نظَّمت جامعة "جولالونجكورن" -أكبر جامعة في العاصمة التايلاندية بانكوك- محاضرة عامة على شرف الدكتور شوقي علام -مفتى الجمهورية- حول الإسلام الصحيح وتجربة دار الإفتاء في مكافحة التطرُّف والإرهاب.
وأكد مفتي الجمهورية في محاضرته على أن العالم العربي والإسلامي، بل العالم أجمع، أصبح يمر بتحديات كبرى من أخطرها بُروز تياراتٍ تتَبنَّى فِكرًا متطرفًا يُعادِي الأُممَ والشعوب، مشيرًا إلى أن هذا الفكر قد بُـنِـيَ على مجموعةٍ من الآراءِ والفتاوَى الشاذَّةِ البعيدةِ عنِ المنهجِ الإسلاميِّ السَّمْح، الذي أهم خصائصه أنه دين رحمة وهداية للناس أجمعين، فالقرآن الكريم مبدوء في أول سورة منه بالحمد لله رب العالمين، وقد وصف الله سبحانه وتعالى النبي ﷺ بقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107].
وأوضح فضيلة المفتي أن مواجهة هذه التحديات لا تكون بالعمل العشوائي أو الارتجالي، وإنما بعمل مبنيٍّ على برامج فكرية وعملية شاملة ومتكاملة، يأتي بعد أهداف وخطط وأساليب واستراتيجيات ومتطلبات مادية وبشرية، تشمل مؤسسات المجتمع كافة.
وأشار فضيلته إلى أن مصر حملت لواء الاعتدال والتجديد والاستنارة بكعبة العلم المتمثلة في الأزهر الشريف، الذي سيظل حصنًا حصينًا أمام موجات التطرف والعنف ودعوات التفريق والتشرذم بكل صورها.
وشدَّد فضيلة المفتي على أنه على جميع المسلمين شرقًا وغربًا أن يتضامنوا ويتحدوا صفًّا واحدًا على مشروع الإسلام الوسطي الذي تحمله المؤسسات الدينية العريقة.
ولفت إلى أن الإسلام الوسطي المعتدل المتسامح الذي فتح مكة هو إسلام الرحمة الذي قاده الشعار الذي أطلقه النبي ﷺ لأعدائه: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وليس إسلام الخوارج قديمًا وحديثًا الذين نشروا الفوضى وأسالوا الدماء وخرجوا كل يوم بكلام شاذٍّ أخرق منكر يمزق وحدة الأوطان ويفرق الصف ويزيد انشغاله ويلفت انتباهه إلى سفاسف الأمور وتوافه الأفكار وغرائب الأقوال، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه بحال.
وقال فضيلة المفتي: "سيأتي اليوم الذي يعود فيه هذا الإسلام إلى الصدارة، حين تلتفُّ الشعوب حول العلماء الوسطيين وترى فيهم الممثلين الحقيقيين للإسلام. ولن يكون ذلك إلا بعد أن تنكشف حقيقة كل ناعق باسم الإسلام، وبعد أن تنكشف للشعوب حقائق هذه التيارات والجماعات الطائفية".
وأضاف: "إننا في دار الإفتاء المصرية وفي "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم" نعمل على إيجاد منظومة علمية وتأهيلية للقيادات المسلمة في العالم، يكون من شأنها تجديد منظومة الفتاوى التي يستعين بها المسلم على العيش في وطنه وزمانه، كما تُرسِّخُ عنده قيمَ الوسطية والتعايش".
وأشار فضيلته إلى أن الدار أنشأت أول مرصد في العالم يرصد الفتاوى الشاذة على مدار الساعة للتصدي لهذه الأفكار المسمومة، وتنبهت لأهمية الفضاء الإلكتروني حيث أوجدنا منظومة متكاملة لتحصين الشباب من الفكر المتطرف، وأصدرت كذلك أول مجلة إلكترونية للرد على مجلة "دابق" الصادرة باللغة الإنجليزية التي يصدرها "داعش" المتطرف.