السبت 23 نوفمبر 2024

تحقيقات

الرئيس السيسي يطلق خلال زيارته إلى النيجر اتفاقية التجارة الحرة القارية التي أقرتها برلمانات 24 دولة أفريقية.. ويعقد اجتماعا تنسيقيا لقادة القارة بـ"نيامي"

  • 6-7-2019 | 15:56

طباعة

أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن الزيارة التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسي لجمهورية النيجر تعد زيارة استثنائية، حيث سيتم إطلاق اتفاقية التجارة الحرة القارية التي أقرتها برلمانات 24 دولة أفريقية من إجمالي 52 دولة موقعة عليها ودخلت حيز التنفيذ فى الثلاثين من مايو الماضي، وهو يعد حدثا تاريخيا لأفريقيا تحت رئاسة مصر.

وذكرت الهيئة - في تقرير لها - أن الزيارة تأتي في سياق اهتمام السياسة المصرية في السنوات الأخيرة بتعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية، وهو الاهتمام الذي تضاعف مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي اعتبارا من العاشر من شهر فبراير الماضي.

وقال التقرير "إن الرئيس السيسي، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، سيحضر اجتماعا تنسيقيا لقادة أفريقيا، طبقاً لما أعلنه الرئيس في 11 فبراير الماضي في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا عقب تسلمه رئاسة الاتحاد الأفريقي، حيث قال إن هذا العام هو الأول الذي لن يشهد قمة صيفية لقادة الاتحاد الأفريقي، والتي سيستعاض عنها باجتماع تنسيقي على مستوى القادة بنيامي عاصمة دولة النيجر، بدعوة من الرئيس محمد أيسوفو رئيس النيجر".

وأضاف الرئيس السيسي، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد بقاعة نيلسون مانديلا بمقر الاتحاد الأفريقي لإعلان توصيات القمة الأفريقية "سيركز الاجتماع التنسيقي على النهوض بالتعاون الإقليمي، ويعقد على مستوى القمة بين ترويكا إدارة الاتحاد ورؤساء التجمعات الإقليمية الاقتصادية".

وتهدف منطقة التجارة الحرة القارية لزيادة حجم التجارة البينية الأفريقية من 17% إلى 60% بحلول عام 2022، وتقليص السلع المستوردة بشكل رئيسي وبناء القدرات التصنيعية والإنتاجية وتعزيز مشروعات البنية التحتية بالقارة الأفريقية.

 

مصر والنيجر

وذكر تقرير هيئة الاستعلامات أنه على المستوى الثنائي، فإن لقاء الرئيس السيسي برئيس النيجر محمد إيسوفو ليس هو اللقاء الأول، حيث سبق أن عقد الرئيسان لقاء قمة بينهما في أكتوبر عام 2015 في العاصمة الهندية نيودلهي على هامش مشاركتهما في أعمال القمة الثالثة لمنتدى "الهند - أفريقيا" بنيودلهي، كما قام رئيس النيجر بزيارة لمصر عام 2018، شارك خلالها في منتدى أفريقيا بشرم الشيخ.

 

علاقات متجذرة

وتعود العلاقات بين مصر والنيجر في العصر الحديث إلى أكثر من نصف قرن، حيث ساندت مصر النيجر وأيدت حصولها على استقلالها من الاحتلال الفرنسي مثلما وقفت دوما مع كافة حركات التحرر الأفريقية، وكان الرئيس الأول للنيجر وقائد استقلالها الحاج هاماني ديوري صديقا مقربا من الزعيم جمال عبد الناصر، حيث قام ديوري بزيارة تاريخية إلى مصر عقب استقلال بلاده، عبر خلالها عن اعتزاز بلاده بالروابط التاريخية القديمة مع مصر، والرغبة في استعادتها بعدما عزل الاستعمار الفرنسي النيجر سنوات طويلة عن بقية شعوب القارة.. وأكد الرئيسان تأييدهما المطلق لكافة الشعوب الأفريقية التي تناضل من أجل الاستقلال.

