للشباب.

وشدد رئيس الوزراء اللبناني على أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه دون الإصلاحات التي تهدف إلى تطوير الاقتصادات الوطنية وتحديثها، مضيفا: "يجب علينا تحديث قوانيننا في لبنان، وعلينا الاستفادة من التجربة المصرية في القطاعات كافة، مشيدا بـ"التطور الكبير" الذي شهدته مصر في مختلف المجالات منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، قائلا إن لبنان يتطلع إلى تحقيق نفس الهدف، وإلا فإن البلاد تظل مهددة بالسقوط اقتصاديا.

 

تجربة ملهمة

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن التجربة المصرية ملهمة لعدد من الدول العربية ومن بينها لبنان، وأشاد بها العديد من المسئولين بالدول العربية منهم الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قبل أشهر وأكد أن مصر تشهد تحولا سياسيا واقتصاديا وتجربة جيدة في الإصلاح.

وأكد فهمي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن العلاقات المصرية اللبنانية جيدة ومتنامية بعد ما أنجزته مصر من خطواته لدعم الدول العربية وتحديدا لبنان الذي شهد حالة من عدم الاستقرار، مضيفا أن إشادة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري بالتجربة المصرية ليست الأولى حيث تناشد الحكومة اللبنانية والقوى السياسية هناك مصر أن يكون لها دورا في الداخل اللبناني.

وأضاف أن هذا التصريح يؤكد أن التجربة المصرية ملهمة ويمكن تطبيقها على الداخل اللبناني الذي يشهد حالة من عدم الاستقرار والتجاذب المجتمعي، مؤكدا أن التجربة المصرية لا تقتصر فقط على ملف مكافحة الإرهاب إنما شرعية الإنجاز من خلال حجم المشروعات القومية التنموية التي تم إنجازها والاعتراف الدولي بذلك.

وأوضح أن التجربة المصرية رائدة وانعكست في مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في لقاءات متعددة على مستوى العالم كان آخرها منتدى الحزام والطريق بالصين قبل أيام، وسبقها الكثير من الفعاليات في كافة المحافل الدولية ودول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، حيث تشهد التجربة المصرية إشادة دولية وعربية.

وأشار إلى أن انعقاد اللجنة المصرية اللبنانية وزيارة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء تعكس حرص الدولتين على تطوير وتنمية العلاقات الثنائية، حيث شهدت الزيارة توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين، مما يؤكد رغبة رجال الأعمال اللبنانيين الاستفادة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر والدخول للسوق المصري.

 

نقل الخبرات المصرية

ومن جانبه، قال طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن زيارة الدكتور مصطفى مدبولي إلى لبنان تعكس عمق علاقات البلدين ورغبتيهما في استمرارية تنسيق المواقف بينهما، حيث تنعقد أعمال اللجنة المصرية اللبنانية، والتقي خلالها مدبولي بكافة المسئولين في بيروت ومنهم الرئيس اللبناني ميشيل عون، وكذلك سعد الحريري رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري.

 

وأوضح البرديسي، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن تصريح الحريري بشأن التجربة المصرية وضرورة السعي لتطبيقها لتجنب السقوط الاقتصادي في لبنان، يعكس رغبة لبنان في الاستفادة من تجربة مصر الإصلاحية ونقل تلك الخبرات باعتبارها مخزوناً معرفياً عربياً للكل لا تبخل به مصر على أشقائها.

 

وأكد أن أبرز نجاحات التجربة المصرية المشروعات القومية والطرق والبنية التحتية والإشادة الدولية بإجراءات الإصلاح الاقتصادي، حيث أن البنية التحتية من الطرق والمرافق تكون جاذبة للاستثمار، وكذلك البنية التشريعية المناسبة، كلها تعتبر نجاحات تحملها الشعب المصري بكل بطولة، ويمكن تطبيقها في لبنان.

وأضاف أن اللقاء على مستوى رئيسي وزراء الدولتين يؤشر بإرادة البلدين في الدخول مباشرة لمرحلة التنفيذ المباشر والسريع للاتفاقات والتفاهمات الإطارية وما سينبثق عنها من صيغ ومشاريع مباشرة.

 

رسالة واضحة بضرورة الإصلاح

فيما قال السفير نبيل بدر، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري أشاد بمصر وإنجازاتها في العديد من المرات، وتأتي إشادته بالتجربة الإصلاحية المصرية أمس وضرورة تطبيقها وإلا سيظل لبنان مهددا بالسقوط مختلفة لأنها كانت أمام هذا المؤتمر الاقتصادي الهام وكانت الرسالة واضحة.

وأوضح بدر، في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الرسالة وصلت للجميع داخل بشأن قيمة التجربة المصرية ودلالتها وأهمية الاستفادة منها في كافة المجالات، مشيرا إلى وجود عوامل مشتركة بين البلدين وهي الاستقرار السياسية وتأثيره في استقرار الوضع الاقتصادي وكذلك الجانب الأمني وانعكاسه على الاستثمارات والنشاط الاقتصادي بشكل عام وخاصة السياحة.

وأضاف أن كل من مصر ولبنان يسعى إلى الانفتاح الاقتصادي ويمكن لبيروت الاستفادة من التجربة المصرية على مستوى خبرة الإصلاحات الاقتصادية بما يحقق صالح الاقتصاد اللبناني، باتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة وأن يحسم قدرته على تحمل أعباء تلك الإصلاحات داخليا وخارجيا.

وأشار إلى أن ما صرح به سعد الحريري يؤكد ضرورة الإقدام على إصلاحات  اقتصادية ومدى استعداد الداخل اللبناني على تحملها، وكذلك قيمة الاستقرار السياسي والأمني والانفتاح الإيجابي الذي يمكن أن تستفيد منه لبنان من التجربة المصرية.