وقد بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مصر والنيجر عام 1969، حيث افتتحت مصر سفارتها على مستوى القائم بالأعمال، ثم تم رفع مستوى التمثيل على مستوى السفراء عام 1973، وتم تعيين سفير للنيجر بالقاهرة عام 1976.

وطبقاً لتقرير هيئة الاستعلامات، فقد قامت النيجر خلال حرب أكتوبر 1973، تنفيذا لقرار دول منظمة الوحدة الأفريقية، بقطع العلاقات مع إسرائيل.. وعن العلاقات بين الدولتين يقول سلام الموجري الكاتب والباحث بالنيجر "إن النيجر تربطها علاقات إخاء وتعاون بمصر منذ فجر الاستقلال عن فرنسا في العام 1960، وآثار مصر وأياديها البيضاء شاهدة في النيجر على عمق ومتانة هذه العلاقة، وبرج النصر (مملوك لشركة النصر للاستيراد والتصدير المصرية) في قلب العاصمة نيامي والذي تم تدشينه عام 1967 لأكبر دليل، وكان أعلى مبنى في عموم النيجر وليس في نيامي فقط، والنيجر تأمل الخير الكثير والنجاح الكبير لمصر في هذه الفترة المهمة والحساسة".

وأضاف "تأمل النيجر من مصر خلال رئاستها للاتحاد الأفريقي خلال عام 2019، معالجة القضايا العالقة وتلبية تطلعات الأمة الأفريقية بمزيد من الاندماج وإزالة العقبات أمام مصالح ومنافع شعوب أفريقيا".

وفي السنوات الأخيرة، توطدت العلاقات بين مصر والنيجر، وتوالت الاتصالات بين البلدين، كان أبرزها اللقاءات المتتالية بين الرئيسين السيسي وإيسوفو، ففي 27 أكتوبر 2015 التقى الرئيس السيسي برئيس جمهورية النيجر محمد إيسوفو، وذلك على هامش مشاركتهما في أعمال القمة الثالثة لمنتدى "الهند - أفريقيا" بنيودلهي، وخلال اللقاء أعرب رئيس النيجر عن تطلع بلاده لتطوير العلاقات الثنائية مع مصر في كافة المجالات، كما أعرب عن تقدير بلاده للدعم الفني الذي تقدمه مصر في مجالات التدريب وبناء القدرات، منوهاً بالدور الذي يقوم به الأزهر الشريف في تعزيز الروابط الثقافية بين البلدين.

ومن جانبه، أكد الرئيس السيسي حرص مصر على المساهمة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في النيجر، معربا عن استعداد مصر لاستقبال مزيد من الكوادر النيجرية للمشاركة في برامج بناء القدرات التي تشرف على تنفيذها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في المجالات المختلفة، وذلك وفقا لاحتياجات الجانب النيجري.

وعلى صعيد مكافحة الإرهاب، أكد الرئيس السيسي وقوف مصر إلى جانب النيجر وإدانتها للأعمال الإرهابية التي تتعرض لها، مشيرا إلى أهمية تعزيز الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، الذي يمثل تحدياً مشتركا للبلدين في الوقت الراهن، مشيدًا بدور الأزهر الشريف في نشر تعاليم الإسلام السمحة ومواجهة الأفكار المتطرفة والتيارات التكفيرية.

كما تطرق اللقاء إلى الأوضاع الإقليمية في المنطقة، حيث أشار الرئيس إيسوفو إلى حرص النيجر على التنسيق مع مصر بشأن أهم القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما يتعلق بانعكاسات الأوضاع الأمنية في ليبيا على الأمن القومي للبلدين باعتبارهما دولتي جوار مباشر لليبيا.

وفي ديسمبر 2018، شارك رئيس جمهورية النيجر محمد إيسوفو في منتدى "أفريقيا 2018" بشرم الشيخ، ووجه فى كلمته خلال افتتاح المنتدى التحية للرئيس السيسى والقيادة المصرية لتنظيم وعقد منتدى أفريقيا لعام 2018، مثمنا فى الوقت ذاته فكرة إنشاء المنطقة الحرة للتجارة الأفريقية، وذلك بعد عملية طويلة من المفاوضات، مضيفًا أن هذا التجمع يُعد فرصة كبيرة لإرساء أسس تحقيق التكامل والنجاح في أفريقيا.

وفى مارس 2016، استقبل الرئيس السيسي وزيرة خارجية النيجر عائشة بومالا.. وقد سلمت حينها الرئيس السيسى رسالة من رئيس النيجر وجه له خلالها الدعوة لحضور حفل تنصيبه، ونوهت الوزيرة بحرص الرئيس النيجري على إيفادها لتسليم الرسالة للرئيس السيسي تعبيرا عن عميق تقديره واحترامه للقيادة السياسية المصرية، وما حققته من إنجازات سياسية واقتصادية خلال فترة وجيزة.. وقد رحب الرئيس السيسي بوزيرة خارجية النيجر، وطلب نقل تحياته وتهنئته للرئيس النيجري محمد إيسوفو بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية، مؤكدا حرص مصر على المشاركة في حفل التنصيب بوفد رفيع المستوى.

وحرص الرئيس إيسوفو على لقاء فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف خلال مشاركته بمؤتمر السلام العالمي الذى عُقد في سبتمبر 2017 فى مدينة مونستر بألمانيا، وأشاد إيسوفو خلاله بخطاب فضيلة الإمام الأكبر في مؤتمر "طرق السلام"، مقدرا حديث فضيلته عن المسلمين، كما وجه رئيس النيجر الدعوة لشيخ الأزهر لزيارة بلاده.

كما التقى وزير الخارجية سامح شكري مع وزير خارجية النيجر كالا أنكوراو على هامش الاجتماعات التمهيدية للقمة الأفريقية الاستثنائية المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال الفترة من 14 إلى 18 نوفمبر 2018، لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا الأفريقية ذات الاهتمام المشترك، وأشاد الوزير سامح شكرى بالعلاقات التاريخية بين مصر والنيجر، معربا عن تقدير مصر للأهمية الكبيرة التى تحتلها النيجر في منطقة الساحل الأفريقى ذات الاتصال المباشر بالأمن القومى المصري، فضلا عن موضوعات الاتحاد الأفريقي.

كما ثمن شكرى الجهود التى تقوم بها حكومة النيجر لإنعاش اقتصاد بلادها، وتشجيع الاستثمار، مشيرا في هذا الصدد إلى استعداد مصر للمساهمة في اقتصاد النيجر من خلال الشركات المصرية العاملة في الدول الأفريقية، كما أكد اهتمام مصر بالتعاون مع الأشقاء في النيجر في مجال بناء القدرات، كما أكد على اهتمام مصر بتعزيز التعاون مع الأشقاء في النيجر فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة بمنطقة الساحل، مستعرضا الجهود المصرية في هذا الشأن.

 

علاقات تجارية واقتصادية

تناول تقرير الهيئة العامة للاستعلامات العلاقات التجارية بين مصر والنيجر، مشيرا إلى أن السيارات ومستلزماتها تتصدر واردات النيجر من مصر، ثم المخصبات الزراعية والزيوت والعطور، والمعدات الطبية وغيرها.

ويأمل البلدان خلال الفترة القادمة في مضاعفة حجم التجارة بينهما، والتي لا ترقى إلى العلاقات والقواسم الكبيرة المشتركة بين البلدين، حيث يجمعهما عضوية العديد من المنظمات والاتحادات الدولية والإقليمية، كما أن النيجر عضو أساسي في مفوضية الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا (الايموا)، والذي يُعد أحد أهم محاور التوجه المصري لتدعيم العلاقات الاقتصادية من خلال بوابة غرب أفريقيا، كما أن النيجر عضو في الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، والذي تتمتع فيه مصر بصفة عضو مراقب.

    الاكثر قراءة